المحارق
....والرؤى
تأملات من نوافذ الأحزان المصيبة


(1)
لا أملك
مثل زرقاء اليمامة
-

ذروة البصر الشفيف
لكي أرى
خلف الغبار
لكنني
-
ببصيرة الشعراء-

ألمح غابة الأشجار
تمشي
عند رابعة النهار
كم حدثوني
عن
(سليمان وابنه)

وعن تعاويذ
البطولة
عند
(أشباه الكبار)

لم ينتفض قلمي
ولا قلبي
ولا
(.....)

فقد استقلت
عن المباذل
وعن مقارعة الصغار
الشمس تفتح
كوة للحق
جهراً واقتدار
ويا سيدي
البحر فينا
قد استقال عن الدوار
(2)
عفواً
فهذي الأرض أضحت
من بيات الحلم
جُرُزاً
لم تزل تهفو
إلى نيل ينافح
منذ
(هولاكو) و(كسرى)

تعزف الشمس
على وتر المذابح
بعد فجر
(القادسية)

لم يقف نجم
على خشب المسارح
كل زيد جاء ليلاً
أو بصبح
كان مشروخ الملامح
يدخلون ويخرجون
من
(اليمين)

وبالأواسط
(و) اليسار
يحرقون الوعد
في حمم التناحر
والشجار
كل طاؤوس تطاول
كان فحلاً في الخطابة
ينحر الأفعال جهراً
في التناقض والغرابة
من يصدق
يا ألهي وأنت جاهي
إنهم قد
(خصخصو)

الحب الألهي؟
!

من لي
(بفيزا)

من سفارة
أو
(بعقد)

تحت وضع اليد
أو رهن الإشارة؟
(3)
لا أدري
كيف اغتال الوالي
كل الأشياء الموروثة
وكل الأحلام المألوفة
وكيف أكتشف
قنابلنا الموقوتة
واخذنا لساحة سوق الوطن
ونادى السياف
فجرّ عقيرتنا
فأدمنا غناء الثورة
في السر
وسبحنا
في موج الفعل
على البر
ومكثنا نحلم
مثل الحشاش الأعمى
بالشمس وبالأزهار
وأطيار
في غابات فضية
وشهرنا
على الشرفاء
الأحقاد الرعناء الثورية
يا وطن الثورة
والفقراء
(
عزة) خلف السور
ونحن
نسامر في البغضاء
هل تسمع
صوت الريح
يصفر في القضيان
فتعلم أنّا
قد صعق العجز فتوتنا
فتزهد فينا؟
!!

لا شيء يجيب
فالوطن فضاء
والزمن فضاء
والناس فضاء
أحياناً تتساقط
من سقف الوطن
النازف
منشورات ثورية
لا أدري
آخر منشور
من أول منشور
إلا بالتاريخ المكتوب
على صدر الأوراق
فالمنشورات توائم
تتشابه
في الأنف وفي الأذن
وفي التهويم
وفي الأطراق
في كل تقاطيع الأخبار
في عجز الصوت
وضعف النار
لا أدري كيف يكون خلاصُ
الشعب
بهذا الورق البالي؟
هل سيسقط يوماً
منشور
من سقف القصر
على عنق الوالي
فنسمع في المذياع
بأن الوالي
قد انتقل لدار أخرى
بمؤامرة كبرى؟
أم سيهبط منشور
في قلب الأمة
مثل غرام
أو غضب فارع
فيؤجج
نيران الشبق
الصاخب
في أوردة الشارع
فتبدأ أعراس دموية؟؟
لا ادري لكني أعلم
أن الرحم ولود
وعزة انثى نارية
قد يطرق يوماً
فرش أنوثتها
فحل مجنون
فتحمل عاصفة
تقتلع الظلم
من الأرض
السمراء الطينية
(4)
من رفرف الجمر
قد اختارُ أشيائي
من غبن الحوانيت
ومن ثمر
البساتين البكائية
اقتات من نظري
ومن غُبني
ومن بؤسي
ومن حقبي الخماسية
أسست بنياني
على
(جرفٍ)

من التاريخ والتلميح
والتصريح
والإيمان بالحُسنى
لأني
أغرس الأشتات
من عصبي
ومن جُرحي
واحصدها
لأغدقها
على الأحباب
تذكرة وأمنية
(5)
أذكر أن أمي
علمتني
أن لا أُدر خدي
لصفع الوحل
والأحزان
وأن أرتاب
من زمني
وأن أدري
بأن الناس قد تأتي
تصلي الفجر
تلبية وإيمان
وقد تأتي
لأن النوم
لم يأتي
وقد تأتي
لأن الفجر تزكية
لدى السلطان
(6)
اختلاف الرأي
يفسد للود قضية
الآن
تسقط بعضُ
الأمثال الشعبية
هذا
(عصر) الأمثال

