قائمة الاعضاء المشار اليهم

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: من اقوال لقمان (عليه السلام)

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    .: جيماوي فعال :.
    الصورة الرمزية gemsoft

    الحالة
    غير متواجد
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    214
    الشَكر (المُعطى)
    500
    الشَكر (المُستلَم)
    219
    الإعجاب (المُعطى)
    0
    الإعجاب (المُستلَم)
    0
    غير معجبون (المُعطى)
    0
    غير معجبون (المُستلَم)
    0
    تم تذكيره فى
    0 مشاركة
    تمت الاشارة اليه فى
    0 مواضيع
    معدل تقييم المستوى
    31

    افتراضي من اقوال لقمان (عليه السلام)

    لقمان (عليه السلام)





    لقمان (عليه السلام)
    إلهيات
    لا يخيب من رجاه(1)
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ): قال لقمان لابنه وهو يعظه:
    يا بني من ذا الذي ابتغى الله عز وجل فلم يجده؟ ومن ذا الذي لجأ إلى الله فلم يدافع عنه؟ أم من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه؟
    معارف
    تضييع العلم تركه(2)
    عن أبي عبد الله (عليه السلام )، قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه، أنه قال له:
    يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيباً لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعاً مثل تركه.
    اجلس معهم(3)
    يا بني اختر المجالس على عينيك، فإن رأيت قوماً يذكرون الله عز وجل فاجلس معهم فإنك إن تك عالماً ينفعك علمك ويزيدون علماً، وإن كنت جاهلاً علموك، ولعل الله أن يصلهم برحمة فتعمك معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالماً لا ينفعك علمك، وإن تك جاهلاً يزيدونك جهلاً، ولعل الله أن يصلهم بعقوبة فتعمك معهم.
    حياة القلب(4)
    يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتك، فإن الله عز وجل يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء.
    لعلك تشبههم(5)
    أي بني صاحب العلماء وجالسهم، وزرهم في بيوتهم، لعلك أن تشبههم فتكون منهم.
    مواصفات العالم(6)
    للعالم ثلاث علامات:
    العلم بالله، وبما يحب، وما يكره، الخبر.
    تعلم الحكمة(7)
    يا بني تعلم الحكمة تشرف، فان الحكمة تدل على الدين، وتشرف العبد على الحر، وترفع المسكين على الغني، وتقدم الصغير على الكبير، وتجلس المسكين مجالس الملوك، وتزيد الشريف شرفاً، والسيد سؤدداً، والغني مجداً، وكيف يظن إبن آدم أن يتهيا له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة ولن يهيء الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة؟! ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بلا نفس، أو مثل الصعيد بلا ماء، ولا صلاح للجسد بلا نفس، ولا للصعيد بغير ماء، ولا للحكمة بغير طاعة.
    للعالم علامات(8)
    عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: قال لقمان لابنه:
    يا بني لكل شيء علامة يعرف بها ويشهد عليها، وإن للدين ثلاث علامات: العلم والإيمان والعمل به.
    وللإيمان ثلاث علامات: الإيمان بالله وكتبه ورسله.
    وللعالم ثلاث علامات: العلم بالله، وبما يحب، وبما يكره.
    وللعامل ثلاث علامات: الصلاة، والصيام، والزكاة.
    وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويقول ما لا يعلم، ويتعاطى ما لا ينال.
    وللظالم ثلاث علامات: يظلم من فوقه بالمعصية، ومن دونه بالغلبة، ويعين الظلمة.
    وللمنافق ثلاث علامات: يخالف لسانه قلبه، وقلبه فعله، وعلانيته سريرته.
    وللآثم ثلاث علامات: يخون، ويكذب، ويخالف ما يقول.
    وللمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان الناس عنده، ويتعرض في كل أمر للمحمدة.
    وللحاسد ثلاث علامات: يغتاب إذا غاب، ويتملق إذا شهد، ويشمت بالمصيبة.
    وللمسرف ثلاث علامات: يشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له، ويأكل ما ليس له.
    وللكسلان ثلاث علامات: يتواني حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، ويضيع حتى يأثم.
    وللغافل ثلاث علامات: السهو، واللهو، والنسيان.
    قال حماد بن عيسى: قال أبو عبد الله (عليه السلام ): ولكل واحدة من هذه العلامات شعب يبلغ العلم بها أكثر من ألف باب وألف باب وألف باب فكن يا حماد طالباً للعلم في آناء الليل وأطراف النهار، فإن أردت أن تقر عينك وتنال خير الدنيا والآخرة فاقطع الطمع مما في أيدي الناس، وعد نفسك في الموتى، ولا تحدثن نفسك أنك فوق أحد من الناس، واخزن لسانك كما تخزن مالك.
