العراق الى اين
الحكومة تروّع المحتجين واستقالات بالجملة لقيادات محلية تحت ضغط التظاهرات
انتفاضة 25 شباط في العراق: الشعب يريد إصلاح النظام
بغداد
تحولت ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية أخرى الى ميدان حرب حقيقي بين آلاف المحتجين والناقمين على سياسات حكومة نوري المالكي والقوات الامنية في"جمعة الغضب" التي دعا اليها شباب الـ"فايس بوك" وناشطون عراقيون، وأوقعت عشرات الضحايا.
وكسر عشرات الآلاف من العراقيين في بغداد ومدن عدة حظر التجول وحملة التشكيك والترهيب التي اطلقتها حكومة المالكي، كما اخفقت محاولات المؤسسة الدينية لإجهاض هذه الاحتجاجات المستلهمة من تلك التي اندلعت في مدن عربية في مقدمها تونس والقاهرة وصنعاء.
فقد طالب آلاف العراقيين بتحسين الخدمات والقضاء على البطالة ومحاسبة المفسدين، مرددين تحت نصب الحرية، وسط العاصمة، هتافات اتهمت الحكومة بالتقصير في أداء واجباتها بينها "الشعب يريد اصلاح النظام" و"كذاب .. كذاب .. نوري المالكي".
وتدفق المتظاهرون على ميدان التحرير على الرغم من حظر التجول المفروض على حركة السير داخل بغداد، وتم اغلاق العديد من الجسور في ظل انتشار أمني كثيف، فضلا عن تحليق طائرات حول المكان، فيما اقفلت القوات الامنية جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بالحواجز الكونكريتية.
وعقب صدامات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب، استخدمت فيها القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، انسحب المتظاهرون من ساحة التحرير إلى ساحة الطيران وبعض المناطق القريبة من ساحة التحرير.
وكانت قوات مكافحة الشغب المنتشرة على جسر الجمهورية قد استخدمت خراطيم المياه ضد المتظاهرين لمنعهم من الوصول إلى المنطقة الخضراء بعد اجتيازهم الحواجز الكونكريتية، فيما حلقت مروحيات عمودية تابعة للجيش العراقي على ارتفاع منخفض فوق رؤوس المتظاهرين بهدف تفريقهم.
وانهال متظاهرون غاضبون بالضرب على النائب عن "القائمة العراقية" فتاح الشيخ، فيما رشق آخرون النائب المستقل صباح الساعدي بالحجارة، وانضم عناصر من الشرطة الاتحادية المتواجدين في ساحة التحرير للمتظاهرين في مطالبهم بالإصلاح والتغيير السياسي، في وقت منعت القوات الأمنية وصول المؤن للمتظاهرين الذين عانوا من الجوع والعطش.
ورفض ممثلو المتظاهرين في ساحة التحرير التفاوض مع وفد مجلس محافظة بغداد، وطالبوا ان يكون التفاوض حصراً مع ممثل عن الحكومة، مؤكدين ان مشكلات الشعب العراقي مفصلية بينها اعادة صياغة الدستور، وتغيير قوانين، ومشددين على ضرورة ايجاد آليات تلزم الحكومة بتلبية مطالب الجماهير.
وتحدث عدد من قادة التظاهرة اعلنوا عن عدد من المطالب تتركز على حل جميع الحكومات المحلية والمجالس البلدية في جميع انحاء العراق، واجراء انتخابات بديلة في غضون شهرين، وإلغاء الرواتب التقاعدية للرئاسات والدرجات الوظيفية الخاصة، وتحديد رواتب الوزراء والنواب بخمسة ملايين دينار فقط، مع عدم تحمل نفقات حماية الذين يجب خفض اعدادهم الى عشرة فقط، والانتقال فوراً الى تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للعراق مؤلفة من فقهاء قانون ورجال دين، على ان يُنجز خلال شهر واحد فقط، وضرورة تعديل قانون الانتخابات.
وفي البصرة، اقصى جنوب العراق، أعلن المحافظ شلتاغ عبود استقالته رسمياً خلال مؤتمر صحافي عقده في مجلس المحافظة تلبية لمطالب المتظاهرين، في وقت اقتحم عدد من المتظاهرين مبنى المحافظة، فيما أعلن مصدر أمني أن احد المتظاهرين اصيب بعيار ناري اثر فتح القوات الامنية النار لتفريق المتظاهرين امام مبنى مجلس محافظة البصرة، ففارق الحياة متأثرا بإصابته، مشيرا الى ارتفاع عدد المصابين بجروح جراء عملية اطلاق النار من قبل قوات الجيش في المدينة الى ستة اشخاص بينهم اثنان من عناصر الشرطة.
