بسم الله الرحمن الرحيم






لما حجّ هشام بن عبد الملك في أيام أبيه , طاف بالبيت و جهد أن يصل الى الحجر الأسود ليستلمه , فلم يقدر على ذلك لكثرة الزحام . فنصب له كرسي و جلس عليه ينظر الى الناس , و معه جماعة من أعيان أهل الشام . فبينما هو كذالك اذ أقبل زين العابدين علي بن أبي طالب , فطاف بالبيت , ولما انتهى الى الحجر تنحى له الناس حتى استلم الحجر , فقال رجل من اهل الشام لهشام : من هذا الذي هابه الناس كل هذه الهيبة ؟ فقال هشام : لا أعرفه , مخافة أن يرغب فيه أهل الشام , وكان الفرزدق حاضرا فقال :أنا أعرفه , ثم اندفع فأنشد القصيدة :



هذا الذي تعرف البطحاء وطأته



و البيت يعرفه و الحل والحرم



هذا ابن خير عباد الله كلهم



هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم



هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله



بجدّه أنبياء الله قد ختموا



و ليس قولك من هذا؟بضائره



العرب تعرف من أنكرت والعجم



كلتا يديه غياث عمّنفعها



يستوكفان , و لا يعروهما عدم



سهل الخليقة , لا تخشى بوادره



يزينه اثنان : حسن الخلق والشيم



حمّال أثقال أقوام إذا افتدحوا



حلو الشّمائل تحلو عنده نعم



ما قال "لا" قط إلا فيتشهده



لولا التشهد كانت لاءه نعم



عمّ البرّية بالإحسان فانقشعت



عنها الغياهب و الإملاق والعدم



اذا رأته قريش قال قائلها



الى مكارم هذا ينتهي الكرم



يستدفع الشّر و البلوى بحبهم



و يستربّ به الاحسان و النعم