*سخر الكاتب الفرنسي بول بورجييه مرة من الأمريكيين بقوله :"إن الأمريكي حين يجد متسعا من الوقت فإنه يبحث عن أصوله وأصل جدوده ".
ولما قرأ الكاتب الأمريكي مارك توين ما قاله بورجييه أجاب "هذا صحيح ...لكن الفرنسي يقضي كل وقته للبحث عمن هو أبوه"!

*تقدم برنارد شو في حفل أرستقراطي الى سيدة جميلة وطلب منها مراقصته لكنها رفضت وهنا سألها شو عن السبب فقالت ساخرة منه وبترفع :"لا أرقص إلا مع رجل له مستقبل"...
وبعد قليل عادت المرأة الى شو تسأله بدافع الفضول عن سبب إختياره لها بالذات ..فقال :"لأني لا أرقص إلا مع امرأة لها ماضي!".




*رد مفحم
عير أعرابي ابنه بأن أمه " أمة" .. فقال له ابنه:
" هي والله خير منك.. لأنها أحسنت الاختيار فولدتني من حر .. أما أنت فقد أسأت الاختيار فولدتني من أمة".

*فوائد الفشل
كان اديسون يقوم بأبحاثه وتجاربه الخاصة بأحد اختراعاته، فلاحظ معانون في المعمل أنه أجرى أكثر من مائة تجربة انتهت كلها بالفشل، ومع ذلك يصر على الاستمرار ، وسألوه: "ما فائدة هذه المحاولات؟" فقال : " فائدتها أننا عرفنا أكثر من مائة طريقة .. لا تؤدي الى الغرض المنشود".

*وصيته الأخيرة
أحس أحد الروائيين بقرب منيته، وكان لا يملك شيئاً، لان أحد الناشرين اختار بيع مؤلفاته، فلما سألته زوجته عما يجب أن يوصي به، قال لها: " أرجو أن يحرق جسدي بعد مماتي وأن تحتفظي بالرماد المتخلف من ذلك لذره في عيني الناشر.

 سئل العالم "شارلز كترنج" : لماذا تتحدث كثيراً عن المستقبل؟ فأجاب : لأنني سأقضي بقية حياتي فيه.

* عندما كان أشعب صبياً .. حدث مرة أن كان والي الحجاز سائراً في الطريق فسأله :
- هل تعرف القراءة يا غلام
فقال : نعم
فسأله أن يقول شيئاً،
فقال : انا فتحنا لك فتحاً مبيناً
فسر الأمير من هذا الجواب وأعطاه ديناراً .. فرفض الصبي أشعب أن يقبل الدينار ، فسأله الأمير عن سبب رفضه، فقال أشعب:
- أخاف أن يضربني أبي
فقال الأمير : قل له أن الأمير هو الذي أعطاك الدينار
فقال أشعب : انه لن يصدقني ..
- ولماذا
فسكت الغلام لحظة ، ثم قال :
- لان هذه ليست عطية الملوك.

* الرد الخالص
من المأثور عن " الرئيس ترومان" انه حينما كان نائباً للرئيس روزفلت، حدث أن وقف أمام أحد القضاة الشهادة في إحدى القضايا، وكان القاضي فظاً ضيق الصدر، فلما افاض " ترومان" في سرد معلوماته تضايق منه وصاح فيه:
- مستر ترومان.. اجئت هنا لتعلمني القانون؟
فأجابه ترومان بكل هدوء :
- لا .. لأنني لا أستطع عمل المعجزات!!؟

* نقد .. ونقد النقد
لما كتب الفيلسوف الألماني " شوبنهور " كتاب " العالم كإرادة وفكرة" تلقاه القراء بفتور وعدم مبالاة .. وسمع شوبنهور أحد النقاد يطعن في الكتاب أمامه، فقاله على الأثر :
- أن هذه الكتب مثلها مثل المرآة، اذا نظر فيها حمار فلا يتوقع أن يرى وجه ملاك.


