بسم الله الرحمن الرحيم



مَرْحَبا ً يَا عُشَّاقَ القِرَاءَة .. فِي أيِّ صَفـْحَةٍ أصْبَحْتـُم وَأيِّ غِلافٍ تـَوَسَّدْتـُم؟

كَيْفَ كَانـَتْ ألـْوَانُ أحْلامِكُم ؟!بَيْضَاءُ كَألـْوَان ِ الصَّفـَحَاتِ أمْ سَوْدَاءُ كَأفـْكَار ِ الكِتـَاب ؟!


حَسَنــًا .. لـَيْسَ هَذابَيْتَ القـَصِيدِ بَلْ الطـَّـِريقُ إلـَيْه !

بَيْنـَنـَا وَبَيْنَ الكِتـَابِ عُقـْدَة ُ ُ نـَفـْسِيَّة، وَنـَحْنُ أمَّة ُ اِقـْرَأ، وَلـَكِنْ ثـَقـُلـَتْ عَلـَيْنـَا المَعْـِرفـَة ، وَخـَفَّ عَلـَيْنـَا القِيلُ وَالقـَال،


وَلـَو سَألـْتَ أكْثـَرَ الشَّبَاب :


مَاذا قـَرَأتَ اليَوْم ؟ وَكَمْ صَفـْحَةٍ طـَالـَعْتْ ؟ لـَوَجَدْتَ الجَوَاب : صِفـْرُ ُمُكَعَّبْ !


فِي حِينْ إذا رَكِبْتَ مَعَ يَابَانِي أوْ ُأورُبِّي وَجَدْتـَّه ُمُنـْغـَمِسـًا يَقـْرَأ ُ فِي كِتـَاب ،
وَإذا رَكَبْتَ مَعَ عَرَبـِي وَجَدْتـَّه ُ يُبَصْبـِصْ كَالذئـْب العَاوي، أوْ كَالعَاشِق الهَاوي ،


يَتـَعَرَّف عَلـَى الرُّكَّاب، وَيُثـَرْثِر مَعَ الأصْحَابِ وَالأحْبَاب ,,
فــَ إلـَى مَتـَى يَبْقـَى هَذا الحَال عَلـَى مَا هُوَعَلـَيْهِ فِي بُلـْدَانِنـَا العَرَبـِيَّة ؟


وَإلـَى مَتـَى يَبْقـَى الكِتـَابُ لأغـْلـَبـِيَّة العَرَب وَسِيلـَة ُ ُ لِلتـَّفـَاخـُر بـِالمَظـْهَر ِفـَقـَط ؟




هَذا إنْ كَانَ هُنـَاكَ كِتـَابُ ُ فِي الأصْل !
الإنـْسَانْ عَـدُوُّ مَـا يَجْهَـل، فــَ الـَّذِي لا يَعِي فـَوَائِدَ القِرَاءَةِ تـَجـِدْه ُ يَسْتـَثـْقِلـُهَا وَيَمِلـُّهَا ,,


يَقـُولُ العَقـَّاد :
أنْ تـَقـْرَأ كِتـَابـًا جَيِّدا ً ثـَلاثَ مَرَّات .. خـَيْرُ ُلـَكَ مِنْ أنْ تـَقـْرَأ ثـَلاثـَة ُ كُتـِبٍ جَيِّدَة ,,


وَقـَدِيمـًا قِيل :
دَقـَّاتُ قـَلـْبِ المَرْء ِ قـَائِلـَة ُ ُلـَه ُ,, إنَّ الحَيَاة َدَقـَائِقُ ُ وَثـَوَانِي
إذا ً الكِتـَاب يحَْفـَظ عُمْرَ الإنـْسَان ِ مِنْ الضَّيَاع وَيَحُثـَّه ُعَلـَى الإفـَادَةِ مِنْ وَقـَتـِه

ْ
يَا ذكِيـًا وَالذكَـاءُ جـِلـْبَابَه ُ,, وَتـَقِيُّا حَسُنـَتْ آدَابَه ُ
قـُم وَصَاحِبْ مَنْ هُم أصْحَابَه ُ,, لا تـَقـُل قـَدْ ذهَبَتْ أرْبَابَه ُ

لِذلِك صَاحِبْ الكِتـَاب, وَجَالِسْه, وَآنسْه ُبـِالمُطـَالـَعَةِ فِيه ,
يُؤْنِسُكَ بـِالعِلـْم ِ وَالمَعْـِرفـَةِ وَالخـَيْر ِ فِي الدَّارَيْن ..
إنـَّكَ تـُطـَالِع عُقـُولَ الرِّجَال, وَتـَمْضِي حَيْثُ وَقـَفـُوا وَتـَنـْطـَلِقُ مِنْحَيْثُ اِنـْتـَهُوا ..