    لا تتخذ الجاهل رسولاً(9)
    عن يحيى بن سعيد القطان قال:
    سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: قال لقمان (عليه السلام):
    حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم أحمل شيئاً أثقل من جار السوء وذقت المرارات كلها فما ذقت شيئاً أمر من الفقر.
    يا بني لا تتخذ الجاهل رسولاً، فإن لم تصب عاقلاً حكيماً يكون رسولك فكن أنت رسول نفسك.
    يا بني اعتزل الشر يعتزلك.
    وقال الصادق صلوا ت الله عليه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام ): قيل للعبد الصالح لقمان: أي الناس أفضل؟
    قال: المؤمن الغني.
    قيل: الغنى من المال؟
    فقال: لا، ولكن الغنى من العلم الذي إن احتيج إليه انتفع بعلمه، فإن استغنى عنه اكتفى.
    وقيل: فأي الناس أشر؟
    قال: الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً.
    طول الفكرة(10)
    وكان لقمان يطيل الجلوس وحده فكان يمر به مولاه فيقول: يا لقمان إنك تديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك. فيقول لقمان:
    إن طول الوحدة أفهم للفكرة، وطول الفكرة دليل على طريق الجنة.
    مجالس الذاكرين(11)
    قال لقمان لابنه: ...
    يا بني اختر المجالس على عينيك فإذا رأيت قوماً يذكرون الله عز وجل فاجلس معهم، فإنك ان تكن عالماً يزيدوك علماً، وان كنت جاهلاً علموك، ولعل الله أن يظلهم برحمة فيعمك معهم، وإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإنك إن تكن عالماً لا ينفعك علمك وإن تكن جاهلاً يزيدوك جهلاً ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم.
    أخلاق
    كيف تصرع عدوك(12)
    عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام )، قال: كان فيما أوصى به لقمان ابنه ناتان أن قال له:
    يا بني ليكن مما تتسلح به على عدوك فتصرعه المماسحة وإعلان الرضى عنه، ولا تزاوله بالمجانبة فيبدو له ما في نفسك فيتأهب لك.
    يا بني خف الله خوفاً لو وافيته ببر الثقلين خفت أن يعذبك الله، وارج الله رجاء لو وافيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
    لا تخف الإقتار(13)
    عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام ): كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له:
    يا بني ليعتبر من قصر يقينه وضعفت نيته في طلب الرزق أن الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره وآتاه رزقه ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة، إن الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة، أما أول ذلك فإنه كان في رحم أمه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر وبرد، ثم أخرجه من ذلك وأجرى له رزقاً من لبن أمه يكفيه به ويربيه، وينعشه من غير حول به ولا قوة، ثم فطم من ذلك فأجرى له رزقاً من كسب أبويه برأفة ورحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة، حتى إذا كبر وعقل واكتسب لنفسه ضاق به أمره وظن الظنون بربه وجحد الحقوق في ماله وقتر على نفسه وعياله مخافة إقتار رزق، وسوء يقين بالخلف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل، فبئس العبد هذا يا بني.
    مجمع الحكمة(14)
    عن مسعدة بن صدقة، قال: حدثني جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قيل للقمان: ما الذي أجمعت عليه من حكمتك؟ قال:
    لا أتكلف ما قد كفيته، ولا أضيع ما وليته.
    إياك وسوء الخلق(15)
    عن الصادق (عليه السلام ) قال: قال لقمان لابنه:
    يا بني إياك والضجر وسوء الخلق وقلة الصبر فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب وألزم نفسك التؤدة في أمورك، وصبر على مؤونات الإخوان نفسك، وحسن مع جميع الناس خلقك.
    يا بني إن عدمك ما تصل به قرابتك وتتفضل به على إخوانك فلا يعد منك حسن الخلق وبسط البشر، فإنه من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجار، واقنع بقسم الله ليصفو عيشك، فإن أردت أن تجمع عز الدنيا فاقطع طمعك مما في أيدي الناس، فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم.
    وقال الصادق (عليه السلام ): قال لقمان (عليه السلام ): يا بني إن احتجت إلى سلطان فلا تكثر الإلحاح عليه، ولا تطلب حاجتك منه إلا في مواضع الطلب، وذلك حين الرضى وطيب النفس، ولا تضجرن بطلب حاجة فإن قضاءها بيد الله ولها أوقات، ولكن ارغب إلى الله وسله وحرك إليه أصابعك.