* انتقام فنان
طلب ثري " بخيل" من أحد الرسامين أن يرسم له لوحة ضخمة تمثل فاجعة غرق جيش فرعون في البحر الأحمر أيام النبي موسى عليه السلام، لكنه ظل يساوم الرسام على أجره بإلحاح، حتى قبل هذا أخيراً نصف الأجر الذي تستحقه اللوحة.
وبعد يومين فاجأ الرسام الثري البخيل بقوله : أن الصورة قد تمت.
فلما رفع الستار عنها، لم ير البخيل غير لوحة مدهونة باللون الأحمر، وليس بها أي رسم ، فصاح في الرسام:
- ما هذا ؟ لقد طلبت منظراً للبحر الأحمر.
- ها هو البحر الأحمر أمامك.
- وأين بنو إسرائيل؟
- عبروه..!!
- وأين جنود فرعون؟
- غرقوا…

*سئل " لنكولن" مرة أن يعرف " الدبلوماسية"، فأجاب بعد تفكير:
احسب إنها المقدرة على وصف الآخرين كما يرون أنفسهم، ومعاملتهم بما يحبون أن يعاملوا به".

* إمبراطور وشاعر
قضى الفيلسوف " فولتير" وقتاً في قصر الإمبراطور فريدريك الأكبر ملك بروسيا، وكان فريدريك يميل الى قرض الشعر وينظم قصائد ركيكة، ثم يعطيها للأديب الكبير كي يقّوم أبياتها، فلما اختلفا فيها بينهما قرر الملك طرده وهو يقول : سوف نقذف بقشرة البرتقال بعد أن اعتصرناها " فقال فوليتر على الفور وهو يشير الى تنقيحه لشعر الإمبراطور : " لقد كنت أغسل للإمبراطور ملابسه القذرة".

* غرور الأديب
دعي جورج برناردشو الى حفلة، وانزوى مع شابة جميلة في مكان ما يتحدثان فيه، وبعد انقضاء ساعة ظل يتحدث خلالها مدحاً في نفسه وفي عمله التفت الى الشابة وقال : لقد أطلنا الحديث عني الى ما فيه الكفاية، وجاء دورك لتحدثيني عن نفسك… ما رأيك في مسرحيتي الأخيرة؟.
حافظ
كان حافظ إبراهيم جالساً في حديقة داره بحلوان، ودخل عليه الأديب الساخر عبد العزيز البشري وبادره قائلاً
- شفتك من بعيد فتصورتك واحدة ست
فقال حافظ ابر أهيم.
والله يظهر انه نظرنا ضعف، انا كما شفتك، وانته جاي افتكرتك راجل!!.


بين المطران وامرأة تقدر شعره
زار خليل مطران مسقط رأسه بعلبك وقضى فيها عطلة الصيف فاحتفى به مواطنوه حفاوة بالغة.
ذات يوم دعته نسيبة له إلى الغداء فأعدت له ما لذ وطاب.وبعد الانتهاء من تناول الطعام، قالت له، وكانت طيبة القلب حتى السذاجة: إن لك لدينا منزلة سامية. تعال معي وانظر مكتبتنا وفيها مجموعة لدواوينك الشعرية.
مضى الشاعر معها فأرته كتبه مجلدة افضل تجليد وقالت له: أرأيت كم نحن حريصون عليها.
وراح خليل مطران يتناول كتبه واحدا بعد الآخر فوجد أنها ما تزال بدون تقطيع أوراقها وما مستها بعد يد لقراءتها فقال للسيدة: شكرا لك على اهتمامك بكتبي وحرصك الشديد عليها بحيث انك لم تفتحي بعد أي واحد منها ولا أذنت لاحد في دارك أن يمسها بل تركتها ذكرا طيبا للأجيال القادمة.


من حكايات مارون عبود
- روى مارون عبود في نقده أحد الشعراء:
مر نائب فرنسي على مزارعين في أحد الحقول فشاء أن يتنادر عليهم فقال لهم مشجعا: ازرعوا، وغدا نحن نأكل.
أجابه خبيث منهم: لكننا نزرع شعيرا.
ويعلق مارون عبود بقوله:
اني اخاف على هذا الحقل أن يرعاه أصحابه (ويقصد الشعراء) الذين هم أولى به.



