مقال من أروع ما يكون يحلل فيه الواقع المصري الحالي
كتب- محمود النجار:
الفارق بين الإخوان المسلمين، والقوى الوطنية الأخرى تماما كالفارق بين النادى الأهلى، وبقية فرق كرة القدم بمصر.
الأهلى يعرف دائما ما يريد، يدعم فريقه بلاعبين جدد، ويستعد بمعسكرات تدريبية جيدة ويلاعب فرقا كبرى لا يهم أن يهزم منها قدر مايهمه الإعداد الجيد، يركزفى مباراياته على حصد نقاطه وجمعها من أجل الحصول على البطولة، بينما يقف منافسوه يعيبون عليه اختياراته للاعبيه، ومعسكرات تدريبه، دون أن يتفرغوا لأنفسهم، فلو كانوا يصدقون ما يقولونه لسعدوا كثيرا بهذه الاختيارات التى تصب فى صالحهم فى النهاية.
الأهلى يركزفى مباراياته كى يحصد البطولات، بينما يقف الأخرون فرحين بخطأ حدث للفريق أثناء المباراة كأن يتعادل أو يهزم فى مباراة مثلا، بل ويصل الأمر إلى انتقاد الأهلى فى مباراة فاز فيها بأنه لولا الحظ لكانت كرة الفريق المنافس دخلت المرمى أو لو ضلت كرة الأهلى طريقها لمرمى الخصم لكان الحال قد تغير.
والمحصلة النهائية فوز الأهلى وهزيمة هؤلاء وبقائهم فى الظل، فاذا ما سألتهم كيف يفوز الأهلى وتقولون فرقكم أقوى ومعكم أحسن اللاعبين، قالوا – بمنتهى السهولة التى تجافى الحقيقة وكأنهم يتفرجون على بطولة أخرى- إنه التحكيم الذى ينحاز للأهلى ويظلم الزمالك والاسماعيلى، بينما الحقيقة ماثلة أمام أعينهم والنتيجة طبيعية تجسدالفارق بين من ركزبعمله وبين من تفرغ لانتقاد كل هفوة للفريق الأخر. فنجد أن لاعبا فى نادى الاهلى حصل على عدد من البطولات أكثر وربما أضعاف ما حصل عليه فريق الاسماعيلى مثلا فى تاريخه، أو أكثر مما حصل عليه فريق الزمالك فى عدة عقود.
سياسيا نفس الحال يحدث فى مصر فالإخوان مكان الأهلى، والنظام السابق ورجاله، وكل القوى الوطنية الأخرى تقف مواقف الزمالك والإسماعيلى.
القوى الوطنية والمثقفون يتفقون مع رجال النظام فى انتقاد الإخوان، يركزون على أقل هفوة لهم ويصل انتقاد أحدهم للإخوان لحد التعليق على موعد مؤتمر للإخوان، أو مكان عقده، أوطريقة انتخاباتهم أو الدعوة لمجالسهم.
يعزف النظام البائد على نغمة تخويف الغرب من وصول الإخوان، بينما يتحرك الإخوان بذكاء ويتواصلون مع المؤسسات المدنية، والمراكز البحثية فى الغرب، شارحين أفكارهم المعتدلة، القادرة على التعايش مع الغرب.
ينضم المثقفون لأذيال النظام البائد فى جوقة ووصلة من الردح وتكسير الإخوان مؤكدين انهم جماعة لاتعرف التواصل مع المواطنين وتكره المجتمع وتحاول تنفيذ أغراضها الخارجية والداخلية " واللى بين الداخلية والخارجية" بينما يعرف الإخوان طريقهم جيدا إلى المواطن، وحاجاته، فيكسبون أرضا ومحبة داخل المجتمع.
يهاجم اليساريون الإخوان ويصفونهم بجماعة الصفوة وأنها جماعة برجوازية، فى الوقت الذى تنشغل فيه الجماعة بخدماتها الاجتماعية، والوصول إلى الطبقات الفقيرة بسلع مدعومة وأحيانا مجانية.
يتندر الليبراليون بأن الإخوان سيلغون الرياضة والفن حين يصلون للحكم، فى نفس وقت وصول الإخوان إلى نجوم الكرة اللعبة الشعبية الأولى، لدرجة ترشيحهم للاعب بحجم وشعبية نادر السيد على قوائمهم.
يتهمونهم بركوب الثورة بعد سقوط الداخلية فى 28 يناير، فلايزيدهم ذلك إلا إصرارا على تكملة الثورة، وحماية الثوار قليلى الخبرة داخل الميدان ( لا شك لدى منصف أن الإخوان حموا الثوار يوم الجمل عند المتحف المصرى وميدان عبدالمنعم رياض)، وتظل منصتهم المنصة الوحيدة داخل الميدان حتى تنحى مبارك.
بل إن كبار المعارضين للنظام السابق، والذين طالما انتقدوا غياب الإخوان من التواصل مع الجماهير حين نزلوا أمام مرشحى حزب الحرية والعدالة منوا بهزيمة ساحقة أمامهم.
يقولون إن الإخوان يعشقون التكويش على السلطة ولايتركون فرصة لأى تيار أو معارض فى نفس وقت زج الإخوان لعناصر ضعيفة أمام رموز بعينها، ربما تكون من أشد المعارضين للإخوان، فيصعد هؤلاء فى دوائر كان من الصعب عليهم كسب الانتخابات بها حال قرر الإخوان التركيز عليها.
بل إن جهل فنانات العرى يدفعهم للتصريح بأنهم سيتركون مصر حال وصول الإخوان للحكم - معتقدين أنهم يخوفون الناس منهم- فتكسب الجماعة أرضية كبيرة لدى البسطاء الذين يرون فى فنانات العرى النموذج الذى ينبغى أن يسيروا عكس ما يقولون على طول الخط.
وتستمر الحياة ... للزمالك والاسماعيلى حجج الحظ والتحكيم وللأهلى البطولات. ولنا – نحن غير الإخوانيين- الكلام ..وللإخوان مقاعد البرلمان، وكرسى الرئاسة إن أرادوا.
المصدر
المفضلات