وفي محافظة نينوى، (شمال العراق) أصيب عدد من المتظاهرين بإطلاق نار من قبل القوات الأمنية، فيما أحرق المتظاهرون سيارة حكومية، ورشقوا مبنى المحافظة بالحجارة، وتمكن رئيس البرلمان أسامة النجيفي وشقيقه محافظ نينوى أثيل النجيفي من الخروج من مبنى المحافظة الذي أضرم المتظاهرون النار فيه.
وقدّم مدير وأعضاء المجلس البلدي في ناحية حمام في محافظة نينوى استقالة جماعية تلبية لمطالب المتظاهرين.
وفي الانبار، (غرب العراق) أعلن كل من قائمقام قضاء الفلوجة عدنان حسين، ورئيس المجلس البلدي حمدي احمد هاشم، وكل أعضاء المجلس ومدير البلدية عبد الناصر الدليمي، ومدير دائرة الماء والمجاري عبد العيساوي، ومدير المستشفى العام في القضاء عبد الستار لواص استقالة جماعية تلبية لمطالب المتظاهرين المتواجدين قرب قائمقامية القضاء.
وفوّض القائمقام سلطاته إلى قوات الجيش العراقي المتواجدة في القضاء، في حين أعلن قائمقام ناحية الحبانية وعدد من أعضاء المجلس البلدي استقالتهم تلبية لمطالب المتظاهرين.
وتأتي هذه الاستقالات عقب تظاهر الآلاف من أهالي المحافظة احتجاجاً على سوء الخدمات والمطالبة بـ"الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد".
وشهدت محافظة كركوك، (شمال شرق العراق) اصابة اثنين من المتظاهرين بنيران القوات الأمنية التي فتحت النار لتفريق المتظاهرين قرب مجلس محافظة كركوك، في حين سقط 12 متظاهراً بين قتيل وجريح بنيران قوات الشرطة في قضاء الحويجة جنوب غرب المحافظة، فيما أضرم عشرات المتظاهرين النار في مقر المجلس البلدي، في وقت أكد شهود عيان أن المتظاهرين حاولوا اقتحام مديرية شرطة القضاء.
أما في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، فقد أصيب ثمانية متظاهرين بنيران القوات الأمنية في منطقة سليمان بك جنوب المحافظة.
وفرقت القوات الأمنية في محافظة ذي قار الجنوبية، المتظاهرين بخراطيم المياه وضربتهم بالهراوات، بعدما رشق المتظاهرون القوات الأمنية ومجلس المحافظة بالحجارة.
وفي كربلاء، تظاهر المئات احتجاجاً على سوء الخدمات، مطالبين بإقالة مجلس المحافظة وتوفير البطاقات التموينية، فيما شددت القوات الأمنية من إجراءاتها بالقرب من مبنى الحكومة المحلية.
وفي النجف، معقل المرجعية الشيعية في العالم، قررت مجموعة من الشباب الاعتصام في ساحة الصدرين، وسط النجف، إلى حين تنفيذ مطالبهم التي تتمثل بقيام دوله مدنية، ووضع آلية لمكافحة الفساد، وتشريع قانون الاحزاب ومعرفة مصادر تمويلها، وكشف تفاصيل صرف الموازنة المالية للسنوات السابقة، والكشف عن المنافع الاجتماعية للرئاسات والنواب.
وفي الديوانية، طالب المئات من المتظاهرين امام مبنى محافظة القادسية، بإقالة المحافظ سالم حسين علوان، وقدّم وفد من المتظاهرين جملة مطالب الى اعضاء البرلمان في المحافظة وقائد عمليات منطقة الفرات الاوسط تتضمن اقالة المحافظ وحل مجلس المحافظة.
وكان المالكي دعا اول من امس الشعب العراقي بمختلف أطيافه وفئاته ومكوناته إلى إجهاض تظاهرة الخامس والعشرين من شباط لما لها من أهداف، وصفها بأنها "تخريبية، وتريد إعادة العراق إلى الوراء"، مشيراً إلى أنه يملك معلومات "تفيد أن حزب البعث وغيره من الجهات سيعسى إلى خلق الفوضى بما يعيد البلاد إلى المربع الأول".
رد مع اقتباس
المفضلات