أيّ أدب للطفل العربي؟!
من بين عشرات أطنان الكتب التي أُنْتِجَتْ للطفل العربي منذ ما يقارب النصف قرن وحتى الآن، فإن ثلاثة أرباع المادة المُنْتَجَة يمكن تصنيفُها في باب النفايات والمواد السامة التي تؤذي عقل الطفل وذوقه ومُخيَّلته. وتؤسِّس للمرض والإنحراف في الوقت الذي تدَّعي فيه أنها تحمل رسالة سامية وجميلة وصحيَّة.
ثلاثة أرباع كُتَّاب الأطفال العرب ليسوا كتّاباً في الأساس، ولا علاقة لهم بالطفل من قريب أو بعيد، يستغلّون، بالتواطؤ مع الناشر والتاجر جهل الأطفال بالمادة الملائمة لهم، وجهل أهلهم بذلك، وجهل المدرسة، وجهل الجهات الخاصة أو الرسمية المعنية، وينتجون للطفل مادة فاسدة ورخيصة وبأقلّ كلفة ممكنة ويروِّجونها هنا وهناك على أنها أدب رفيع فتحجب هذه المادة الخادعة والمتراكمة من يوم إلى يوم ومن عام إلى عام، أدب الطفل الحقيقي والجميل والأصيل الذي بدأ يتراجع أمام الأدب المزيّف، الذي سنحتاج غداً إلى سنوات من العمل لتنظيف عالمنا من آثاره السيئة.
إن الموضوع من الخطورة بحيث باتت الرقابة على ما يُنشر للأطفال ضرورية، وقد يلزم الأمر أن يداهم الرقباء دور النشر والمكتبات ويصادروا الفاسد والمُضرّ، مما يُنشر للطفل، كما يصادرون المخدَّرات والمسروقات وسائر الممنوعات.
إنه مستقبل مجتمعاتنا في الميزان، فالأطفال هم رجال هذا المستقبل، وأدب الطفل، من جملة أمور كثيرة، قد يدفع بنا إلى الأمام، أو قد يردُّنا إلى الخلف بحسب صحته أو فساده.
المفضلات