هذه العبارة كتبت على مطلع كوبرى 6 أكتوبر بالتحرير، ولحق بها "ثورة الغضب فى الرابع والعشرين من يونيه"، وفى منطقة العجوزة كتب على الجدران "بنحبك يا مبارك"، وليس هذا سوى مقدمة لما يخطط ويدبر له من اعتبروا أنفسهم أبناء للرئيس المخلوع، وواجب على المصريين الشرفاء الأوفياء عدم الاستخفاف بهؤلاء الأبناء وما سيقدمون على فعله مستقبلا، لتحويل مسار ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى مناطق معتمة تشعر المواطن العادى بالندم والخطيئة، لأنه شارك فيها وأيدها وظن أنها ستنقل الوطن لطريق التقدم والرقى.

ولا تعتقد خطأ أن أبناء مبارك هم من بتنا نعرفهم بفلول وأذيال الحزب الوطنى المنحل، فذاك حصر غير دقيق، لأن الأبناء المقصودين يتوزعون فى كل ركن وقرية ومدينة ومحافظة، وبحكم أن ولاءهم الأول والأخير للمنفعة والمصلحة، فإنهم على استعداد تام لفعل أى شىء وكل شىء، لاقتناص واغتنام المنافع.

فهذه الفئة من الأبناء غير الصالحين لا يحركهم ويقودهم الاقتناع والإيمان بسياسات ومبادئ العهد غير المبارك، بل الصالح الشخصى المتصف بالأنانية المفرطة، وهو ما يجعل خطرهم أعظم ونطاقه أوسع وأرحب.

ولا تتوقع أن أبناء مبارك سيجاهرون بهذه الصفة غير المشرفة، لكنهم سيرتدون ثياب الثوار المتعصبين وستبح أصواتهم من كثرة حديثهم عن التباطؤ فى حصد ثمار الثورة، وأخذ حق الشهداء، وأنه يجب عدم مغادرة ميدان التحرير، لحين تلبية الطلبات الثورية، ولا مانع من دس السم فى العسل، وتلطيخ وتشوية صورة وسمعة من ساعدوا بنشاطهم على اثارة الجماهير للمشاركة فى التظاهر ضد النظام المخلوع وغيرها من الأمور التى قد تدفعك للشك فى أصابع يدك.

ضف لذلك أنهم ـ أبناء مبارك ـ سيندسون وسط طوفان الأحزاب الجديدة، بغرض افسادها وتخريبها من الداخل، وأذكركم بما كان يحدث أبان سنوات حكم مبارك من تخريب وتحطيم للأحزاب الهشة الضعيفة الموجودة آنذاك، على الرغم من انها لم تكن تشكل خطرا جديا، بما فيهم حزب الوفد الذى لم يشفع له تاريخه المبهر فى مقاومة الاحتلال البريطانى وبناء الدولة الحديثة قبل ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952، وظلوا يقوضون بنيانه حتى أصبح هزيلا لا يكاد يقف على أقدام ثابتة.

ولا تظن أن نشاطهم سيتوقف عند الأحزاب والحركات السياسية الجديدة العامرة بها الساحة، لكنه سيتوغل ليشمل المجالس النيابية والمحلية، ستهرع للقول إن الكل يتحسب وينتظر فوز عناصر عديدة من الحزب الوطنى بمقاعد مجلس الشعب المقبل، وسأجيبك بسرعة أن مشكلتنا ليست مع الوجوه السافرة المعروف صلتها وعلاقتها بالحزب المنحل، وإنما مع المتخفى فى ثوب غير ثوبه الحقيقى. وللتدليل على ما أرمى إليه، الفت نظرك إلى أن الفضائيات ووسائل الإعلام على تنوعها واختلافها ما بين حكومى صرف وشبه حكومى وخاص مناصر للحكومة وأخر يوازن بين التأييد والمعارضة والمعارض، تكتظ بكثير من أبناء مبارك، وعندما تجلس معهم وتقرأ لهم تحسبهم أكثر ثورية ومعارضة من الدكتور محمد البرادعى والدكتور أيمن نور وجماعة الإخوان المسلمين. تلك ليست دعوة للتفتيش فى الضمائر والنوايا، لكنها مناشدة لتوخى الحذر مما هو آت على يد الملقبين بأبناء مبارك، فما أسهل القيام بثورة، غير أن الأصعب يتمثل فى المحافظة عليها وألا تخرج عن الطريق القويم المحدد لها للارتقاء بالوطن فى مختلف المجالات، وأن تبقى كرامة المواطن مصانة ومحمية بالفعل وليس بمواد توضع فى القانون الفلانى وعبارات تورد فى خطابات موسمية ولنا الأمثولة فى ثورة 52، ورجائى الأخير أن ينتبه كل واحد منا لخطر اسمه " أبناء مبارك".