البطل عز الدين القسام




المجاهد الشهيد بإذن الله (عز الدين القسام) إذا ذكرته تذكرت فلسطين، وإذا ذكرت فلسطين ذكرت الأبطال، منهم: عز الدين القسام.

سطر التاريخ مجدهم، وكتبت الدواوين ترثيهم، وخاضوا معارك تُهزم بها جيوش في مواجهة قتلة الأنبياء(اليهود).

وقد ولد الشيخ محمد عز الدين بن عبدالقادر بن مصطفى القسام الشهير باسم (عز الدين القسام) في بلدة جبلة قرب اللاذقية عام 1883 ميلادي، وهو سوري الأصل بعدما احتلت بلده من قبل الأسطول الفرنسي. هو ممن حمل السلاح، ورفع راية مقاومة الفرنسيين في تلك المنطقة، ثم ذهب إلى فلسطين مجاهدًا وكان خطيبًا وفي إحدى خطبه كان يردد على المنبر: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] فاستدعته سلطات الانتداب للتحقيق بسبب ذكره لهذه الآية والتركيز عليها فقال إن الآية الكريمة جزء لا يتجزأ من القرآن وأن واجبه يحتم عليه شرح هذه الآية في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد.

كان همه الأول رحمه الله تخليص الدين من الشوائب، وإخلاص العقيدة لله وحده، وحارب (عز الدين القسام) ذهاب الناس إلى (مقام الخضر) على سفوح جبل –الكرمل- لذبح الأضاحي شكرًا على شفاء من مرض، أو نجاح في مدرسة ودعا المجاهد (عز الدين القسام) التوجه بنذورهم وأضاحيهم لله سبحانه وتعالى فقط، لأنه هو وحده القادر على النفع والضر أما أصحاب القبور فلا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا.

قال الأستاذ محمد حسين شراب: "ثبت عندي للقسام منقبتان جامعتان لكل خلال الخير وهما: أنه شيخ المجاهدين في فلسطين، ورائد من رواد الدعوة إلى الله وإصلاح المجتمع على نهج السلف الصالح".

في ليلة 12 تشرين الثاني 1935 م جمع الشيخ (عز الدين القسام) إخوانه في مدينة حيفا، وأبلغهم أنه قرر إعلان الجهاد المقدس، وأبلغهم أنهم سيغادرون تلك الليلة إلى أرض المعركة وقال لهم إن شعار جهاده هو: "أن يذهب كل مجاهد إلى أهله يستودعهم الله، ويواعدهم اللقاء في الجنة".
وكان عمر (عز الدين القسام) آنذاك تجاوز الستين سنة رحمه الله بعدما ودع زوجته وأولاده الصغار، فتوجه إلى قرية (كفردان) مع رفاقه الأبطال فقد كانوا يدافعون عن حياض الإسلام وأهله واستبسل البطل المجاهد (عز الدين القسام) مع رفاقه في معركة غير متكافئة بالعدد والعدة وكان كل مقاتل من رفاقه يقاتل أربعين جنديًا ونشب القتال بين لواء الكفر ولواء الإسلام من الفجر إلى الظهر فانتهت باستشهاد قائد فوج الإسلام المجاهد (عز الدين القسام) وعصبة من رفاقه الرجال الذين صدقوا الله فصدقهم.

ولم تنته بطولة (عز الدين القسام) بعد موته فقد انزعجت السلطات المنتدبة من ذيوع صيته، واستدعى مدير المطبوعات أصحاب الصحف ورؤساء تحريرها، وحظر عليهم كتابة أي شيء عن المجاهد (عز الدين القسام) وهدد بمحاكمتهم وتعطيل صحفهم، وهكذا الكبار لا يطفئ نورهم ولو كانت الأجساد تحت الثرى: "ورب همة أيقظت أمة".


خاتمة:

وقفت ميمنة ابنة الشهيد (عز الدين القسام) في أول مؤتمر نسائي عربي في التاريخ عقد لأجل فلسطين عام 1938 م خطيبة وفود النساء بعدما أثنت على أبيها البطل (عز الدين القسام)، فقالت وهي تفتخر: "الحمد لله ثم الحمد لله الذي شرفني باستشهاد أبي، وأعزني بموته ولم يذلني بهوان وطني واستسلام أمتي".
لله درها من ابنة بطل وتذكرت موقفها بموقف الخنساء عندما بلغها مقتل أبنائها الأربعة في معركة القادسية فقالت: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأسأل الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته"، هذه فلسطين التاريخ ينبئنا بأخبارها ويذكر مآثر الأبطال ومنهم هذا المجاهد البطل (عز الدين القسام) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.