بين الشاعر والمتصرف
انشأ المتصرف مظفر باشا دارا للحكومة في غزير واقترح على الشعراء نظم تاريخ له وعين لجنة تحكيم لاختيار الأوفق فاختارت اللجنة ثلاثة تواريخ شعرية. وكان بين المتبارين الدكتور شاكر الخوري فلما بلغه قرار اللجنة وتأكد من عدم نجاحه أرسل الى اللجنة هذه الأبيات:
قد كان في فحص شعري - كر وجحش وعـير
لـو أن شعـري شعـير - لاستطيبتـه الحمير
لكن شعري شعــــور - هل للحمير شعور؟



عند الامتحان يكرم المرء او يهان
قدم الى القاهرة من بلاد فارس رجل طويل القامة، عريض المنكبين، ابيض اللحية، فصيح اللسان. واقام في أحد احيائها الشعبية القديمة. وكان يجلس منذ الصباح حتى المساء أمام منزله والقلم والكتاب لا يفارقانه أبدا.
زاره أحد شبان الحي مرحبا بقدومه على الطريقة الشرقية في حسن الضيافة، محاولا ان يعرف من هو وما الذي حمله على المجيء الى حيث هو. قال له الرجل الغريب: اني علامة أتنسك للعمل ولا أقوم بأي عمل آخر بل أعيش على هدايا طلاب المعرفة. لقد انعم الله علي بموهبة فريدة فصرت اختزن كل علوم الأرض وآدابها وفنونها بحيث لا يسألني أحد سؤالا، أيا كان نوعه وشأنه، إلا ويلقى مني على الفور جوابا أكيدا.
دهش الشاب بما سمع فراح ينشر الخبر في الحي. وإذا بالسكان يؤلفون وفدا كبيرا منهم ويبادرون إليه عند المساء. هذا يحمل علبة من الحلوى، وذاك سلة مملؤة بالثمار وذلك كمية من البن والسكر. ورحبوا بقدومه وجعلوا يوجهون إليه أسئلتهم:
قال له الأول بينهم: ما عدد نجوم السماء، أيها العلامة الجليل؟
أجابه العلامة: اكتب على ورقة رقم 7 وزد عليه ثلاثة وتسعين صفرا تنل الجواب الصحيح.
قال الثاني: متى وجد البشر على الأرض وأين؟
أجابه العلامة: وجدوا منذ ثلاثة ملايين واربعة الاف وثلاثمائة وخمس وسبعين سنة وثلاثة اشهر وخمسة أيام. وكان يدعى المكان الذي وجدوا فيه هلياس.
قال الثالث: من هو صاحب المثل السائر: الابن سر أبيه، فكان الجواب: انه العباس بن المعلس.
أذهلت براعة هذا العلامة بالكلام وسرعة خاطره وسعة معرفته الحاضرين فرجعوا من عنده في آخر السهرة وهم يمجدون الخالق لانه أرسل إليهم هذا لعبقري لكي يزيدهم معرفة في كل شأن من شؤون الحياة.
بعد حين انتشر الخبر بسرعة البرق في الأحياء المجاورة فتهافت الناس أفواجا الى العلامة وهم يحملون أليه الهدايا فيطرحون عليه أسئلتهم في كل حقل وموضوع وهو لا يتلعثم بالجواب السريع.
كان بين سكان الحي شاب نبيه اسمه مصطفى لطفي المنفلوطي تخصص بالأدب والفقه فعلم بأمر هذا العلامة وعرف من الأجوبة التي أعطاها انه مشعوذ محتال يستثمر سذاجة الناس لكي يعيش على حسابهم. فمضى أليه مع أهل الحي في إحدى السهرات وجعل يصغي الى ما يسألونه وما يرد هو عليهم، ولا يتلفظ بكلمة لكنه تأكد تماما من خداع الرجل.
في الغد دعا هذا الشاب سكان الحي وقال لهم: لا يغرّنكم هذا الداهية بأجوبته فليس منها اي جواب صحيح. وإذ رآهم قد استغربوا كلامه وحسبوه محسودا منه، قال لهم: عند الامتحان يكرم المرء أو يهان. تعالوا الان نركب كلمة لا معنى لها من الحرف الأول من كل كلمة اسم من أسمائكم ثم نسأله ما معناها. وهكذا كان فإذا الكلمة المركبة هي خنفشار.
عندما دجا الليل قصدوا إليه وسألوه: ما معنى الخنفشار. فمسح شفتيه ?أجاب: انه نبات في أطراف الهند الشرقية، ثمره احمر وشكله شبيه بالبرتقال، وهو يشفي من داء السكري.
ما أن أتم العلامة المزعوم كلامه هذا حتى قهقه الحاضرون وهتفوا بصوت واحد: فليحيا الخنفشار. وانصرفوا من عنده بدون وداع. أما هو، وقد ادرك افتضاح أمره، فرافقهم الى الباب وهو يفرك رأسه ويقول: أنى أشكو الليلة من صداع شديد.
لما انصرف الناس من عنده حزم أمتعته وترك البيت، على غير رجعة، تحت جنح الظلام. ولم يعد يسمع أحد عنه شيئا. ولعله راح يجرب حظه من جديد في غير مدينة.


