تكثر في الوقت الحالي الأحاديث عن شائعة غريبة انتشرت كالنار في الهشيم بين السودانيين و التي تتحدث عن مكالمة هاتفية من أرقام غير مألوفة تؤدي على الفور إلى وفاة الشخص الذي يرد عليها نتيجة الصعق بتيار كهربائي.
ونقلت شبكة الأخبار البريطانية (بي بي سي BBC) يوم الجمعة عن الصحفي فيصل محمد صالح قوله إن "شرارة الشائعة انطلقت من الناس في البداية، لكنها اشتعلت بعد نشر خبر في إحدى الصحف السودانية يشير إلى حدوث وفيات غامضة في جنوب السودان بعد تلقي الضحايا اتصالات هاتفية غامضة من رقم محدد يأتي من خارج البلاد".
ويضيف أن "الشائعة بلغت ذروتها نهار الأربعاء "ولم يتبق شخص واحد في السودان لم يتلق رسالة من صديق او قريب او بعض أفراد عائلته تحذره من تلقي هذا الاتصال الغامض".
وقد شغلت الشائعة الناس عن شجون السياسة والاستفتاء الذي يقترب يوما بعد الآخر بشأن تقرير مصير جنوب السودان وجعلتهم يتفرغون لتناقل الأخبار عن هذا الخطر المحدق الذي يهدد حياتهم عبر الهاتف الجوال.
وقالت هديل هاشم إحدى مواطنات السودان إن "الشائعة فرضت وجودها على جميع نقاشات السودانيين عبر شبكة الانترنت سواء في موقع فيس بوك او منتديات الحوار، كما شكلت حضورا بارزا في مجالس "الونسة" السودانية، كما أن الناس شعرت بالخوف في البداية لدرجة إنها أحجمت عن تلقي أي مكالمات من أشخاص ليسوا مسجلين على دليل الهاتف".
أما محمد إبراهيم فيقول إن "الشائعة انتشرت مثل النار في الهشيم", في الوقت الذي قال فيه أحد المواطنين أنه "شعر بالخوف".
ويرى فتح الرحمن أنها "فرضت نفسها على أي حديث بين الناس"، ويضيف "أي شخص تتكلم معه، تجده قد سمع خبر الشائعة وتكون في الغالب هي موضوع النقاش بين مصدق ومكذب".
ويقر عبد الله سليمان أنه "شعر بالخوف والقلق على حياته بعد هذه الشائعة، لدرجة إنه اضطر إلى إغلاق هاتفه، وعدم الرد على أي مكالمة من شخص لا يعرفه".
ومن ناحيته يقول هاشم محمد إنه "تلقى اتصالا من ابنته تحذره فيه من الاتصال المجهول"، مضيفا انه "استغرب الأمر في البداية، لأنه لو كان هناك سلاح يقتل الناس عبر الهواتف فان الدول لن تحتاج بعد ذلك إلى جيوش".
وبدوره يؤكد المواطن احمد الطيب إنه "قام أيضا بتوجيه مثل هذه التحذيرات إلى أفراد عائلته وأصدقائه".
وصارت شائعة المكالمة مادة فكاهية تتناولها مجالس السودانيين بالنكات والسخرية، حيث قال أحد المواطنين الذين تحدث اليهم مراسل (البي بي سي) إنه "يعتقد أن الرقم الغامض هو "رقم إبليس".
وقال المراسل "حتى الاتصالات التي قمت بها، رفض كثيرون الرد على بعضها خاصة أن الاتصال يأتي من بريطانيا التي يبدأ مفتاحها الدولي برقم 44 وهو الرقم الذي تقول الشائعة إنه "الاتصال يبدأ به".
واضاف " حتى عندما اتصلت بأحد الأرقام في ولاية الجزيرة، ظل الهاتف يرن مرات عدة، لكن الرد جاء في النهاية مشوبا بالفزع، وقد أبلغت بأن "الأطفال هربوا من قرب الهاتف خشية وقوع المحظور".
وكانت هناك شائعات كثيرة قد راجت في السودان في الماضي القريب، أبرزها الشائعة التي تواترت عن وفاة النائب الأول للرئيس السوداني الفريق سيلفا كير الذي اضطر للظهور بنفسه أمام وسائل الإعلام لتكذيب الخبر.
كما سرت شائعة أخرى عن مقتل القائد الجنوبي فاولينو ماتيب الذي كان متحالفا مع الجيش السوداني في السابق وانضم بعد اتفاقية السلام إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان.
ومن جهة أخرى وإزاء تنامي الشائعة إلى هذه الدرجة أصدرت هيئة الاتصالات السودانية بيانا مطولا "نفت فيه الأمر", وأكدت إنه "غير ممكن".
وبدوره قال المهندس نائب رئيس هيئة الاتصالات نادر الجيلاني إن "الشائعة مغرضة وغير معقولة لا علميا ولا منطقيا"، مؤكدا أن "معايير تقنية الهاتف الجوال بالبلاد تتطابق مع المواصفات الموصى بها دولياً، وتقع في النطاق الآمن من حيث الإشعاعات الكهرومغناطيسية الذي يستحيل معه فنياً حدوث مثل تلك الظاهرة".
ويشير الجيلاني إلى أن "الأرقام التي ذكرتها الشائعة مجهولة الهوية والمصدر ولا تتسق والخطط الترقيمية المحلية والعالمية"، موضحا إن "مثل هذه الشائعة تواترت في السابق في عدد من الدول الإفريقية المجاورة وتم دحضها".
ومن ناحيته يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة النيلين الدكتور اشرف ادهم أن "المجتمع السوداني أصبح أكثر استعدادا لتلقي الشائعات لأنه صار هشا نسبيا بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني وكذلك التحديات الحياتية والاقتصادية التي تواجهه".
ويضيف أدهم إن "الإنسان المرهق او المتوتر يكون عرضة لتصديق ما يقال له بشكل أكثر سهولة".
ويذكر أن شائعة أخرى راجت قبل سنوات عن أشخاص من غرب إفريقيا يفقد من يصافحهم أعضاءه التناسلية.
المفضلات