(( قصيدة الشيخ عائض ))
من وحي قصيدة الدكتور عائض القرني (القرار الأخير)
انـثُر مدادَك حيـنا ، أبقِـهِ حيـنا
وألـقِ زهـرَ الروابي في نواديـنا
هـذا البيانُ الذي نظَّمتَ جوهـرَهُ
كالأنجـُمِ الزهرِ تزهو في لياليـنا
ذكرتَ (بلقرنَ )والذكـرى مؤرقـةٌ
أعْيَتْ يراعَـك تحبيـرا وتدوينا
ذكرتَ من حسنِها ما كنتَ تعـرفُهُ
وما تربعـتَ في أفـيائِهِ حيـنا
ولو سـألتَ جميعَ الناسِ لانطلقـوا
كلٌ يغـنِّي على لـيلاهُ ( مجنونا)
بلقرنُ في حسنِها الفـطريِّ غـانـيةٌ
يزيدُها الحبُّ في عينـيك تحسينا
بلقرنُ جوهـرةٌ عِقـدُ السـراةِ بهـا
يزدانُ لولا شحوبٌ بات يؤذيـنا
لولا الندوبُ بـوجهِ البدرِ ما نُظِمَت
روائـعُ الشعرِ نرويها دواويـنا
بلقرنُ يـا صـاحبي غـنت بلابلُهـا
مزهوةً فاستجاب الدوحُ محزونـا
بلقرنُ يـا صاحبي ما عـاد يطربُهـا
ما أبـدعَ الناسُ منثورا وموزونـا
سـيانِ في عرفِهـا شـدوٌ ونائحـةٌ
صـوتُ النعـيِّ وأنغـامُ المغنيـنا
بلقرنُ يـا صاحبي أخـفى محاسنَهَـا
زيفُ التكـلُّفِ تنسيقـا وتلوينـا
أخـفى محـاسنَهَـا قـومٌ أضرَّبهـم
حبُ المظاهرِ مكشوفا ، ومدفونـا
هم عـالـةٌ في ثيـابِ المترفـين إذا
رأيتَ بعضَـهُمُ أبصـرتَ قارونا !
إن قلتَ:لِيـنُوا تمـادَوا في تصلُّبهم!
كأنمـا يكرهون العطفَ واللِّيـنا
تكـدرت بهِـم الأوطـانُ إن لهـا
من أهلِهـا سِمةً قبحـا وتزييـنا
***
بلقـرنُ كم هـام قلبي في مرابعِهـا
تركتُ عقلي بهـا هيمانَ مفتونـا
ذكرتُ فيهـا عشيـاتِ الصِّبا فهفت
نفسي،وعدتُ كسيرَ القلب مغبونا!
ذوَى الجمـالُ الذي قدكنتُ أعرفُـه
وصـوَّحَ النبتُ حتى صار مطحونا
ما عُـدتُ أسمعُ فيها صوتَ ساقـيةٍ
ولا السواني ولا شـدْوَ المسقِّيـنا
ولا الرعـاةَ إذا راحـوا يحُـفُّ بهم
في سـاحةِ الدارِ جـيرانٌ وأهلونا
ولا السـنابلُ بالخيـراتِ تتحفُـنا
ولا العيونُ بعـذبِ الماءِ ترويـنا
ولا الهـواءُ الذي كانت نسـائمُـُه
تُضَمِّخُ الحقـلَ ريحانـا ونسرينا
ولا الغـيومُ وما كانت تجـود بـه
فتـرسلُ الودقَ بالبشرى يغادينـا
قد نطلقُ الطرفَ في الوادي فيحـزنُنا
ونرجعُ الطرفَ مـراتٍ فيُبكيـنا
عثت بهـا الآلةُ الصمـاءُ فانطلـقت
تقلـدُ الفاتنـاتِ الخـرَّدَ العينا !
أضاعت الحسـن مطبوعـا لتجلـبه
مصـنَّعـاً ! إنها إحدى دواهيـنا
***
بلقرنُ يا هالـةً فـوقَ السـراةِ ويا
أنشـودةً عـذبةً رددتُها حيـنا
ما لي أرى البلـبلَ الغِـرِّيدَ مكتئـبا؟
وطالمـا كان بالألحـانِ يشجيـنا
يشكو الثلاثينَ بعد العشر كيف بِـِه
إذا تجـاوز في الحُسـبانِ ستيـنا!
الأربعـون تمـامٌ قـد فطـنتَ لَـهُ
والنقصُ يكمنُ في أثـوابِ عشرينا
دع عنكَ هـذا وأسـرج للعُلا هِمَماً
أنت المجلِّي ، فدع عنك المصلِّيـنا
وإن جفـانا صديقٌ كـان يألفُــنا
أو استـبدَّ بـنا خصمٌ يعاديـنا
آمـنتُ بالله !! هذا الداءُ حـل بنـا
ما كـان إلا جـزاءً عن تماديـنا
ما كـدَّر العـيشَ والأرزاقُ وافـرةٌ
إلا الذنوبُ ؛ فشؤمُ الذنبِ يرديـنا
رفقـا بنفسِـك فالأقـدارُ ماضـيةٌ
في اللوحِ قد حُفِظَت علما وتدوينا
فقُل وأنصت وعش ما شئتَ مبتهجـاً
بفضل ربك حُزتَ العلمَ والديـنا
واسلك من الطرقِ السمحاءِ أوسطَهَـا
إن رُمتَ في الأرضِ تأييداً وتمكينا
دع الغُـواةَ وإن زلَّـت بهـم قـدمٌ
إن طففُوا الكيلَ أوخانوا الموازيـنا
والحاسدون وإن فاضت سخـائمُهُم
أو كان تعدادُهُـم يوما مـلايينا
هم نعــمةُ الله إيذانـاً بفضلِكـم
كالعـودِ يزكو إذا ما زاد تدخيـنا
كالوردِ في الغصنِ مغمورا فإن عُصِرت
أزهـارُهُ فاح في الأردانِ يُذْكـينا
في شـرعـةِ الله ثوبُ العدلِ منبسطٌ
أكرم بدينٍ بنـاهُ (المصطفى)ديـنا
هـذي التحـيةُ أهديهـا معطرةً
وما أظـنُّك إلا سـوف تهديـنا0
محمد بن عائض القرني - مكة المكرمة
المفضلات