مسرحية من اثنين .. أو أكثر
لست أدري
الوقت مساءاً .. والجو حزين بارد ..
والجوع هو السيد، ومقعد واحد في الزاوية يعتليه الضعف ...
تراتيل من نغمات الكمان ..
جاءت الروح وكانت على هيئة وكأنها
ترنو للرحيل ....
تلوّح لي(أنا) من بعيد فتقول لي :
ليس لكِ منّي شيء .. سأرحل عنكِ وأغيب، حيثُ لا أنتِ سأكون ..
تعبتُ من الجدار الإسمنتي الذي تحملين
تعبتُ من الجسور المعلقة ...
قالت (أنا): يا روحي .. لما تذهبين؟ أهان عليكِ الحنين !!
كيف لكِ أن تتركين كل ما أنا به ضنين ؟!
من لي بغير سمائكِ أحلّق وتحلقين؟؟
لستِ غيري .. ولستُ إللاّكِ .. فكيف تنكرين؟؟
مالي أراكِ تضحكين ساخرةً !!
أتهزأين .. ألا زلتِ منّي تضحكين!!!
قالت لي الروح:
يا (أنا) .. يالذيّاك البريق .. أما آن له أن ينطفىء ؟
أما آن لكِ أن تصمتِ .. كيف لي أن ألجمكِ ؟؟
بلى .. ليس إلاّ بالرحيل ..
سأرحل عنكِ وكلّ أسفاري ..
سألملم نفسي .. وأحزاني
سأودع معكِ كل نيراني
سأغير بك أوطاني
سأهجر .. كل سمّاري
فقد بتِّ ترغبين .. بل وتطلبين .. وتمانعين !!!
كيف لكِ يا (أنا) بهدنات الخداع ؟؟!!
هل رضيتِ بتلك الأرجوحة .. هل أغرتكِ بوَسَن الحزن؟؟؟
وعدتُ(أنا) كما الطفل اليتيم ...
بكل حزن الأرض عدت أبكي .. بكل جور الأرض عدتُ أشكي ..
بكل صيحات الجياع عدتُ .. أغني
قلتُ لها:
يا روحي دعينا نمشي على قارعة الطرق .. سأهجر لأجلكِ كلّ الجسور .. سأحطم كل الصخور .. سوف لن أرتدي أرجوحة ...............
ولكن;
قالت:
أيا (أنا) أما تعبتِ من "لكن" هذه؟؟
يا من تعيشين بامتداد الجسور .. يا من تخشين كل طريق، (لكن) هذه ما عادت ضمن أبجديات كلماتي .. هجرتها ..لعنتها .. كرهتها
فما عاد هناك "لكن"
قلتُ:
أيا روحي هل لي من شفاعتك بمقعد؟ إلى حيثُ أنتِ أسكن؟
لن أحضر معي أرجوحتي .. لن أصعد جسراً
لن أحضر كلماتي معي .. سأبقيها كلها(لكن) .. سأهجرها كما(لكن)
لن أحضر معي إلاّ طفلتي .. وعينين
فهل أستطيع المشي على الطريق بطفلةٍ وعينين؟؟؟
ما بالكِ الآن تقهقهين ؟؟؟
قالت:
يا صغيرتي .. يا طفلتي .. يا مدللتي
مأجمل ..
ما أصعب ..
ما أخطر ..
أن نمشي معا أنا وأنتِ بطفلةٍ وعينين على ذلك الطريق .. أتذكرين؟؟؟؟
وقبل أن ينتهي الحوار وقبل أن ينتفض الضعف من مقعده هاربا .. وقبل أن يُطرد الجوع ..
أسدل الستار .. وخرج الجمهور .. ولم تكتمل المسرحية .. فشخوصها خلف الستار ..
ولم تنتهي المسرحية ..
عفوا عفوا .. لم تنتهي الحياة بعد...
المفضلات