    يا بني إن الدنيا قليل وعمرك قصير.
    يا بني احذر الحسد فلا يكونن من شأنك، واجتنب سوء الخلق فلا يكونن من طبعك، فإنك لا تضر بهما إلا نفسك، وإذا كنت أنت الضار لنفسك كفيت عدوك أمرك، لأن عداوتك لنفسك أضر عليك من عداوة غيرك.
    يا بني اجعل معروفك في أهله وكن فيه طالباً لثواب الله، وكن مقتصداً، ولا تمسكه تقتيراً، ولا تعطه تبذيراً.
    يا بني سيد أخلاق الحكمة دين الله تعالى، ومثل الدين كمثل شجرة نابتة، فالإيمان بالله ماؤها، والصلاة عروقها، والزكاة جذعها، والتآخي في الله شعبها، والأخلاق الحسنة ورقها، والخروج عن معاصي الله ثمرها، ولا تكمل الشجرة إلا بثمرة طيبة، كذلك الدين لا يكمل إلا بالخروج عن المحارم، يا بني لكل شيء علامة يعرف بها وإن للدين ثلاث علامات: العفة، والعلم، والحلم.
    أخلص طاعة الله(16)
    عن علي بن الحسين صوات الله عليهما قال: قال لقمان لابنه:
    يا بني إن أشد العدم عدم القلب، وإن أعظم المصائب مصيبة الدين، وأسنى المرزأة مرزأته، وأنفع الغنى غنى القلب، فتلبث في كل ذلك، والزم القناعة والرضى بما قسم الله، وإن السارق إذا سرق حبسه الله من رزقه وكان عليه إثمه، ولو صبر لنال ذلك وجاءه من وجهه.
    يا بني أخلص طاعة الله حتى لا تخالطها بشيء من المعاصي، ثم زين الطاعة باتباع أهل الحق فإن طاعتهم متصلة بطاعة الله تعالى وزين ذلك بالعلم، وحصن علمك بحلم لا يخالطه حمق، واخزنه بلين لا يخالطه جهل، وشدده بحزم لا يخالطه الضياع وامزج حزمك برفق لا يخالطه العنف.
    لا تدخل مداخل السوء(17)
    يا بني لا تقترب فتكون أبعد لك، ولا تبعد فتهان، كل دابة تحب مثلها وإن ابن آدم يحب مثله؟! ولا تنشر بزك إلا عند باغيه، وكما ليس بين الذئب والكبش خلة كذلك ليس بين البار والفاجر خلة، من يقترب من الزفت يعلق به بعضه، كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرقه، من يحب المرء يشتم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم، ومن لا يملك لسانه يندم.
    مقاييس الحكمة(18)
    وقيل للقمان: ألست عبدآل فلان؟ قال: بلى. قيل: فما بلغ بك ما نرى؟ قال:
    صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني، وغض بصري، وكف لساني، وعفة طعمتي، فمن نقص عن هذا فهو دوني، ومن زاد عليه فهو فوقي، ومن عمله فهو مثلي.
    وقال: يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة، ولا تشمت بالموت، ولا تسخر بالمبتلى، ولا تمنع المعروف.
    يا بني كن أميناً تعش غنياً.
    يا بني اتخذ تقوى الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة، وإذا أخطأت خطيئة فابعث في أثرها صدقة تطفئها.
    يا بني إن الموعظة تشق على السفيه كما يشق الصعود على الشيخ الكبير.
    يا بني لا ترث لمن ظلمته، ولكن ارث لسوء ما جنيته على نفسك، وإذا دعتك القدرة إلى ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك.
    يا بني تعلم من العلماء ما جهلت، وعلم الناس ما علمت.
    ثق بالله(19)
    يا بني ثق بالله عز وجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه؟
    يا بني توكل على الله ثم سل في الناس من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه؟
    يا بني اُحسن الظن بالله ثم سل في الناس من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به؟.
    إياك والحسد(20)
    إياك والحسد، فإنه يتبين فيك، ولا يتبين فيمن تحسده.
    لا تحقرن احداً(21)
    يا بني لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد.
    مواعظ
    اليقظة بعث(22)
    يا بني إن تك في شك من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك، وإن كنت في شك من البعث فادفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك، فإنك إذا فكرت علمت أن نفسك بيد غيرك، وإنما النوم بمنزلة الموت، وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت.