شاعر وسيكارة
سئل الشاعر المهجري ايليا ابو ماضي لماذا انقطع عن التدخين فأجاب:
أدمنت التدخين إدمانا شديدا بحيث اني كنت استغني عن القداحة أحيانا إذ أشعل السيجارة من عقب السيجارة. ثم انقطعت فجأة عن التدخين وصرت ابغضه أسعى الى منع أصحابي عنه. أما السبب فهو:
في إحدى السهرات الحميمة كنت أدخن كعادتي. وكان بين الساهرين طبيب خفيف الروح. قال لي أحدهم: يا صاحبي لماذا لا تقلع عن التدخين فهو يضر بصحتك ويحرق مالك على غير طائل.
أجبته: إن للتدخين حسنات كثيرة، رغم سيئاته، منها إن السيجارة هي رفيقك الدائم تسليك وتفرج همك وتساعدك على التفكير وتشحذ القريحة، لا سيما بالنسبة للشاعر.
وكان الطبيب يصغي الى كلامي باهتمام فلما انتهيت قال: لقد نسيت يا صديقي فوائد أخرى للتدخين.
وتعجب الحاضرون كيف ان الطبيب يتحدث عن فوائد التدخين وتشجعت انا اذ رأيت في الطبيب حليفا. لكن سروري لم يدم طويلا بعد أن ذكر الطبيب هذه الفوائد وشرحها، وهي: أولا: التدخين يبعد الكلاب عن المنزل وثانيا انه يقضي على البر غش والهوام وثالثا إن المدخن لا يذوق طعم الشيخوخة. وإذ رآنا كلنا منذهلين ننتظر شرح هذه الفوائد قال:
التدخين يبعد الكلاب لان المدخن يسعل سعالا شديدا يخيف الكلاب، ?لأنه برائحته القوية السامة يقضي على الهوام، ثم انه يقصر العمر فلا يذوق صاحبه طعم الشيخوخة لانه معرض لمرض القلب فيموت فجأة.
على الفور أطفأت السيجارة وودعتها الى الأبد.

بين حافظ وشوقي
كان يطيب للشاعر حافظ إبراهيم، شاعر النيل، أن يداعب احمد شوقي، أمير الشعراء. وكان احمد شوقي جارحا في رده على الدعابة. ففي إحدى ليالي السمر انشد حافظ إبراهيم هذا البيت ليستحث شوقي على الخروج عن رزانته المعهودة:
يقولون إن الشوق نار ولوعة - فما بال شوقي اصبح اليوم باردا

فرد عليه احمد شوقي بأبيات قارصة قال في نهايتها:
أودعت إنسانا وكلبا وديعة - فضيعها الإنسان والكلب حافظ



