من روائع نزار قبانى
مواطنون.. دونما وطنْ
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمنْ
مسافرون دون أوراقٍ
وموتى دونما كفنْ
نحن بغـايا العصر، كل حاكمٍ
يبيعنا، ويقبض الثمنْ!!
****
مواطنون نحنُ في مدائن البكاءْ
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاءْ
حنطتنا معجونة بلحم كربلاءْ
طعامنا، شرابنا
عاداتنا، راياتنا
صيامنا، صلاتُنا
زهورنا، قبورُنا
جلودنا مختومة بختم كربلاءْ
=========
لساننا مقطوعْ
ورأسنا مقطوعْ
وخبزنا مبللٌ بالخوف والدموعْ
إذا تظلمنا إلى حامي الحمى
قيل لنا: ممنوعْ
وإن تضرعنا إلى ربّ السَما
قيل لنا: ممنوعْ
وإن هتفنا:
يا رسول الله، كن في عوننا
يعطوننا تأشيرة من غير ما رجوعْ
وإن طلبنا قلمَاً
لنكتب القصيدة الأخيرهْ
أو نكتب الوصية الأخيرهْ
قبيل أن نموت شنقاً
غيروا الموضوع
=========
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعي لكم
كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة
ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة
أنعي لكمْ
أنعي لكمْ
****
نهايةَ الفكر الذي
قاد إلى الهزيمة
=========
نأتي..
بكوفياتنا البيضاء والسوداءْ
نرسم فوق جلدكمْ
إشارة الفداءْ
من رحم الأيام نأتي كانبثاق الماءْ
من خيمة الذل التي يعلكها الهواءْ
من وجع (الحسين) نأتي ..
من أسى فاطمة الزهراءْ..
من أُحُدٍ، نأتي، ومن بدرٍ..
ومن أحزان كربلاءْ
نأتي.. لكي نصحح التاريخ والأشياءْ
ونطمس الحروف في الشوارع العبرية الأسماء
=========
سيذكر التاريخ يوماً قريةً صغيرةً
بين قرى الجنوبِ،
تدعى (معركَهْ).
قد دافعت بصدرها
عن شرَف الأرضِ، وعن كرامة العروبهْ
وحولها قبائلٌ جبانةٌ
وأمةٌ مفككهْ….
****
من بحر صيدا يبدأ السؤالْ
من بحرها…
يخرج (آلُ البيت) كل ليلةٍ
كأنهم أشجارُ برتقالْ
من بحر صورٍ..
يطلعُ الخنجرُ، والوردةُ، والموَّالْ،
ويطلعُ الأبطالْ..
****
يا سيدي: يا سيد الأحرارْ:
لم يبقَ إلا أنتْ…
في زمن السقوط والدمارْ
في زمن التراجع الثوريّ..
والتراجع القوميّ،
والتراجع الفكريّ،
واللصوص والتجارْ
في زمن الفرارْ…
الكلمات أصبحتْ، يا سيدي الجنوبْ،
للبيع والإيجارْ
والمفردات يشتغلْنَ راقصات
في بلاد النفطِ.. والدولارْ…
….
يا سيدي الجنوبْ:
في مدُن الملح التي يسكنها الطاعونُ والغبارْ
في مدن الخوف التي تخافُ أن تزورها الأمطارْ
لم يبق إلا أنتْ…
تزرعُ في حياتنا النخيلَ،
والأعنابَ، والأقمارْ
لم يبقَ إلا أنتَ… إلا أنتَ… إلا أن تْفتح لنا بوابةَ النهارْ…
المفضلات