    خذ من الدنيا بلاغاً(23)
    قال أبو عبد الله (عليه السلام ) في قول الله: {وإذ قال لقمان..لظلم عظيم}(24). قال: فوعظ لقمان لاينه بآثار حتى تفطر وانشق، وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال:
    يا بني انك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة، فدار انت اليها تسير أقرب من دار أنت عنها متباعد.
    يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، ولا تجادلهم فيمنعوك وخذ من الدنيا بلاغاً، ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس، ولا تدخل فيها دخولاً يضر بآخرتك، وصم صوماً يقطع شهوتك، ولا تصم صوماً يمنعك من الصلاة فإن الصلاة أحب الى الله من الصيام.
    يا بني أن الدنيا بحر عميق، قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فها الإيمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، وان هلكت فبذنوبك.
    يا بني أن تأدبت صغيراً انتفعت به كبيراً، ومن عنى بالادب اهتم به، ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته، فاتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك، وتنفع به من خلفك، ويرتجيك فيه راغب، ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه والطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيباً في طلب العلم، فإنك لم تجد له تضييعاً أشد من تركه، ولا تمارين فيه لجوجاً، ولا تجادلن فقيهاً، ولا تعادين سلطاناً، ولا تماشين ظلوماً، ولا تصادقنه، ولا تصاحبن فاسقاً نطفاً، ولا تصاحبن متهماً، واخزن علمك كما تخزن ورقك.
    يا بني خف الله خوفاً لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك، وارج الله رجاءً لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك.
    فقال له ابنه: يا أبة وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟
    فقال له لقمان: يا بني لو استخرج قلب المؤمن فشق لوجد فيه نورين: نور للخوف، ونور للرجاء، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله، فإن هذه الأخلاق تشهد بعضها لبعض، فمن يؤمن بالله إيماناً صادقاً يعمل لله خالصاً ناصحاً، ومن يعمل لله خالصاً ناصحاً فقد آمن بالله صادقاً، ومن أطاع الله خافه، ومن خافه فقد أحبه، ومن أحبه اتبع أمره، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه، نعوذ بالله من سخط الله.
    يا بني لا تركن إلى الدنيا، ولا تشغل قلبك بها، فما خلق الله خلقا ًهو أهون عليه منها، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثواباً للمطيعين ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين.
    الدنيا بحر عميق(25)
    عن أبي الحسن (عليه السلام ) قال: كان لقمان (عليه السلام ) يقول لابنه:
    يا بني إن الدنيا بحر وقد غرق فيها جيل كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله تعالى، وليكن جسرك إيماناً بالله، وليكن شراعها التوكل، لعلك يا بني تنجو وما أظنك ناجياً! يا بني كيف لا يخاف الناس ما يوعدون وهم ينتقصون في كل يوم، وكيف لا يعد لما يوعد من كان له أجل ينعذ.
    يا بني خذ من الدنيا بلغة، ولا تدخل فيها دخولاً تضر فيها بآخرتك، ولا ترفضها فتكون عيالاً على الناس، وصم صياما ًيقطع شهوتك، ولا تصم صياماً يمنعك من الصلاة، فإن الصلاة أعظم عند الله من الصوم.
    يا بني لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء، أو تماري به السفهاء، أو ترائي به في المجالس، ولا تترك العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة.
    يا بني اختر المجالس على عينيك، فإن رأيت قوماً يذكرون الله فاجلس إليهم، فإنك إن تكن عالماً ينفعك علمك ويزيدوك علماً، وإن تكن جاهلاً يعلموك، ولعل الله تعالى أن يظلهم برحمة فيعمك معهم.
    وقال: قيل للقمان: ما يجمع من حكمتك؟
    قال: لا أسال عما كفيته، ولا أتكلف ما لا يعنيني.
    كما تنام تموت(26)
    يا بني كما تنام كذلك تموت، وكما تستيقظ كذلك تبعث.
    كيف تربح الدارين(27)
    يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعاً.
    أطيب شيء وأخبثه(28)
    ذكر أن مولى لقمان دعاه فقال: اذبح شاة فأتني بأطيب مضغتين منها. فذبح شاة وأتاه بالقلب واللسان، فسأله عن ذلك فقال: إنهما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا.
