نعم لقد تغير النظام.. بل لقد سقط النظام وأصبح فى خبر كان واستطاعت إرادة الشعب المصرى أن تحقق حلماً طالما عشناه أجيالاً وأجيالاً حتى كدنا نصاب باليأس والإحباط وكأن هذا الحلم من رابع المستحيلات ومحال صعب المنال، ودون أن نعود للوراء ونضيع الوقت فى تحليل الأحداث والظروف والملابسات ما ظهر منها وما بطن وما خفى كان أعظم سنتركه للتاريخ ليكشف المستور وتظهر الحقائق، فإننى أجد أن الواقع ملئ بأشياء لا تليق بهذا الحدث الجلل وكل ما أخشاه أن يتحول هذا الحلم إلى كابوس مرعب للجميع دون استثناء، وما نراه اليوم من مهاترات ومغامرات ومتاجرة بمصير هذا البلد العظيم فى ظل الانفلات الأمنى والأخلاقى والانهيار الاقتصادى المستمر وخلافه من المؤامرات الداخلية والخارجية التى تستهدف أمن واستقرار وتقدم هذا البلد لتحقيق الأجندات والمكاسب الخاصة فى ظل إرهاب إعلامى من بعض وسائل الإعلام التى نافقت بالأمس وأصبحت أشد نفاقاً وإفساداً اليوم .والمؤسف حقاً أن نجد من نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب المصرى واختزلوه فى مجموعات وائتلافات وتيارات اتفقوا على ألا يتفقوا فى مسرحية هزلية من نفاق قومى وحوار الطرشان اللاوطنى وأخشى أن يسدل الستار على كارثة لا ينجو منها أحد ، فنجد اختلاف الحديث بعد وقوع الحدث ونسى البعض أو تناسى أن الحد الفاصل يوم 11 فبراير 2011 كشف الجميع وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الغباء السياسى لم يكن أبداً حصرياً مقصوراً على بعض رموز النظام السابق بل يعيشه الآن من يسرقون الثورة من كافة القوى السياسية المختلفة .

ولما كانت السياسة التى تعلمناها هى فن الممكن والمتاح والمتغير دائماً وليست عقيدة دينية راسخة لا تتغير فليس من العيب أن تختلف الرؤى والوسائل ولكن من العار علينا جميعاً أن نختلف على الهدف وهو بناء مصر المستقبل ؛ فما نراه اليوم من محاكم تفتيش وتخوين وإقصاء ينادى بها البعض خوفاً من الآخر وطمعاً فى مكاسب شخصية ضاربين عرض الحائط بإرادة الشعب وحريته التى استعادها فى الاختيار وممارسة حقه الدستورى دون تضليل وإدعاءات البعض باحتكار الوطنية ، فنحن جميعاً شركاء هذا الوطن دون إقصاء وكلنا بشر يخطئ ويصيب وخير الخطائين التوابون.

وكما أن الوطنية ليست حكراً على أحد فإن الفساد ليس حصرياً فى أحد فكلنا فاسدون إن اختلفنا على الهدف الذى تسقط أمامه كل الأهداف والأهواء الشخصية .فهل أن الأوان أن نستوعب الدرس ونفيق من غفوتنا ويتفق شركاء الوطن الشرفاء من كل الأطياف للبناء والتعمير بدلاً من الهدم والتدمير.

إننى أحذر من ضياع مستقبل هذا الوطن بأيدينا ولن يرحم التاريخ أحداً ولن يتحمل الشعب المصرى المزيد عما يعيشه الآن ؛ عندها ستكون ثورة لا تبقى ولا تذر.. ثورةً للجياع لجموع الشعب المصرى فى كل شبر من أرض مصر من أقصاها إلى أقصاها .وأهيب بالجميع أن يتق الله وأن نتطهر جميعا من خطايانا وأن نتحمل مسئولية الأمانة التى عرضها رب العزة على السماوات والأرض و الجبال فابينا أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً .ويبقى أن أقول .. لقد تغير النظام .. فمتى نتغير نحن ؟؟؟!!!
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"