قصيدة للشاعر التونسي جمال الصليعي

ماذا
تخاتل في القصيد
وما الذي ترجوه من ميت الكلام
وفي رماد العجز تلقى أمّة الأزمان
تسلمها المجالس للمجالس
والعدوّ إلى العدوّ
يلوذ أهلك بالصّراخ
وبالعويل وبالغياب
فتّش جيوب قصيدك الواهي
وقل:
لا شيء يعني أيّ شيء
ستقول ما يدري الجميع
ولا جميع
ستقول بي حزن عظيم
حسنا،
وماذا بعد؟
كلّهمو على حزن عظيم
وتقول مكتشفا، تظنّ:
عدوّنا هذا عدوّ مجرم
وتخاف يكتبها الرّقيب
حسنا، وماذا من جديد؟
هذا عدوّ مجرم
ولسوف يكتبها الرقّيب
وتقول متّهما بأن:
خان الذي قد خان
ثمّ تضيف أن:
قد خان من لم يستطع قبل الخيانة
وتقول:
خانت هذه النّخب الأنيقة
أو تلطّفها
غابت هذه النّخب الأنيقة
لم تغب
حضرت بكل نعوشها
أمّا ......
ما الذي أنجزت أنت
لكي تبرّئ ساحة الشّعب الكريم
أنت الذي هيّأتهم
وفتحت أبواب الهوان على مصاريع الخراب
أنت الذي صفّقت في بله
وجهّزت المكان
أنت الذي سلّمت غزّة للعدو
يقتّلون حياتها
بصغارها
ونسائها
ورجالها
ويجرّبون الموت في أحوالها
أنت الذي سلّمت أمرك للمجالس
والتّشاور
والوهن
أنت الذي
الصّيف ضيّعت اللّبن
أنت الذي لم تكتشف من أنت
حتّى قيل أنّك لست في هذا الزّمن
أنت الذي خبّأت رأسك
في التّفجّع
والشّجن
أنت الذي تبغي السّلامة والسّكن
الآن !!
الآن تشكو من مظالمهم
تمدّ كفّك للسّماء
بكلّ أنواع الدّعاء
لم تبق في كفّيك من...
إلاّ التّشكّي والدّعاء
وتنام منتظرا
أن يستحي الأعداء
تحرجهم بضعفك
يا ضعيف ابن الضّعيف
ابن الضّعيف على الهواء
حسنا ....
ترقّب
سوف تنصفك السّماء
وسوف يخجل من مدامعك العدوّ
وسوف تعتذر القوانين التي بايعتها
وتردّ حقّك .... هكذا
أو فانتظر تلك الصّدور العاريات
تردّ حقّك بالشّهادة والدّماء
واحسب عليهم
شاحنات القمح
والخبز المضمّخ بابتسامات العطاء
واحسب عليهم ما تجود من الدّراهم والدّواء
احسب بطاطين الإغاثة للشّتاء
ثمّ افتح التّلفاز
عدّ أمام دمعك
كم تمرّ من الثّكالى النّائحات
وقـل حرام....أبرياء
كم مرّ مبتور أمامك
مرّ طفل
بين صمتك والدّعاء وبين طيّات الغطاء
نم يا بريء ابن البريء
ابن الجموع الأبرياء
وتوسّد الأحلام
نم
أدّيت واجبك البكائيّ الكريم
فلن تؤاخذك السّماء
لكن هنالك
عند باب الكبرياء
عند خطّ الموت
في طرق الشّهادة والفداء
يقف الرّجال الصّابرون
بملء قامات الرّجال
وبينهم شعب تمرّس في النّضال
منذ الرّضيع البكر
حتّى شيبة الأهوال
لم يردوا مواردنا
ولا وقفوا على باب السّؤال
شعب يصفّق مثلنا
لكن يصفّق للقتال
شعب يدقّ الآن أبواب الشّهادة
عند فجر النّصر
يملي للتّواريخ الذّليلة أن تزول
فلا تعاد ولا تقال
دوز 09/01/2009