وَأعْلـَم أنـَّه ُ لا يَخـْلـُو كِتـَابُ ُمِنْ فـَائِدَة ,,
إمَّا أنْ تـَعْمَل بـِهَا, أوْ تـَحْذر مِنـْهَا ..


وَلـَيْسَتْ العِبْرَة ُبـِاقـْتِنـَاءِ الكُتـُبِ فِي المَكْتـَبَات, وَتـَصْفِيفـَهَا فِي الأدْرَاج ,
وَلـَكِنْ العِبْرَة ُبـِالفـَهْم ِوَالمُطـَالـَعَةِ فِيهَا, فـَ هـِيَ خـَيْرُ سَمِيرُ ُ فِي الليَالِي ,,


وَخـَيْرُ جَلـِيس ٍ فِي الزَّمَان ِ كِتـَابُ ُ ,, تـَسْلـُو بـِهِإنْ خـَانـَكَ الأصْحَابُ !

وَفِي ظِلِّ التـِّقـَنِيَّةِ العَالِيَة الـَّتِي يَشْهَدُهَا العَالـَم بـِأسْـِره ِاليَوْم، وَوَسَط َ التـَّغـْيُّرَاتِ المُتـَتـَالِيَة وَعَصْـِر السُّرْعَة ،


تـَجَاهَل العَالـَمُ الكِتـَاب وَاتـَّجَهَ إلـَى الإنـْتـَرْنِتْ بـِاِعْتِبَارهِ وَسِيلـَة تـَخـْتـَصِر المَسَافـَاتِ وَالأزمِنـَة ،




وَمِنْ هُنـَا بَرَزَتْ المُعَادَلـَة ُ الصَّعْبَة بَيْنَ الإنـْتـَرْنِتْ وَالكِتـَاب .. !
إلـَى دَرَجَة أنَّ دَوْلـَة َ اليَابَان فِي عَام ِ2000 م, أعْلـَنـَتْ أنَّ مُصْطـَلـَحَ ( الأمِّي )

يُطـْلـَق عَلـَى ذلِكَ الَّذِي لا يُجـِيد ُاسْتِخـْدَامَ الحَاسِبُ الآلِي!
فـَ الكِتـَاب فِي زَمَنِنـَا هَذا يُعـْتـَبَر أقـَل وَسِيلـَة لِلمَعْـِرفـَة .. وَذلِكَ حَسَبْ مَا يَقـُولـَه ُالأغـْلـَبـِيَّة ُمِنْ النـَّاس !


وَالسَّبَبْ الأوَّل التـُّكْنـُولـُوجْيَا الحَدِيثـَة !


فـَ هَلْ هَذِهِ الحَالُ المُزريَة ُلِلـْكِتـَاب جَاءَتْ مِن خِلال ِ قِلـَّةِ الوَقـْتِ المُتـَاح ِ لِلقِرَاءَةِ عِنـْدَ العَرَب بـِشَكْل ٍ خـَاص ؟


أمْ هَلْ قِرَاءَة ُ الكُتـُبِ هِيَ فِي الأسَاس لا تـُغـْنِي مِنْ الجُوع ِ مِنْ شَيءْ ؟
فــَ هَلْ يَغـْنِي الإنـْتـَرْنِتْ عَنْ الكِتـَابِ الوَرَقِي ؟
وَهَلْ يُصْبـِحُ الحَاسِبُ الآلِي "خـَيْرُ جَلِيس .. " !
،