بين الاخطل الصغير وطانيوس عبده
روى الاخطل الصغير عن صديقه الروائي طانيوس عبده قال:
قضى عليه سوء الطالع أن يكون تحت السن العسكرية عندما اضطر الأتراك (في الحرب العالمية الأولى) الى تجنيد الاحتياطيين، فكان يلوذ حينا بالاختفاء وحينا بالسعي لجمع البدل العسكرية. وكان الجند يلاحقونه فوصف حالته شعرا:
سجين في البيوت وليس ذنبي - سوى اني اخاف من القتال
أروح فتبحث الأخبار عني - كأني من صناديد الرجال
أيرجى من خيالي قتالا - وقد أصبحت افزع من خيالي
ووصف حالة بؤسه:
أموت كي أكسبهاا ليرة - عزّت وهانت ند قوم وقوم
أموت حتى اشتهي أن أجد - خبزا بها من بعد جوع وصوم
فياله عيشا نذوق الردى - ثلاث مرات به كل يوم
قال الاخطل الصغير في مذكراته:
بينما أنا أتفقد بقرة لي كنت اقتنيها في بستان استأجرته للاستعانة به على ضنك تلك الأيام إذا بطانيوس مطل على البيت يناديني ضاحكا من موقفي هذا فما أن أقبلت عليه حتى ابتدرني بقوله:
عهدتك من قبل ترعى البشر - فما بالك اليوم ترعى البقر!


جزاء الخيانة
قرأ الروائي اللبناني الفكه، طانيوس عبده، في كتاب تاريخي إن اليونانيين القدماء كانوا يعاقبون المرأة التي تخون زوجها بجدع انفها والرجل الذي يخون زوجته بقلع عينيه، فكتب على هامش الكتاب:
فلو وصلت شرائعهم إلينا - على ما نحن فيه من مجون
لأصبحت النساء بلا أنوف - أصبحت الرجال بلا عيون

احبوا أعداءكم
كان طانيوس عبده يحب الخمرة لأنها على حد اعتقاده، مفتاح القريحة. وذات يوم زاره صديق له وهو كاهن ورع وقال له بلهجة النصح:
إن اكبر أعدائك يا أخي هو الخمر
ضحك طانيوس عبده واجاب:
ألا يقول الكتاب المقدس الذي تعلموننا إياه: احبوا أعداءكم فقال الكاهن، وكان حاد الذكاء:
اجل قال الإنجيل: أحبو أعداءكم ولم يقل ابتلعوهم
وقال طانيوس عبده في الخمرة:
وعودني الزمان على التأسي - ولولا حيلتي لقتلت نفسي
فصرت إذا يئست سألت كأســي - فقالت: انه عمر ويمضي



تامر الملاّط
عُرف المتصرف واصا باشا بحبه المال وضعفه تجاه الرشوة التي كانت تريه الأبيض اسود والأسود ابيض. وكان أمين سره كوبليان يحسن اختيار الحسان للوصول الى غايته لأن واصا كان مفتوناً بالجنس اللطيف الشديد الاغراء.

لما مات واصا باشا هلل اللبنانيون وتنفسوا ارتياحاً وقد عبر الشاعر تامر الملاط عن شعورهم بالشعر العامي والشعر الفصيح فقال:
مات الباشا يا لبنـــان - صرت تئمن عما قروشك
كان القواد كوبليـــان - وكنت تخاف عاطربوشك
قالوا قضى واصا وواراه الثرى - فأجبتهم وأنا الخبير بذاته
رنّوا الفلوس على بلاط ضريحه - وأنا الكفيل لكم برد حياته

حافظ إبراهيم وشعره الساخر
اشتهر الشاعر المصري الكبير حافظ إبراهيم بنضاله السياسي ضد الحكم البريطاني على مصر بحيث استحق لقب شاعر الاستقلال.
ومن اطرف شعره السخريّ اللاذع في نقد الحكم البريطاني قصيدة قالها في الجيش الإنكليزي يوم هاجم مظاهرة للسيدات المصريات سنة 1919 وقد انطلقت منادية بالتحرر:
... وإذا بجيش مقبــل، - والخيل مطلقة الأعنـــة!
وإذا الجنود سيوفهـــا - قد صوبت لنحـــورهن
وإذا المدافع والبنــــا - دق والصوارم والأسنـة
والخيل والفرسان، قــد - ضربت نطاقاً حولهــن.
والورد والريحان، فـي - ذاك النهار سلاحهـــن
فتطاحن الجيشان ساعــا - تٍ تشيب لها الأجنـــه
فتضعضع النسوان والنس - وانُ ليس لهن منــــه،
فليهنإِ الجيش الفخـــور - بنصره، وبكرههنـــه


صلاح لبكي والسيكارة والصورة
كان الشاعر صلاح لبكي يسرح أحيانا في فضاء الخيال، ففي إحدى السهرات قدم سيكارة لحسناء على شفتيها حمرة قانية، وكانت هي معجبة بشعره وهو مأخوذ بجاذبيتها. تناولت منه السيكارة وتناول هو بدوره سيكارة أشعلها ولم يشعل سيكارة الحسناء. وإذ تطلعت اليه

مستغربة وهي تقول: الشعراء يعيشون في عالم الأحلام أو في القمر، لا على الأرض.
أدرك الشاعر قصد الحسناء فقال لها: لم أشعل سكارتك لأني حسبتها اشتعلت من وهج شفتيك.