    الدنيا قنطرة(29)
    عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه:
    يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجراً، فأوف عملك واستوف أجرك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع اليها آخر الدهر، أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها، واعلم أنك ستسأل غداً إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته، وفيما أنفقته فتأهب لذلك، وأعد له جواباً، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه، وكثيرها لا يؤمن بلاؤه، فخذ حذرك، وجد في أمرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك، واكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك ويقضي قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد.
    اتعظ بالناس(30)
    أن لقمان الحكيم ـ رحمه الله ـ لما خرج من بلاده نزل بقرية بالموصل يقال لها كوماس: قال: فلما ضاق بها ذرعه واشتد بها غمه ولم يكن بها أحد يعينه على أمره أغلق الباب وأدخل ابنه يعظه فقال:
    يا بني إن الدنيا بحر عميق هلك فيها بشر كثير، تزود من عملها واتخذ سفينة حشوها تقوى الله، ثم اركب لجج الفلك تنجو، وإني لخائف أن لا تنجو.
    يا بني السفينة إيمان، وشراعها التوكل، وسكانها الصبر ومجاذيفها الصوم والصلاة والزكاة.
    يا بني من ركب البحر من غير سفينة غرق، يا بني أقل الكلام، واذكر الله عز وجل في كل مكان، فإنه قد أنذرك وحذرك وبصرك وعلمك.
    يا بني اتعظ بالناس قبل أن يتعظ الناس بك، يا بني اتعظ بالصغير قبل أن ينزل بك الكبير.
    يا بني املك نفسك عند الغضب حتى لا تكون لجهنم حطباً، يا بني الفقر خير من أن تظلم وتطغى، يا بني إياك وأن تستدين فتخون في الدين، يا بني إياك أن تستذل فتخزى.
    يا بني إياك أن تخرج من الدنيا فقيراً وتدع أمرك وأموالك عند غيرك قيماً فتصيره أميراً.
    يا بني إن الله تعالى رهن الناس بأعمالهم، فويل لهم مما كسبت أيديهم وأفئدتهم.
    يا بني لا تأمن الدنيا والذنوب والشيطان فيها، يا بني إنه قد افتتن الصالحون من الأولين فكيف ينجو منه الآخرون؟
    يا بني اجعل الدنيا سجنك فتكون الآخرة جنتك.
    يا بني إنك لم تكلف أن تشيل الجبال، ولم تكلف ما لا تطيقه، فلا تحمل البلاء على كتفك، ولا تذبح نفسك بيدك.
    يا بني إنك كما تزرع تحصد وكما تعمل تجد، يا بني لا تجاورن الملوك فيقتلوك، ولا تطيعهم فتكفر.
    يا بني جاور المساكين، واخصص الفقراء والمساكين من المسلمين.
    يا بني كن لليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالزوج العطوف.
    يا بني إنه ليس كل من قال: اغفر لي غفر له، إنه لا يغفر إلا لمن عمل بطاعة ربه، يا بني الجار ثم الدار، يا بني الرفيق ثم الطريق.
    يا بني لو كانت البيوت على العجل ما جاور رجل جار سوء أبداً.
    يا بني الوحدة خير من صاحب السوء، يا بني الصاحب الصالح خير من الوحدة، يا بني نقل الحجارة والحديد خير من قرين السوء.
    يا بني إني نقلت الحجارة والحديد فلم أجد شيئاً أثقل من قرين السوء، يا بني إنه من يصحب قرين السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم.
    يا بني من لا يكف لسانه يندم، يا بني المحسن يكافأ بإحسانه، والمسيء يكفيك مساويه، لو جهدت أن تفعل به أكثر مما يفعله بنفسه ما قدرت عليه.
    يا بني من ذا الذي عبد الله فخذ له، ومن ذا الذي ابتغاه فلم يجده.
    يا بني ومن ذا الذي ذكره فلم يذكره، ومن ذا الذي توكل على الله فوكله إلى غيره، ومن ذا الذي تضرع إليه جل ذكره فلم يرحمه.
    يا بني شاور الكبير ولا تستحي من مشاورة الصغير، يا بني إياك ومصاحبة الفساق فإنما هم كالكلاب، إن وجدوا عندك شيئاً أكلوه وإلا ذموك وفضحوك، وإنما حبهم بينهم ساعة.
    يا بني معاداة المؤمنين خير من مصادقة الفاسق، يا بني المؤمن تظلمه ولا يظلمك وتطلب عليه فيرضى عنك، والفاسق لا يراقب الله فكيف يراقبك!
    يا بني استكثر من الأصدقاء ولا تأمن من الأعداء، فإن الغل في صدورهم مثل الماء تحت الرماد.
