قصيدة وصية لاجئ للشاعر الشهيد هاشم الرفاعي
كتبها في في اوائل الخمسينات من القرن الماضي
ولكن ما اشبه اليوم بالبارحة


nakba p12 pic1full


أنا يا بني غدا سيطويني الغسق
لم يبق من ظل الحياة سوى رمق
و حطام قلبٍ عاش مشبوب القلق
قد أشرق المصباح يوماً و احترق
جفت به آماله حتى اختنق



فإذا نفضت غبار قبري عن يدك
و مضيت تلتمس الطريق إلى غدك
فاذكر وصية لاجئٍ تحت التراب
سلبوه آمال الكهولة و الشباب


مأساتنا مأساة ناسٍ أبرياء
و حكايةٌ يغلي بأسطرها الشقاء
حملت إلى الآفاق رائحة الدماء
و جريمتي كانت محاولة البقاء
أنا ما اعتديت و لا ادخرته لاعتداء



لكن لثأرٍ نبعه دامٍ هنا
بين الضلوع جعلته كل المنى
و صبغت أحلامي به فوق الهضاب
و ظمئت عمري ثم مت بلا شراب


كانت لنا دارٌ و كان لنا وطن
ألقت به أيدي الخيانة للمحن
و بذلت في إنقاذه أغلى ثمن
بيدي دفنت أخاك فيه بلا كفن
إلا الدماء و ما ألم بي الوهن



إن كنت يوماً قد سكبت الأدمعا
فلأنني حُمّلت فقدهما معا
جرحان في جنبيّ ثكلٌ و اغتراب
ولدٌ أضيع و بلدةٌ رهن العذاب


تلك الربوع هناك قد عرفتك طفلا
يجني السنا و الزهر حين يجوب حقلا
فاضت عليك رياضها ماءً و ظلا
و اليوم قد دهمت لك الأحداث أهلا
و مروجك الخضراء تحني الهام ذلا


هم أخرجوك فعد إلى من أخرجوك
فهناك أرضٌ كان يزرعها أبوك
قد ذُقت من أثمارها الشهد المُذاب
فإلام تتركها لألسنة الحراب



حيفا تئن أما سمعت أنين حيفا
و شممت عن بعد شذى الليمون صيفا
تبكي فان لمحت وراء الأفق طيفا
سألته عن يوم الخلاص متى وكيفا؟
هي لا تريدك أن تعيش العمر ضيفا
فوراءك الأرض التي غذت صباك
وتود يوما في شبابك لو تراك


لم تنسها إياك أهوال المصاب
ترنو ولكن ملء نظرتها عتاب
إن جئتها يوماً و في يدك السلاح
و طلعت بين ربوعها مثل الصباح
فاهتف على سمع الروابي و البطاح
إني أنا الأمس الذي ضمد الجراح
لبيك يا وطني العزيز المستباح



أولست تذكرني ؟ أنا ذاك الغلام
من أحرقوا مأواه في جنح الظلام
بلهيب نارٍ حولها رقص الذئاب
لفت حياتي بالدخان و بالضباب


سيحدثونك يا بني عن السلام
إياك أن تصغي إلى هذا الكلام
كالطفل يخدع بالمنى حتى ينام
لا سلم أو يجلو عن الوجه الرغام
صدقتهم يوما فآوتني الخيام
وغدا طعامي من نوال المحسنين
يلقى إلى الجياع اللاجئين
فسلامهم مكر و أمنهم سراب
نشر الدمار على بلادك والخراب



لا تبكينّ فما بكت عين الجناة
هي قصة الطغيان من فجر الحياة
فارجع إلى بلدٍ كنوز أبي حصاه
قد كنت أرجو أن أموت على ثراه
أملٌ ذوى ما كان لي أملٌ سواه


فإذا نفضت غبار قبري عن يدك
و مضيت تلتمس الطريق إلى غدك
فاذكر وصية لاجئٍ تحت التراب
سلبوه آمال الكهولة و الشباب



مما قرات


بحثت عنها صوتيه وللاسف لم اجدها ولكن سوف ارفعها لكم ملف صوتى قريب ان شاء الله