مع رسام
جاء أحد الرسامين الى صلاح لبكي، وكان ما يزال في بداية عهده في المحاماة، وقال له: هذه هي صورة والدك (نعوم لبكي أول رئيس للمجلس النيابي اللبناني) أوصاني على رسمها قبل موته. ولا أحد أولى منك بالأحتفاظ بها في مكتبك الجديد.
نظر صلاح لبكي الى الصورة الزيتية فلم يجد فيها اي شبه بوالده فقال للرسام: أخطأت يا صاحبي فهذه الصورة ليست صورة والدي ولا أجد اي شبه بينها وبينه، لا في الوجه ولا في الرأس ولا في تعبير العينين. وأنا عرفت والدي معرفة جيدة ولدي عنه مجموعة رسوم.
قال له الرسام: لا بأس! مع الأيام تتعود عليها.
أجابه الشاعر: أنى افهم أن يتبنى الإنسان ولدا أما أن يتبنى أبا فهذا الأمر يتجاوز فهمي.

صلاح لبكي وبرناردشو
قرأ الشاعر صلاح لبكي هذه النادرة عن برناردشو وهي:
إنكليزي واحد مثال اللباقة
إنكليزيان يؤلفان ناديا
ثلاثة إنكليز يؤلفون مستعمرة
فرنسي واحد رجل اللطف والعذوبة
فرنسيان يتناقشان حتى يتخاصمان
ثلاثة يمضون الى المرقص الليلي
ياباني واحد يصوم في بيته
يابانيان يؤسسان شركة تجارية
ثلاثة يابانيين يبنون مصنعا
ولما انتهى، أضاف صلاح لبكي على هذه القائمة:
لبناني واحد مثل الذكاء والإقدام
لبنانيان يسعيان لإصدار جريدة ثم يتنافسان ويفترقان فيؤسسان جريدتين
ثلاثة لبنانيين يؤلفون حزبا سياسيا.


ناصيف اليازجي واللغة
قضى العلامة ناصيف اليازجي معظم حياته في التأليف والتدريس في الحقل اللغوي. وكان، لشدة حرصه على أصول اللغة العربية، لا يتحدث الى أبنائه إلا بالفصحى.
ذات يوم طلب الى ابنته الصغيرة وردة (التي أصبحت فيما بعد أديبة معروفة) أن تناوله قنينة ماء ليشرب. وناولته إياها وهي تقول: تفضل يا ابي هذه هي القنينة (بفتح) القاف، فقال لها بغضب: اكسريها (وهو يقصد كسر القاف)? فما كان منها إلا إن ألقت بالقنينة على الأرض وحطمتها.
صفق اليازجي بيديه حسرة وأسفا وقال: هذا ما جنته اللغة علي. رحمك الله يا أبا العلاء المعري!.


دعي الدكتور شاكر الخوري الى غداء على مائدة الأمير سعيد الشهابي. وكان مما قدم له كوسا محشي، تناول منه أولا وثانيا وثالثا هو يحاول عبثا أن يجد لحما في الحساء، فارتجل هذين البيتين:
قد قيل إن المستحيل ثلاثة - ألان رابعة أتت بمزيد
الغول والعنقاء والخل الوفي - واللحم في محشي الأمير سعيد