    يا بني ابدأ الناس بالسلام والمصافحة قبل الكلام، يا بني لا تكالب على الناس فيمقتوك، ولا تكن مهيناً فيذلوك، ولا تكن حلواً فيأكلوك، ولا تكن مراً فيلفظوك ـ ويروى: ولا تكن حلواً فتبلع ولا مراً فترمى.
    يا بني لا تخاصم في علم الله، فإن علم الله لا يدرك ولا يحصى.
    يا بني خف الله مخافة لا تيأس من رحمته، وارجه رجاءً لا تأمن من مكره، يا بني انه النفس عن هواها فإنك إن لم تنه النفس عن هواها لم تدخل الجنة ولم تراها ـ ويروي: انه نفسك عن هواها، فإن في هواها رداها ـ.
    يا بني إنك منذ يوم هبطت من بطن أمك استقبلت الآخرة واستدبرت الدنيا، فإنك إن نلت مستقبلها أولى بك أن تستدبرها.
    يا بني إياك والتجبر والتكبر والفخر فتجاور إبليس في داره، يا بني دع عنك التجبر والكبر ودع عنك الفخر، واعلم أنك ساكن القبور.
    يا بني اعلم أنه من جاور إبليس وقع في دار الهوان، لا يموت فيها ولا يحيا.
    يا بني ويل لمن تجبر وتكبر، كيف يتعظم من خلق من طين، وإلى طين يعود ثم لا يدري إلى ماذا يصير، إلى الجنة فقد فاز؟ أو إلى النار فقد خسر خسراناً مبيناً وخاب؟ ـ ويروى: كيف يتجبر من قد جرى في مجرى البول مرتين؟ ـ يا بني كيف ينام ابن آدم والموت يطلبه؟ وكيف يغفل ولا يغفل عنه؟
    يا بني إنه قد مات أصفياء الله عز وجل وأحباؤه وأنبياؤه صلوات الله عليهم، فمن ذا بعدهم يخلد فيترك؟
    يا بني لا تطأ أمتك ولو أعجبتك وانه نفسك عنها وزوجها، يا بني لا تفشين سرك إلى امرأتك، ولا تجعل مجلسك على باب دارك.
    يا بني إن المرأة خلقت من ضلع أعوج إن أقمتها كسرتها، وإن تركتها تعوجت، ألزمهن البيوت فإن أحسن فاقبل إحسانهن، وإن أسأن فاصبر إن ذلك من عزم الأمور.
    يا بني النساء أربعة: ثنتان صالحتان، وثنتان ملعونتان، فأما إحدى الصالحتين: فهي الشريفة في قومها، الذليلة في نفسها، التي إن أعطيت شكرت، وإن ابتليت صبرت، القليل في يديها كثير، الصالحة في بيتها.
    والثانية: الودود الولود، تعود بخير على زوجها، هي كالأم الرحيم، تعطف على كبيرهم، وترحم صغيرهم، وتحب ولد زوجها وإن كانوا من غيرها، جامعة الشمل، مرضية البعل، مصلحة في النفس والأهل والمال والولد، فهي كالذهب الأحمر، طوبى لمن رزقها، إن شهد زوجها أعانته، وإن غاب عنها حفظته.
    وأما إحدى الملعونتين فهي العظيمة في نفسها، الذليلة في قومها، التي إن أعطيت سخطت، وإن منعت عتبت وغضبت، فزوجها منها في بلاء، وجيرانها منها في عناء، فهي كالأسد إن جاورته أكلك، وإن هربت منه قتلك.
    والملعونة الثانية فهي عند زوجها وميلها في جيرانها، فهي سريعة السخطة، سريعة الدمعة، إن شهد زوجها لم تنفعه، وإن غاب عنها فضحته، فهي بمنزلة الأرض النشاشة إن أسقيت أفاضت الماء وغرقت، وإن تركتها عطشت، وإن رزقت منها ولدا لم تنتفع به.
    يا بني لا تتزوج بأمة فيباع ولدك بين يديك وهو فعلك بنفسك.
    يا بني لو كانت النساء تذاق كما تذاق الخمر ما تزوج رجل امرأة سوء أبداً، يا بني أحسن إلى من أساء اليك، ولا تكثر من الدنيا فإنك على غفلة منها، وانظر إلى ما تصير منها.
    يا بني لا تأكل مال اليتيم فتفتضح يوم القيامة، وتكلف أن ترده إليه، يا بني إنه إن أغنى أحداً عن أحد لأغنى الولد عن والده.
