مــهـــد الغـرام و مسرح الغزلان*****حيث الهوى ضرب من الإيــمان
حيـتـك من أرواح عـروة نـفحــة*****قدسيـــة كالـروح في الأبـــــــدان
أنا وفـد أبناء الصبـــابة ســـــاجد*****من تــرب عــذرة في أذل مـكـان
أستــنزل الوحي الذي ظفـرت به*****شعـراء عذرة في الـزمان الفـاني
فتسوغ في أذني «جميل» رنـتي*****و تـطـيب نفـس « كثير» بـبياني


بلد الهـوى العذري و هو كنـــاية*****عن حب أشرف مجمع إنســــاني
يتعانق الروحان فيه صبــــــــابة*****و يعف أن يتعـــــــانق الجـسـدان
فإذا سمعت بعاشــــــقين فقل هما*****مـلـكـــان مـتصـلان مـنـفـصـلان
ما دار ثم ســــــوى الحديث كأنه*****راح يدير كؤوســـها المــلــكـــان

سل عروة بن حزام عن غصص الهوى*****تسمع جـــواب فتى الغـــرام العــــــــاني

تحنان ساجعة الحمائم في الضحى*****و زفـيـر أعواد الجحيم الثـــــــاني
و له حديث كالدمـــوع إذا جـرت*****جذبت نظــــــــائرها من الأجفان
علم الهوى من آل عذرة عـــروة*****كذب الألى قالوا لها عـلمــــــــان



ولد الفتى العذري عروة بعدمــــا*****دارت بوالده رحى الحدثـــــــــان


فإذا بعروة في مضــــــارب عمه*****«هصر» فكان هنــاك زغـلولان
عفـــــــــــراء إبنته مع ابن شقيقه*****و كلاهـما في العمر دون ثمــــان
لم يلبسا ريش الهوى لكنمــــــــــا*****هو ريش أحلام و ريش أمــــاني
و إذا تضمهما الحقــــــــول فإنها*****ظفرت بمائستين من ريحـــــــان
يتراكضان بها- فإن هما بوغتــــا*****فيها- فبالأوراق يختبئـــــــــــــان
و لطالما وقفــا على الـوادي و قد*****صرخا هناك ليلتقي الصديــــــان
مزجا فلو خطرت« لعفرا» فكرة****بدرت بها من عـــروة الشفتــــان
و إذا التقى النظـران تلمع أسطـر*****يعيا بحل رموزها الولـــــــــــدان
حتى إذا كبـرا تولى شرح مــــــا*****لم يفــهـمـا قلباهما الخفقــــــــــان
فإذا الوداد هوى و صـادف تربة*****بكرا فطاب مغارسا و مجـــــاني


ويح المحب إذا تـمـلـكـه الـهــوى*****نمت به عينــان فاضحتــــــــــان
عبثا يحــاول ذو الهوى كتمــــانه*****عبث الهوى يقوى على الكتمــان
فدرى به هصـر- و كــان يسوؤه*****من عروة ابن شقيقه يتمــــــــــان
و أهم يتمي عروة في عـيـنــــــه*****يتم الغنى – لو يسمع الأبــــــوان
فشكا إليه منه حب فتـــاتـــــــــــه*****شفتـــان تخـتـلجــان تـخـتــــذلان
فأجــــابه هصـر- و كان مخاتلا-*****ستنـــال من تهوى فكن بأمـــــان


نعمى على كبد الفتى سقطت كما*****سقط الندى سحرا على حـــــران
فأحس أن له جناحي طــــائــــــر*****و بدت له زهر النجـوم دوانـــــي
فجرى يرقص عوده الشعري على*****صدر المـروج و معـصم الـغـدران
فيصوغ هينمة النسيم قصائــــــدا*****و يرد زمــــــــزمة الغدير أغاني
ما راعــه إلا مقالــــــــة عــــــمه*****إني أراك عن الغنى متــــوانــــي




سر للشآم بمتجر.....فأطـــــــاعه*****و عصى الفؤاد فظل في الأوطان


بينا الفتى في الشام يكـــدح للغنى*****كانت حـبـيـبـتـه تزف لثـــــــــان
فتنت محاسنها« أثالة» و هو من*****« هصر» له نسبان ملتـزمـــــان


نسب الدمــاء و فوقه نسب الغنى*****نسبــان محبــوبــان محترمـــــان

فأناله عفـراء صفقة تــــــــــاجـر*****حسب البنات ملابــــــسا و أواني

« ما عـامل في الحقل حمل يومه*****ما ليس يحمل مثله الهــرمــــان »

