طبعا لا يمكن تغيير آثار ثلاثين عاما بين يوم وليلة، لكن من حق المواطن أن يسأل: ما الفرق بين حكومة نظيف وحكومة شرف؟.. الفرق أن الدكتور شرف يأكل الفول ويوقف الإسعاف لمصاب، وهو رجل طيب لا شك. وفى التفاصيل، حكومة نظيف كانت تتحدث كثيرا وتعد كثيرا دون تنفيذ. وحكومة شرف لا تزال فى مرحلة الكلام، تعمل بنفس الآلية السابقة. نظيف كان يعمل فى نظام متسلط يدور كله حول شخص واحد هو شخص الرئيس السابق حسنى مبارك، ولا نعرف حول ماذا يدور الدكتور شرف؟
خطة الدكتور شرف غير واضحة المعالم، ولا نقصد فقط الانفلات الأمنى والمرورى، لكننا نقصد القضايا الرئيسية التى تحتاج تدخلا عاجلا.
كل ما حدث أن شرف استبدل بمستشارى نظيف، مستشارين آخرين. ونحن نعرف أن بعض المستشارين فى ظل نظام غير واضح المعالم، ووظيفة غير محددة المهام، يمكن أن يتحولوا إلى مراكز قوى.

الناس كانت تتوقع من حكومة حملت اسم الثورة أن تفعل أكثر من زيارة ميدان التحرير، وأكثر من إقامة مكتب لشباب الثورة، لكن حتى الآن لم نرَ غير نواب شباب عن الشعب، ومزاد للكلام والتصريحات والتبريرات.
الثورة طالبت بتغيير النظام، والنظام كما كان، والخوف ليس من عودة أشباح الحزب الوطنى «الفلول»، بل الخوف من أن يبقى نفس النظام الذى يفرز الفساد والفلول، ويستبعد الكفاءات ويقرب الانتهازيين.

لقد اقتربت المهلة التى حددها رئيس الوزراء من الانتهاء ولا تزال الأوضاع كما هى. خذ مثلا أحوال المستشفيات العامة التى ظلت بلا تغيير، وتسوء كل يوم، وإصلاح أحوال المستشفيات من الإجراءات العاجلة التى يفترض البدء فيها وعدم انتظار موازنة، فهى تخدم المرضى الفقراء الذين ليس فى استطاعتهم الاقتراب من المستشفيات الخاصة.
لا يزال نظام العلاج على نفقة الدولة بلا نظام ومرهون بقرار بيروقراطى، يجب أن تذهب وزارة الصحة للمرضى ولا يذهبون لها. لكن شكاوى الفقراء من العجز عن العلاج والموت فى انتظار الدواء مازالت قائمة. ولا تكفى الصور التى يسربها المستشارون لمحاولة شرف إنقاذ مصاب، بينما آلاف المصابين بلا إسعاف.
الشطارة ليست فى أن يطلب رئيس الوزراء الإسعاف لمريض، بل أن تكون الإسعاف جاهزة لتلبية طلبات المواطن أيا كان اسمه.

لقد كان إعلام مبارك يهلل كثيرا مع كل قرار بعلاج مواطن، أما المواطن العاجز عن الوصول للإعلام كان يموت انتظارا لقرار.
على حكومة الدكتور شرف أن تتجاوز الحالة الاحتفالية، حتى لا تبقى عبئا على الثورة. الناس تريد حكومة حاسمة تطبق القانون ولا تنتهكه.. حكومة تخدم المواطنين ولا تكتفى فقط بأن تبوس رؤوسهم.