    يا بني إن النار تحيط بالعالمين كلهم فلا ينجو منها أحد إلا من رحمه الله وقربه منه، يا بني لا يغرنك خبيث اللسان فإنه يختم على قلبه وتتكلم جوارحه وتشهد عليه.
    يا بني لا تشتم الناس فتكون أنت الذي شتمت أبويك، يا بني لا يعجبك إحسانك، ولا تتعظمن بعملك الصالح فتهلك.
    يا بني أقم الصلاة، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور.
    يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم، يا بني ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً.
    يا بني إن كل يوم يأتيك يوم جديد يشهد عليك عند رب كريم، يا بني إنك مدرج في أكفانك ومحل قبرك، ومعاين عملك كله، يا بني كيف تسكن دار من قد أسخطته؟ أم كيف تجاور من قد عصيته؟
    يا بني عليك بما يعنيك، ودع عنك ما لا يعنيك، فإن القليل منها يكفيك والكثير منها لا يعنيك.
    يا بني لا تؤثرن على نفسك سواها، ولا تورث مالك أعداءك، يا بني إنه قد أحصى الحلال الصغير فكيف بالحرام الكثير؟
    يا بني اتق النظر إلى ما لا تملكه، وأطل التفكر في ملكوت السماوات والأرض والجبال وما خلق الله، فكفى بهذا واعظاً لقلبك.
    يا بني اقبل وصية الوالد الشفيق، يا بني بادر بعلمك قبل أن يحضر أجلك وقبل أن تسير الجبال سيراً، وتجمع الشمس والقمر.
    يا بني إنه حين تتفطر السماء وتطوى، وتنزل الملائكة صفوفاً خائفين حافين مشفقين وتكلف أن تجاوز الصراط، وتعاين حينئذ عملك وتوضع الموازين وتنشر الدواوين.
    يا بني تعلمت بسبعة آلاف من الحكمة فاحفظ منها أربعة ومر معي إلى الجنة: أحكم سفينتك فإن بحرك عميق، وخفف حملك فإن العقبة كؤود، وأكثر الزاد فإن السفر بعيد، وأخلص العمل فإن الناقد بصير.
    الحكمة دليل الدين(31)
    يا بني أقم الصلاة فإنما مثلها في دين الله كمثل عمد فسطاط، فإن العمود إذا استقام نفعت الأطناب والأوتاد والظلال وان لم يستقم لم ينفع وتد ولا طنب ولا ظلال.
    أي بني! صاحب العلماء وجالسهم، وزرهم في بيوتهم لعلك أن تشبههم فتكون منهم، اعلم يا بني! أني ذقت الصبر وأنواع المر فلم أر أمر من الفقر، فإن افتقرت يوما ًفاجعل فقرك بينك وبين الله، ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم.
    يا بني ادع الله ثم سل في الناس هل من أحد دعا الله فلم يجبه؟ أو سأله فلم يعطه؟
    يا بني ثق بالله عز وجل ثم سل في الناس هل من أحد وثق بالله فلم ينجه؟
    يا بني توكل على الله ثم سل في الناس من ذا الذي توكل على الله فلم يكفه؟ يا بني أحسن الظن بالله ثم سل في الناس: من ذا الذي أحسن الظن بالله فلم يكن عند حسن ظنه به؟
    يا بني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيراً، ومن لا يسخط نفسه لا يرضي ربه، ومن لا يكتم غيظه يشمت عدوه.
    يا بني تعلم الحكمة تشرف، فإن الحكمة تدل على الدين، وتشرف العبد على الحر، وترفع المسكين على الغني، وتقدم الصغير على الكبير، وتجلس المسكين مجالس الملوك، وتزيد الشريف شرفاً، والسيد سؤدداً، والغني مجداً، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة؟ ولن يهيىء الله عز وجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة، ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بلا نفس، أو مثل الصعيد بلا ماء، ولا صلاح للجسد بلا نفس، ولا للصعيد بغير ماء، ولا للحكمة بغير طاعة.
    اجتماعيات
    لا تعاد أحداً(32)
    يا بني صاحب مئة ولا تعاد واحداً.
    يا بني إنما هو خلاقك وخلقك، فخلاقك دينك، وخلقك بينك وبين الناس، فلا تتبغض إليهم، وتعلم محاسن الأخلاق.
    يا بني كن عبداً للأخيار ولا تكن ولداً للأشرار، يا بني أد الأمانة تسلم لك دنياك وآخرتك وكن أميناً تكن غنياً.
