بسم الله الرحمن الرحيم

كثيرا من الناس يشكوا عدم قدرته علي الاستمرار والثبات علي الطاعة بعد رمضان بل وكثير من الناس يشكوا قسوة قلبه وجمود عينيه بل وكثير من الناس يشكوا جرأته علي انتهاك حرمات الله عز وجل صام رمضان شهرا كاملا وقام ليله وقرأ القرأن الكريم وداوم علي الذكر والاستغفار والعمل الصالح لكن يصاب الكثيرون بعد انتهاء الليلة الأخيرة من شهر رمضان لا اقول بحاله من الفتور ولكن لا أبالغ ان قولت يصابوا بحاله من حالات الانتكاس فيشكوا قسوة قلبه وجمود عينيه بل ولا يستشعر لذه الطاعة وحلاوة العبادة أللتي كان عليها في رمضان واذا خلي بعد رمضان لا اقول بأيام بل بساعات اذا خلي بنفسه ربما يجد من نفسه الجرأه علي انتهاك حرمات الله تعالي
وفي الحديث الصحيح اللذي رواه ابن ماجه والبيهقيي في سند صحيح من حديث ثوبان ان النبي صلي الله عليه وسلم قال
((لأعلمن اقواما من امتي يأتون يوم القيامه بحسنات امثال جبال تهامه بيضاء فيجعلها الله هبائا منثورا اما انهم اخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون لكنهم قوما اذا خلو بمحارم الله انتهكوها ((
أي لا يتورع في الخلوه ان ينتهك محارم الله وحتما سيصل من هذه المرحله الي مرحله اخري وهي مرحله الجهر بالمعصيه بلا خجل او حياء من الله
ففي الصحيحين من حديث ابي هريره رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال
(( كل أمتي معافي إلا المجاهرين وأن من المجاهره ان يعمل الرجل بالليل عملا فيصبح وقد ستره الله عز وجل فيقول يا فلان اني عملت البارحه كذا وكذا أي من اعمال الذنوب والمعاصي يقول الصادق يبيت وقد ستره الله فيصبح يهتك ستر الله عليه ))
شتان شتان بين المؤمن اللذي ذاق حلاوه الايمان وبين المومن اللذي ذاق طعم الأيمان واشرق نور الأيمان في قلبه وبين الفاجر اعاذني الله واياكم الفجور فالمؤمن يري ذنوبه ولو كانت صغيره كأنه يقعد تحت جبل يخشي ان يخر عليه الجبل في أي ساعه من ليل او نهار
لا يحتقر ذنبا ابدا ولا يستهين البته بمعصيه وانما تراه دائما خائفا وجلا من الله جل وعلا
قال الله تعالي


"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ "

قالت السيدة عائشة يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر
قال لا يابنت الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخش ان لا يتقبل الله منه
والحديث رواه الأمام احمد بسند صحيح
فالمؤمن تراه دائما أبدا وجلا خائفا من الله عز وجل لا يستهين بمعصية
ولا يحقر ذنبا من الذنوب بل ويخشي من حاله الفتور أللتي تنتابه في أي مرحله من مراحل سيره إلي الله عز وجل

اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلي الله عز وجل بقلبه وهمته لا ببدنه
مسافات الدنيا ومسافات الأرض تقطع بالأبدان لكن الطريق الموصل إلي الرحمن يقطع بالهمم والإرادات الصادقة
فالتقوى في الحقيقة تقوي القلوب لا تقوي الجوارح

قال تعالي

((ذلك وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))

قال تعالي
((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَاوَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))

وأشار صلي الله عليه وسلم إلي صدره الشريف يوما وقال

((التقوى ها هنا التقوى ها هنا التقوى ها هنا ))

يقول عبد الله بن مسعود والأثر في صحيح البخاري

إن المؤمن يري ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه
وان الفاجر يري ذنوبه كذباب سقط علي انفه فقال به هكذا
أي فذبه فطار

يتبع