كانوتي " الشجاع " ... وشافيز " البطل " ...
بينما عبّر اللاعب المسلم فريدريك عمر كانوتي المالي الجنسية عن تضامنه مع ضحايا القصف الإسرئيلي على قطاع غزة، من خلال كشفه أمام ملايين المشاهدين في العالم عن قميص كتب عليه بعدة لغات اسم "فلسطين"، لم يفكر المنظمون لدورة كأس الخليج المقامة في سلطنة عُمان بمجرد تأجيل موعدها تضامناً مع ما يتعرض له أهل غزة من تنكيل وتقتيل ودمار، وأصرت القنوات الفضائية العربية على نقل المباريات والإستديوهات التحليلية التي تستضيف "خبراء" الركل والرمي والدفاع والهجوم الكروي في ذات الوقت الذي تقصف فيه بيوت أهلنا في غزة وتدك على رؤوسهم بأحدث أسلحة التدمير والقتل. وكأن غزة تقع في المريخ وتسكنها مخلوقات فضائية لا تربطنا بهم أي صلة.اللاعب الإفريقي الذي عوقب بالبطاقة الصفراء نتيجةً لاتخاذه "موقفاً سياسياً" وتعبيره عن دعمه للفلسطينيين بشكل علني، مهدد بعقوبات أخرى أكبر لأنه تصرف تصرفاً تحظره قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم.
إلا أن عمر كانوتي كان مدركاً لما يمكن أن يلحقه من جراء هذا التصرف وأصر على مراعاة ضميره الذي سبق أن دفعه للتبرع بأكثر من 700.000 دولار لشراء أحد مساجد مدينة إشبيلية لينقذه من الإقفال بعد عجز إدارته عن تحمل التكاليف المستحقة عليه، ورفض قبلها ارتداء قميص يحمل شعار إحدى شركات المقامرة الراعية لناديه الإسباني.
بينما اليوم تعج الشوارع في المدن الخليجية وأغلب محطات الإذاعة والتلفزيون بالإعلانات التي تدعو الشباب للوقوف إلى جانب "منتخباتهم" ودعمها للفوز بالكأس "الغالي"، ويركز أحدها على أن تشجيع المنتخب للفوز باللقب واجب وطني لأنه يرفع إسم البلاد عالياً بين الأمم!!، وكأن النخوة والوطنية والإنتماء أختزلت كلها في هتافات متعصبة وتلوين للوجوه في المدرجات وأكل "لفشار"!!.
وحين ترى الأعداد الغفيرة من شبابنا تتزاحم في أحد المقاهي التي تعرض المباريات الكروية، وتصم أذنيك الصيحات التي تتعالى في أرجاء المكان، سيتملكك الحزن والخوف على مستقبل هذه الأمة التي يقتل أطفالها وترمل نسائها وتستباح ربوعها بينما رجالها لاهون بمتابعة "التمريرة" و"الباص" و"الفاول" و"البلانتي"!!.
بعد أن طرد الرئيس الفنزويلي شافيز السفير الإسرائيلي من كاركاس قال أحد المفكرين العرب خلال لقاء تلفزيوني تعليقاً على الحادثة أن مشكلتنا الأساسية تتلخص في تمجيدنا الساذج وتعصبنا الأعمى للعرق العربي، وتفاخرنا بأمجاد الأجداد وما فعلوه دليل واضح على إفلاس الجيل الحالي الذي أكتفى بالتباكي على الماضي، متناسياً أن أغلب قادة هذه الأمة ورجالاتها لم يكونوا عرباً. وكم كان موفقاً في طرحه هذا، حيث أن ما نراه من وقفات مشرفة من سياسيين ومشاهير ومفكرين أجانب مع أهل غزة مقابل تلكؤ ومماطلة من طرف الأنظمة العربية التي فشلت في مجرد التعبير عن رفضها لما يحدث في غزة دليل قاطع على أن التفاخر بالعروبة سيتحول قريباً إلى مذمة.
المفضلات