« يمشي لمنزلــــــه بنفس مغالب****مـر الشقا بحلاوة الوجــــــــدان »
« يمحو بفكرته عبوســـــة دهره*****بتبسم في آله و حنــــــــــــــان »
« يمشي وما هو إن دنــا حتى رأى*****في كوخه المحبوب سحب دخان »
« و رأى اشتعال النار في أخشابه*****و بكــا النـسا و تهـــــافـت الشبان»
«فأحس بالجلى فأســـرع لـيـتـــه*****أودى و لم تسرع به القـــدمـــان »

« فإذا قرينته الـــحـبـيـبـــــة جثة*****و بجنبها ولداه يحـتــرقــــــــــان »
ما خطب هذا و هو أهول مـا رأت *****عـيـن و ما سـمـعـت به أذنــــــــــان
بأشد من قــــــــول الرواة لعـروة*****عـفـراء أمـست زوجة لفـــــــــلان


خلع النحول عليه أفجع ما ارتأى*****داء و أبـلى ما اكـتساه مـعـــــــــان
سقم تشف به الضلوع كـأنــهـــــا*****قـطع الزجـــــــاج بمـائل الجدران
فغدا به مثلا تنــــــــــــــــاقله إلى*****أقـصى القبـــــائل ألسـن الـركـبـان



ما حـــــاضر الروحاء دون مناله*****وخد السرى في الأمعز الصـوان
ليحول دون فتى الهوى و فتـــاته*****إن الهوى ضرب من الطيــــران


فمشى إلى أرض الحبيب . دليله*****عينان إنساناهما غرقــــــــــــــان
يلقي القصائد في الطريق و حشوها*****أنـفـاس مكـلوم الحشا ولـــهــــــان
كالنعجة البيضـــاء حين مرورها*****بين الصخور و شائك العيـــــدان
تبقي على الأشواك من أصوافـها*****خصلا مخضبة بأحمر قـــــــــان


و درى أثالة أن عروة في الحمى*****و بما بعـروة من هوى و هــوان
و أثالة رجل المحـــــــــامد. بيته*****بيت الفخار و ملتقى الضيفـــــان
فأبت مروءته عليه أن يــــــــرى*****رجلا كعـروة مبعـدا متدانــــــــي
فمشى إليه عـــــــاتبا : أتكون في*****بلدي و لست لخيمتي و خـــواني
إني عـزمت عليك أنك نـــــــازل*****عندي و إلا ساءني حـرمــــــاني
- عذرا فإني راجــــــــع لحوادث*****نزلت بنا ما كن في الحسبـــــــان
-لا عذر.....لا ..لا عذر*******************************
-أنظرني إذن****لغد*********
**************************ــ إذن فـجــر النـهــار الـثـــاني
و تفارقــــــــــا فإذا بعروة رجمة*****تهوي عليها انقض صاعـقـتــــان
و أشــــــــــــار نحو أثالة بجفـــونه*****سترى المـروءة أننــــــا كـــفــــؤان
هجر الديـــــــــار لوقته تسعى به*****قدمان هازلتان شاكيتــــــــــــــان
هجر الديار ديـــــار عفـراء التي*****طبعت حشاشته على الأحـــــزان
حتى إذا وادي القرى رحـبـت به*****رحبت بشلو لف في أكــفــــــــان
جثمـــانه في القبر لكن روحـــــه*****أبدا مرفرفة على الوديــــــــــــان


رن النــــعي بأذن عفـراء فـــهـل*****شاهدت غصنا من رطيب البــان
لعبت به هوج العواصف فالتوى*****متقصفا و أصيب بالـرجفــــــــان
هي مثله حاشا الدمـــــــوع و أنة*****من صدر محتضر به جـرحـــان
فأتت أثالة و الدموع ســــوابــــح*****فتلثم الفضي بالمرجــــــــــــــاني
قالت : لتعلم أن عروة كــــان لي*****إلفا و نحن و عروة حدثـــــــــان
و علمت أن هواه لا عن ريـــــبة*****يخزى بها رجلي و يخفض شاني
هلا أذنت بأن أزور تـرابــــــــــه*****أفما أبي و أبو الفتى أخـــــــــوان
ـــ من ذا يمـــــــــانع أن تفيه حقه*****سيري . فما هي غير بعض ثوان
حتى رأيت بقبر عـروة بــــــانة*****محنية – وا لـهـفـتـا للبـــــــــــان
و سـمـعـت أية زفـرة و شـهـدت أيــــة ثورة و لـمـسـت أي حـنــــــــــان
ـــ..واعروتاه....و لم تتم نداءهـا*****حتى ارتمت فإذا هـنا مــيـتـــــــان


ضموا الفتــاة إلى الفتى في حفرة*****من فوقها غـصـنـان مـلـتـفــــــان
روحان ضمهما الهوى فـتـعـانـقـا*****و تـعـاهـدا فـتـعـانـق الـكـفـنــــان