المَقـَامَة ُ العَنـْكَبُوتِيَّة ْالشَّاعِر وَالكَاتِب ( حَسَن السَّبْع )
أدَارَ التـَّقـَدُّم التـِّقـَنِي رَأسُ ( مُتـَحَوِّل بَاشَا ) إلـَى حَدِّ الإنـْتِشَاء، وَهُوَ يَنـْقـُرُ بـِالفـَأرَةِ أوْ ( المَاوْس )
- كَمَا يَحْلـُو لـَهُ أنْ يُسَمِّيهَا - مُحَاولا ً الدُّخـُول إلـَى الشَّبَكَةِ العَنـْكَبُوتِيَّة ،
وَبَعْدَعِدَّةِ مُحَاوَلاتٍ بَسَطـَتْ لـَهُ الشَّبَكَة يَدَيْهَا .. عِنـْدَ ئِذٍ اِلـْتـَفـَتَ إلـَى ( ثـَابـِتْ أفـَنـْدِي ) ,


الـَّذِي كَانَمُنـْكَبـًا عَلـَى كُتـُبـِهِ، وَعَلـَّقَ بـِعِبَارَةٍ قـَاطِعَةٍ مَانِعَة, قـَائِلا ً:
ـ هَذا لـَيْسَ زَمَنُ الكِتـَابْ .. إنـَّهُ زَمَنُالإنـْتـَرْنِت !
أثـَارَ هَذا التـَّعْلِيقُ صَاحِبَهُ ( ثـَابـِتْ أفـَنـْدِي ), فـَخـَرَجَ عَنْ صَمْتِهِ قـَائِلا ً:
ـ ألا تـَرَى أنـَّكَ تـَخـْتـَـِرعكُلَّ يَوْم ٍ زَمَنـًا جَدِيدا ً، وَتـَلـْغِي زَمَنـًا آخـَر ؟


بـِالأمْس ِالقـَـِريبْ كُـنـْتَ تـَقـُول : هَذا زَمَنُ الرِّوَايَةِ وَلـَيْسَ زَمَنُالشِّعْر ..


وَقـَبْلَ ذلِكَ كُنـْتَ تـَقـُول : هَذا زَمَنُ قـَصِيدَةِالنـَّثـْر .. وَلـَيْسَ زَمَنُ شِعْر ِالتـَّفـْعِيلـَة ،


ثـُمَّ ألـْغـَيْتَزَمَنُ النـَّظـَارَاتِ وَصَنـَعْتَ بَدَلا ً مِنـْهُ زَمَنُ العَدَسَاتِ اللاصِقـَة ..وَسَوْفَ يَأتِي الدَّوْرُ ذاتَ يَوْم ٍ عَلـَى اللـُحُوم ِوَالخـُضَار،


وَفِي كُلِّ يَوْم ٍ لـَكَ ضَحِيَّة ُ ُمِنْ الأزْمَان .. !
نـَقـَرَ ( مُتـَحَوِّل بَاشَا ) بـِ ( المَّاوْس ) نـَقـْرَتـَيْن لِيـَتـَحَوَّل إلـَى مَوْقِع ٍ آخـَر ،
ثـُمَّ الـْتـَفـَتَ إلـَى ( ثـَابـِتْ أفـَنـْدِي ) , وَتـَسَاءَلَ قـَائِلا ً:

ـ وَمَا العَيْبُ فِي ذلِك ؟إنـَّنِي أتـَفـَاعَلُ مَعَ مَا يَدُورُ حَوْلِي ،
أمَّا أنـْتَ فـَلاتـُشْبـِه إلا َّ حَجَر تـَمِيم بـِنْ مُقـْبـِل الـَّذِي” تـَنـْبُو الحَوَادِ ثُعَنـْهُ وَهُوَ مَلـْمُوم ” !!
وَبـِتـَعْبـِير ٍ أكْثـَرُ مُبَاشَرَة ًوَوُضُوحـًا :
أنـَا مُتـَحَوِّل، أمَّا أنـْتَ فـَثـَابـِتُ ُ ثـَبَاتَ جَبَلِالمقـْطـَم ..
وَلِعِلـْمِكَ فـَإنَّ مَعَايـِيرَ ”الأمِّيَّة” هَذِهِالأيَّام قـَدْ تـَغـَيَّرَتْ، وَإنَّ مَعْـِرفـَتـُكَ بـِالقِرَاءَةِوَالكِتـَابَةِ
لا تـُخـْـِرجُكَ مِنْ قـَائِمَةِ الأمِّيـِين إذا لـَمْتـَكُنْ قـَادِرا ًعَلـَى الدُّخـُولِ ِ فِي عَالـَم ِالإنـْتـَرْنِت !

