السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته
ــــــ الصبر أصل تفرعت منه فروع البرّ و الإحسان , و أسٌ بنيت عليه قواعد الطاعة و الإيمان , و هو حصن منيع المكان , مشيد البنيان , و جنة واقية و عزّة باقية , و قطب كل الأمور , و عليه جميع الأحوال تدور . فليس شيئ من الفضل الاّ و الصبر سببه و اليه منتسبه , قال تعالى :
(أولائك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا.انما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب) .
و قال عليه الصلاة و السلام :
(الصبر كنز من كنوز الجنة) .
و جميع خلال الخير , و خصال البرّ و أحوال الطاعة , و ما جعل الله في الإنسان من حسن الشيّم , و كرم الأخلاق , و أسباب الديانة و داعي الإيمان , انما هي كلها مرتبة بالصبر , كيفما ما تأملتها و على أي حال تدبرتها , فحينئذٍ جميع أحوال الدنيا كلها من السرّاء و الضرّاء مفتقرة الى الصبر , راجعة اليه سواء كانت النفس راضية اليه أم كارهة له .
و أما القنوط "اليأس" فهو خلّة ذميمة و خصلة سقيمة , يوهن قويّ الجسمية و يميت القلب , و يعظم الخطب و يضعف النفس و يورث اللبس و يدل على الفساد الطبيعية و يبعث على مخالفة الشريعة , و لا يسكن الاّ القلوب المعتلة , و لا يألف الاّ العقول المختلة , فويل للهلوع الجزوع !! ما أتعس حياته , و ما أكثر آفاته , يقل صبره لما ينزل , و يسوء ظنه بما يستقبل فلا يزال أخ فكر و وجل , عمره متصل بالنكد و الخجل ,و قال لقمان لإبنه :
(و أصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور) .
فان الإنسان اذا أطاع نفسه و أهملها و أسلمها ليدّ الجزع , و أغفلها و لم يحملها على الصبر فيما دهمها فقد بخسها حقها و أحرمها و هانت عليه و ما أكرمها , فسكنت الى الجزع و امتنعت من السلوان - و قال الحكماء : من قلّ صبره , و عظم عليه أمره , و ضاق عن حمل ما نزل به صدره , تبين كفره __لأن لا يأس مع الحياة , و لا حياة مع اليأس .
ضجر الفتى في الحادثات مذمة
و الصبر أليق بالرجال و أوفق
المفضلات