الكسل ظاهرة قاتلة.. وخطورته تفوق التدخين!


قبل سنوات عدة فوجئ مختصون في هونغ كونغ من النتائج التي أظهرتها دراسة كانوا يجرونها عن الكسل والخمول عند الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 35 عاماً، إذ تبين لهم أن الكسل أكثر خطورة من التدخين، بعد أن تأكد أن عدد من يقضي عليهم الكسل في هونغ كونغ أكبر من عدد من يقضي عليهم التدخين.
فقد أظهرت الدراسة التي أجريت على سكان هونغ كونغ الذين توفوا في عمر يزيد على 35 عاماً، عام 1998 أن عدم القيام بأي نشاط بدني أدى إلى وفاة أكثر من 6400 شخص في العام، مقارنة مع أكثر من 5700 شخص توفوا بسبب التدخين.
الأرقام والإحصائيات التي وصلت إليها الدراسة، لم تمر مرور الكرام على القائمين عليها، إذ فتحت الباب على مصراعيه لدراسات لاحقة عن ظاهرة الكسل، خاصة بعد أن أوضح أقارب نحو 25% من مجموع الوفيات التي حدثت لأشخاص في هونغ كونغ بعد سن 35 عاماً، أن أقاربهم المتوفين لم يقوموا بأية نشاطات بدنية خلال العقد الذي سبق وفاتهم. ويقصد بالنشاط البدني، أي شكل من أشكال النشاط أو التمرين الذي يتم خارج العمل.
قتل الوقت
الكسل في تعريفه هو حاله من التراخي، وعدم الرغبة في العمل والحركة. وهو ناتج عكسي للنشاط والعطاء، إذ يتقاعس الكسول عن الإنتاج النافع ويقوم بقتل الوقت، على الرغم من أنه في بعض الحالات قد يكون موهوباً، لكنه في الوقت نفسه يهمل هذه الموهبة بالإضافة إلى أنه قد يملك الفرص لكنه لا يقوم باستغلالها.
ومن أهم بوادر الكسل كثرة النوم والأكل وقلة الحركة، بالإضافة إلى أن التكنولوجيا الحديثة قد شجعت على قله الحركة، فأصبحنا الآن نستخدم جهاز التحكم عن بعد للتلفاز والعديد من الأجهزة السمعية والبصرية والكمبيوتر الخاص، بالإضافة إلى تناول الوجبات السريعة، كما أننا الآن نعتمد على السيارة في جميع حالاتنا.
والكسل من الظواهر التي كثيراً ما تطلق على الصغار في المراحل الدراسية. فليس من المستغرب شكوى المعلمين وأولياء الأمور من كسل طلابهم وأبنائهم، الأمر الذي يقابله تأنيب وتقريع.
وفي كثير من الأحيان العقاب والحرمان. ويؤكد التربويون في دراساتهم أن الطفل قد يرفض الانصياع لأوامر غير مقنعة أو يكره التعاون في بعض الأوقات. فهذا الحال ليس من باب الخمول ولا الكسل، وإنما من اضطراب أو أعراض يجب البحث عن أسبابها، فمن الخطأ التعجل بوصف الطالب بذلك، دون السعي إلى فهمه والبحث عن الأسباب المحتملة للحالة المزعومة.
سبب قاتل
كشفت بعض الدراسات أن الخمول البدني كان سبباً في وفاة الكثير من البشر في مختلف أنحاء العالم، بسبب خلو حياتهم من أي نشاط بدني. ففي بريطانيا كانت 17% من الوفيات بسبب الخمول البدني.
وفي اليونان 4.2%. أما في الولايات المتحدة، فكانت نسبة الوفيات 10.8%. وكانت مالطا صاحبة أعلى نسبة في الوفيات الناجمة عن مضاعفات الخمول البدني، إذ بلغت نسبة الوفيات 19.2%. وكانت نتائج الدراسة قد أشارت إلى تصدر مالطا القائمة بنسبة 72%، تلتها سوازيلاند بنسبة 69%، ثم السعودية بنسبة 68.3% وصربيا بنسبة 68% وبريطانيا بنسبة 63.3%.
يضع المختصون مجموعة من الأسباب يرونها محتملة لظاهرة الكسل:
أسباب جسدية
وهي الأكثر شيوعاً، وتتعلق بصحة الطفل الجسمية ونموه الحركي والمعرفي. ومن الممكن أن تكون بعضها حالات عابرة، خاصة تلك التي تصيب فترة من العمر كالاضطرابات الفيزيولوجية لمرحلة المراهقة، أو الإرهاق الوقتي، أو نقص النوم مثلاً.
أسباب تربوية
تتعلق بالمحيط التربوي، فقد تكون طرق التدريس رديئة أو غير فعالة، فلا تجعل العمل مثيراً للاهتمام؛ ما يؤدي إلى انصراف الطلبة عنها. وقد تكون البرامج التعليمية والمناهج مزدحمة وثقيلة وفوق طاقتهم، أو قد تكون الصفوف مكتظة ومزدحمة بالطلبة، أو تعود إلى أن المعلمين ليس لديهم خبرة تربوية و سيكولوجية.
أسباب عاطفية واجتماعية
وتتعلق بالعائلة والمجتمع، إذ يقف وراءها أحد أو بعض الفروض، مثل الاضطراب العاطفي، كالقلق أو المعارضة أو الشك بالذات، أو الشعور بالنقص أو الخوف من ملامة الآباء والمعلمين أو عقوباتهم.
التغلب على الكسل
للتغلب على الكسل خطوات عدة يمكن اتخاذها لمقارعته والقضاء عليه:
إيجاد أجواء منزلية ومدرسية تشجع الاجتهاد وتوفر المناخ الصحي الذي يقبل الأخطاء وينتقدها برفق. فالسماحة أساس السعادة والغلظة طريق البلادة.
الترغيب في المبادرات الذاتية، من خلال التحدث عن فضائل الأعمال لتوليد الحرص، ولكي ينتقي الشاب الأنشطة التي يجيدها وينجذب لها.
إشراك الكسول في أنشطة قصيرة يجيدها، وتحفيزه ذاتياً لأداء أعمال أكبر تدريجياً.
تطبيق مفهوم المشروعات الجماعية في المدرسة، فالعمل الجماعي يعطي المزيد من الدافعية.
متابعة الطفل وهو يقوم بواجباته من حين إلى آخر، ومساعدته وتشجيعه دون إلحاح ممل.
استخدام العبارات القصيرة المقنعة في الإرشاد وبعث النشاط، مثل: «هيا ننظف المطبخ قبل أن تتراكم الأوساخ».
اطلب من الطفل أن يشرح لك المطلوب منه لاحقاً، ومتى يجب القيام بذلك.
تعويده على فنون الكتابة، لأنها تنظم أفكاره، وتقوي ذاكرته، وتعلمه أسلوب حل المشكلات، وتحرك فيها حواسه بتناغم.
بيان خطر الكسل على صحة الإنسان، وجودة المعيشة، والإنتاجية المجتمعية؛ فالطفل الذي يتكاسل عن تنظيم وجبات طعامه أو تنظيف أسنانه بصفة دائمة، يعاني من آفات كثيرة من شأنها مستقبلاً أن تضع على كاهل الأسرة والدولة أعباء بشرية ومادية كبيرة.
تشجيع الأطفال على المثابرة ونبذ الكسل، وذلك من خلال رواية قصص الأبطال والمبدعين.