ضَحِكَ ( ثـَابـِتْ أفـَنـْدِي ) ضَحْكَة ً مُجَلجلـَة، وَعَلـَّقَ عَلـَىذلِكَ قـَائِلا ً:
ـ اسْمَعْ يَا مُتـَحَوِّل بَاشَا ! أنـَا لا أقـَلـِّل مِنْأهَمِّيَّةِ أيْ مُنـْجَز ٍ عِلـْمِي ،


فـَ هَذا الإخـْتِرَاع قـَدْجَعَلَ العَالـَمَ بَيْنَ يَدَيْنـَا، لـَكِنْ هَيْمَنـَة ُ الكُتـُبِالوَرَقِيَّةِ المَطـْبُوعَةِ لا تـَلـْغِيهَا
بَيْنَ لـَيْلـَةٍ وَضُحَاهَاالثـَّوْرَة ُ التـِّقـَنِيَّة ُ وَمُشْتـَقـَّاتـُهَا مِنْ الكُتـُبِالإلِكْتـُرُونِيَّة .. كَمَا أنَّ اِمْتِلاك أدَوَاتِ الحَضَارَةِ لا يَعْنِيالتـَّحَضُّر ،
وَامْتِلاك أدَوَاتِ الثـَّقـَافـَةِ لا يَعْنِي شَيْئـًا إذالـَمْ تـَتـَهَيَّأ القـُدْرَة ُعَلـَى الإفـَادَةِ مِنْ تِلـْكَ الأدَوَات ..
أمَّا التـَّحَضُّر وَالتـَّخـَلـُّف فـَ تـُحَدِّدَهُ طـَـِريقـَة ُالتـَّعَامِل ِالإيجَابـِي أوْ السَّلـْبـِي
مَعَ تِلـْكَ الأدَوَاتِوَالمُنـْجَزَاتِ الحَضَاريَّة ..
تـَسَاءَلَ ( مُتـَحَوِّل بَاشَا ) بـِلـَهْجَةٍ سَاخِرَة قـَائِلا ً:
ـ مَالـَّذِي تـُـِريدُ أنْ تـَصِلَإلـَيْهِ بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الفـَذلـَكَةِ الطـَّـِويلـَة ؟
ـ أريدُ أنْأقـُولَ أنَّ امْتِلاكَ أدَوَاتُ التـِّقـَنِيَّةِ وَحْدَهُ لا يُلـْغِي ( الأمِّيَّة ) ،
وَأنَّ هُنـَالِكَ آلافـًا مُؤلـَّفـَة مِنْ الأمِيـِينَالـَّذِينَ يَقـْتـُلـُونَ الوَقـْتَ يَوْمِيـًا فِي ( مَقـَاهِي الإنـْتـَرْنِت ) ..
يَتـَنـَقـَّلـُونَ مِنْ مَوْقِع ٍ إلـَى آخـَر عَلـَى غـَيْر ِ هُدَى .. حَتـَّى أنـْتَ يَا ( مُتـَحَوِّل بَاشَا ) سَوْفَ ( تـَتـَحَوَّل ) مَعَ مُرُور ِالأيَّام ِ إلـَى شَخْص ٍ أمِّي ،
إنْ لـَمْ تـَتـَدَارَكْ نـَفـْسَك،وَتـُبَادِر بـِالعَوْدَةِ إلـَى رُفـُوفِ مَكـْتـَبَتِكَ الـَّتِي كَسَاهَاالغـُبَار ،
مُنـْذ َ أنْ أدْمَنـْتَ التـّسَكُّعَ مِنْ مَوْقِع ٍ إلـَى آخـَرلِقـَتـْل ِ الوَقـْت !
نـَقـَرَ ( مُتـَحَوِّل بَاشَا ) الفـَأرَةنـَقـْرَتـَيْن لِيَتـَحَوَّل إلـَى مَوْقِع ٍ آخـَر، وَعَادَ ( ثـَابـِتْأفـَنـْدِي ) إلـَى كُتـُبـِه !
،
وَسَوَاءُ ُ كَانـَتْ الكُتـُبُمُرَتـَّبَة ُ ُ فِي المَكْتـَبَة, أمْ مُهْمَلـَة ُ ُعَلـَى الأرْض ,
.. تـَظـَلُّ هِيَ ثـَرْوَتـُنـَا !

تحياتي لكم


مما راق لي