طبيب وحصان
حل الدكتور فانديك (أستاذ الطب والمستشرق في الجامعة الاميركية في بيروت) ضيفا على صديق له أولم له وليمة كبرى، فأكل حتى شبع. لكن صاحب البيت، إمعانا في التكريم، ألح عليه بمزيد من الآكل فاستجاب. ولما عاد الى منزله أصيب بداء في معدته بسبب التخمة، فلم ينم طوال الليل.
عند الصباح ركب فانديك حصانه ومضى الى السوق يطلب دواء. ومر قرب عين ماء فدفع حصانه ليشرب منها. فشرب الحصان حتى ارتوى. وراح الطبيب يقول له: كرامة لصاحبك اشرب بعد، محبة لمعلمك اشرب بعد، لكن الحصان كان يرفض. عند ذاك ربت على ظهره وقال له: أنت يا حصاني أذكى من صاحبك فانديك، إذ انك شربت حتى ارتويت ثم رفضت المزيد. أما أنا فقبلت الأكل فوق طاقتي فتألمت حتى كدت أموت.


عقل الجر وطبيب الاسنان
مضى الشاعر المهجري عقل الجر الى صديقه الشاعر الزجلي وطبيب الأسنان الدكتور فريد جبور في ريو ده جانيرو فلم يجده في عيادته فترك له بطاقته وعليها هذا البيان:
أتيت وفي فمي ألم شديد - يزيد بمضّه ألمي ويأسى
فيا جبور هل للبئر ساع - يبشرني ولو في "قلع ضرسي"

لما رجع الدكتور جبور الى عيادته ورأى هذين البيتين وجه الى صديقه بطاقته وعليها هذا الجواب بالعامية:
خاطبتني بالشعر تشكي من الألم - وقلت كانت حالتك حالة عدم
لو كان ضرسك من صحيح بيوجعك - ما كان عندك "عقل" تا تجر القلم


الشاعر القروي والمحامي
كان الشاعر القروي من عشاق الطبيعة. ينهض صباحا ويقضي ساعات في حديقة منزله يروي الأرض، يزرع، يقتلع العشب الرديء ويشذب الأغصان.
انهار حائط الطريق، أمام بيته، بسبب العواصف فساعد العمال في ترميمه: يناول هذا حجرا والآخر معولا أو إبريق ماء للشرب.
مر محام شاب، قضى أبوه في الحقل زهرة عمره وهو يحطب ويكد حتى استطاع تعليمه. تعجب كيف إن شاعرا كبيرا كالقروي يعين العمال في عملهم. فقال له: يا أستاذنا العظيم‍ أنت رمز الحضارة، فخر لبنان.. أنت اعظم من أمير: أنت.فماذا يقول الناس عنك لو رأوك تحمل المعول.
ضحك الشاعر وقال له: يا ابني هناك نوعان من الأستذة: أستذة طازجة هي من تنك إن مسها التراب أصدأت وأستذة من ذهب تزداد بريقا كلما مسها التراب.
احمر وجه المحامي خجلا وانصرف.


رئيف خوري والحساب
روى الكاتب والباحث المعروف رئيف خوري انه كان نادما على قلة اهتمامه بدرس الحساب في المدرسة وانصرافه الكلي الى الأدب والتاريخ.
لكنه انقطع عن هذا الندم إذ سمع يوما أحد الأساتذة يسأل التلميذ:
إذا كنت في غابة تصطاد الطيور وكان على الشجرة عشرة عصافير فأطلقت بندقيتك عليها فأصبت منها ثلاثة فكم يبقى على الشجرة منها:
أجاب التلميذ على الفور وبدون تردد: المسألة بسيطة جدا: يبقى سبعة عصافير. إنها عملية طرح بسيطة.
ضحك المعلم وقال: يبدو انك ماهر في الحساب لكنك لست ماهرا في صيد العصافير: هل تظن إن العصافير تبقى على الشجرة حيث هي بعد أن تكون سمعت دوي الرصاص؟
أجاب التلميذ الفطن، وكان قد ادرك انه تسرع في الرد على السؤال: لكني أيها الاستاذ، استعملت في صيد العصافير بندقية كاتمة للصوت.
وعلق رئيف خوري بقوله: لم تنقذ الطالب براعته في الحساب بل أنقذته سرعة الخاطر.