(
العصرية)
(
النساء كالبصات
إن فاتك بص
لا تحزن
فهناك بقية
)

لكني شخصياً
إن فاتني بصُ
لا احزن
أو أزأر
فالمثال الآخر
(
المرأة أنثي
والبص مذكر
)
(7)

إلى روح نعمان هارون
ماتت
وكان الناس في شغل
وفي فيض من الأفراح
والأقداح والحمى
ماتت
حروف النعي أربعة
وبئر الحزن شاهقة
إلى أعلى
-
أكان الدمع من
ماء؟
هنا ميم
هنا ألف
هنا همزة
ماتت
وكان الحب مطموراً
على جرف
وكان الجمر منصوباً
على تلة
وكان النعي
متكئاً على قلبي
وكان القلب مغروساً
على شعلة
ماتت وكان النعي
قاطرة
هنا داست
على أسمار لم تُبلى
كان الموت سارية
وقد أرخت عنان الرأس
ترسيماً على دولة
ماتت
وكم كانت

(
مصادمة)

ورائعة
وكم سمقت على
جولة
(8)
إلى روح عمر الدوش وعلى عبد القيوم
لماذا القعود
وغيرك يرحل ذات
مساء
ذات صباح
ذات ظهيرة؟
قسراً يغوص الشعراء
في غياهب
هذا الأرخبيل المراوغ
وتنأي أوتارهم
رغم أنفك
عن صباح المسيرة
هل تكمل الأوراق
قبل طلوع الشمس
نعشاً زاحفاً
تحت شمسٍ أسيرة؟
هل سقاك الوطن يوماً
سلسبيلاً طهورا
وهل أعادك
من غابة المنافي
إلى صحن بيتك
ألقاً كبيرا؟
أم تنشب الساقية
اللعينة
ظفر دورانها
على قلب حلمك
وتقذف لحمك
نحو جب الدميرة؟
صبراً جميلاً
فهذا الحصان يطير
بعيداً
عبثاً تركض
نحو سدرة الدخان
السرمدي
وينقر جرحك
على زجاج الحظيرة
..
صبراً جميلاً
دع قيدك يغفو
على حضن الأريكة
واهماً وانزع في الرؤى
عن الليل أثماله
وأوسعه شمساً
وجمراً
وظلاً ونيلاً
وتلمظ
بسخف الهتاف العجوز
فكل الكلام أنين
المسام
وجُل المراكب
تخشى الجزيرة
(9)
من يشتري قلماً
بلا ثمن؟
من يشتري قلماً
(
بلاش)؟
من كل حدبِ
كان القادمون
من الفراغ
إلى الحضيض
يقهقهون ويشتمون
أبراجهم وحظوظهم
أن ينحروا أسماً
تغلغل في العذاب
ليمهر الوطن المثابر
بالضياء وبالجمال
أمجادهم أن يجرحوا
ويمزقوا
وتراً وأغنية
عن الزمن الملقح
بالرماد
وشدوهم
قيحاً من اللفظ البذئي
وفكرهم عطناً
وأسفنجاً تمطق للدماء
من يشتري حجراً
بلا صوت
ومسبحة بلا عدد
و
(أبريقاً) بلا قاعٍ
وساقية
بلا ثور وماء؟؟
من يجعل الحرف
المقاتل
يستكين على الخواء؟

(10)
إلى روح مصطفى سيد أحمد
أراك تفلت لاهثاً
من مقصلة
الطوارئ
تتسلل في غسق الليل
إلى قلوب الحواري
تطلق الزفرة من عقالها
فينبجس الفجر
في عروق العبيد
وتمزق
بسيف الغناء الجديد
قيد الجواري
من أودع الحروف
في جنون بهجة
الموسيقى؟
من أسرج الجمال
فوق صهوة الحريقة؟
من رتل الطبول
عند حلقة
(الطريقة)؟
من صار ممكناً
في كونها عصار
لم يعرف الغبار؟
من مد بحره لجدبنا
وأطلق السفائن الكبار

(
لا نعرف النكوص
والدوار
)؟
من بارز الهوان
والكآبة
لنصر ةالغلابة؟
يا سيدي
ينهمر من غمام
صوتك
مُزن الهتاف النبيل
يشتعلُ التبغُ
في دماء المقاهي
ويشرب الصباح
زهو الزنجبيل
تولج الأصيل في
شغاف السحر
وتولج الأصيل في
شغاف السحر
وتولج السحر
في شغاف الأصيل
وتوقظ الحضور

(
يا ضلنا)

قطرة
قطرة
في سبات الرحيل
شعر هاشم صديق
(
من مجموعتي (هذا المساء) و(على باب الخروج)