مي وداروين
كانت مي زيادة تعقد ندوة في منزلها في القاهرة يحضرها عدد كبير من الأدباء بينهم الدكتور شبلي الشميل الفيلسوف وكان هذا تلميذا لداروين في نظريته النشوء والارتقاء التي ترد اصل الإنسان الى القرد.
وكان الشميل عصبي المزاج يغضب أحيانا ويبلغ به الغضب حد الشتيمة. وفي إحدى الندوات بلغه أن ناقدا هاجمه بعنف في إحدى الصحف فقال الشميل عنه: انه لئيم وابن كلب.
فأرادت مي أن تلطف الجو بلباقتها المعهودة، فقالت لشبلي الشميل.: -بالماضي كنت تقول إن الإنسان هو ابن قرد فما بالك اليوم تقول عنه: ابن كلب.



الفندق الأدبي
من قصائد الياس ابي شبكة، التي لم تنشر في كتاب، مجموعة من إحدى عشرة قصيدة عنوانها "الفندق الأدبي" تصور فيها فندقاً يطبخ للجائعين طعاماً من مؤلفات الشعراء، وابدى رأيه في هذه الأطعمة الأدبية فمنها ما عافه ومنها ما اشتهاه فوجده قد نفد لشدة إقبال الناس عليه.من هؤلاء الشعراء امين تقي الدين وحليم دموس وقد قال ابو شبكة عن شعرهما ما يلي:
جئني بصحن تقي الدين آكلــه - فليس في طعمه شيء من الكرب
فقال مولاي هذي أكلة نفــدت - لم يبق منها الورى غير اسمها العذب
فإن تشأ صحن دموس أجئك به - فهذه أكلة أشهى من الكبب
فقلت: هذا طعام عفته قدمــاً - ولم يطب لي إلا يوم كنت صبي

توفيق يوسف عواد
كانت تربط بين الروائي توفيق يوسف عواد والشيخ فؤاد حبيش، صاحب مجلة "المكشوف" صداقة قوية. فلما أذيع نبأ وفاة توفيق لطف الله عواد (وكان وزيراً سابقاً) أُبلغ فؤاد حبيش ان توفيق عواد قد مات فالتبس عليه الأمر، وكانت "المكشوف" على أهبة الصدور فألغى مقاله الافتتاحي في الصفحة الأولى وكتب مكانه رثاء بليغاً جعله تحت صورة توفيق يوسف عواد.
اطلع توفيق يوسف عواد على المقال في "المكشوف" فتلفن فوراً الى فؤاد حبيش وقال له:
أنا توفيق يوسف عواد أكلمك من وراء القبر، كيف حالك؟
فوجئ فؤاد حبيش فانعقد لسانه: الصوت صوت صديقه. وحار في أمره.
بعد فترة صمت أضاف توفيق يوسف عواد: انك حقاً يا آخي لصديق صديق تستمر وفياً لأصدقائك تستمر وفياً لأصدقائك حتى بعد الوفاة. ودعاه الى كأس عرق في منزله في بحر صاف احتفاء بقيامته من الموت.

الشيخ يوسف الخازن
الشيخ يوسف الخازن صاحب جريدة "البلاد" كان صحفياً وأديبا لامعاً قضى شبابه في القاهرة. وقد عرف كسائر الخازنيين ببراعة النكتة. وكان على علاقة وثيقة بأدباء مصر. وفيما كان يتمشى مع أحد هؤلاء في أحد شوارع القاهرة مرت غادة رشيقة فتانة على ظهر حصان وهي تختال زهواً بحسنها.
ذهل الأديب المصري إعجابا بهذه الحسناء فقال ليوسف الخازن: ليتني كنت حصاناً.
أجابه الخازني ضاحكاً: اسألها، يا عزيزي، لعلّها تهوى أيضا ركب الحمير.

محمد حسنين هيكل وإنشتين
الصحفي والأديب الكبير محمد حسنين هيكل كان في مطلع صباه معجباً بالعالم العظيم إنشتين، صاحب نظرية النسبية التي قلبت المفاهيم العلمية الراهنة رأساً على عقب.
كان هيكل في الولايات المتحدة يقوم بتحقيقات صحفية فاراد ان يتصل بإنشتين ليأخذ منه حديثاً حول نظريته الشهيرة. لكنه ما استطاع الى ذلك سبيلاً لأن إنشتين لم يكن يرغب بالإدلاء بالأحاديث الصحفية.