    صاحب أهل المروة(33)
    عن الصادق (عليه السلام ) أنه قال: لما وعظ لقمان ابنه فقال:
    أنا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت واستقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت منها متباعد.
    يا بني لا تطلب من الأمر مدبراً، ولا ترفض منه مقبلاً، فإن ذلك يضل الرأي ويزري بالعقل.
    يا بني ليكن مما تستظهر به على عدوك الورع عن المحارم، والفضل في دينك، والصيانة لمروتك، والإكرام لنفسك أن تدنسها بمعاصي الرحمن ومساوىء الأخلاق وقبيح الأفعال، واكتم سرك، وأحسن سريرتك، فإنك إذا فعلت ذلك أمنت بستر الله أن يصيب عدوك منك عورة، أو يقدر منك على زلة، ولا تأمنن مكره، فيصيب منك غرة في بعض حالاتك، وإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة، وليكن مما تتسلح به على عدوك إعلان الرضى عنه، واستصغر الكثير في طلب المنفعة، واستعظم الصغير في ركوب المضرة.
    يا بني لا تجالس الناس بغير طريقتهم، ولا تحملن عليهم فوق طاقتهم فلا يزال جليسك عنك نافراً، والمحمول عليه فوق طاقته مجانباً لك، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك، ولا أخ لك يعضدك، فإذا بقيت وحيداً كنت مخذولاً وصرت ذليلاً، ولا تعتذر إلى من يحب أن يقبل منك عذراً، ولا يرى لك حقاً، ولا تستعن في أمورك إلا بمن يحب أن يتخذ في قضاء حاجتك أجراً، فإنه إذا كان كذلك طلب قضاء حاجتك لك كطلبه لنفسه، لأنه بعد نجاحها لك كان ربحاً في الدنيا الفانية، وحظاً وذخراً له في الدار الباقية، فيجتهد في قضائها لك، وليكن إخوانك وأصحابك الذين تستخلصهم وتستعين بهم على أمورك أهل المروة والكفاف والثروة والعقل والعفاف، والذين إن نفعتهم شكروك، وإن غبت عن جيرتهم ذكروك.
    إذا سافرت(34)
    عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال: قال لقمان لإبنه:
    إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتك إياهم في أمرك وأمورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريماً على زادك، وإذا دعوك فأجبهم، وإذا استعانوا بك فأعنهم، واغلبهم بثلاث: بطول الصمت، وكثرة الصلاة، وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورته، فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله تبارك وتعالى رأيه ونزع عنه الأمانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضاً فأعط معهم، واسمع لمن هو أكبر منك سناً، وإذا أمروك بأمر وسألوك فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن لا عي ولؤم، وإذا تحيرتم في طريقكم فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا، وإذا رأيتم شخصاً واحداً فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فإن الشخص الواحد في الغلاة مريب، لعله أن يكون عيناً للصوص، أو يكون هو الشيطان الذي يحيركم، واحذروا الشخصين أيضاً إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئاً عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
    يا بني وإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء، وصلها واسترح منها، فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج، ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها، وليس ذلك من فعل الحكماء، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك، وابدأ بعلفها قبل نفسك، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الأرض بأحسنها لوناً، وألينها تربة، وأكثرها عشباً، وإذا نزلت فصلِّ ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجة فأبعد المذهب في الأرض، فإذا ارتحلت فصل ركعتين، وودع الأرض التي حللت بها، وسلم عليها وعلى أهلها، فإن لكل بقعة أهلاً من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاماً حتى تبدأ فتصدق منه فافعل، وعليك بقراءة كتاب الله عز وجل ما دمت راكباً، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملاً، وعليك بالدعاء ما دمت خالياً، وإياك والسير من أول الليل، وعليك بالتعريس والدلجة من لدن نصف الليل إلى آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.
    كيف تطفىء الشر(35)
    يا بني كذب من قال: إن الشر يطفأ بالشر، فإن كان صادقاً فليوقد نارين، ثم لينظر هل يطفأ إحداهما الأخرى؟ وإنما يطفىء الخير الشر كما يطفىء الماء النار.
    انقطع ظهري(36)
    قال عبد الله بن دينار: قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق فقال:
    ما فعل أبي؟
    قال: مات.
    قال: ملكت أمري.
    قال: ما فعلت امرأتي؟
    قال: ماتت.
    جددت فراشي.
    قال: ما فعلت أختي؟
    قال: ماتت.
    قال: سترت عورتي.
    قال: ما فعل أخي؟
    قال: مات.
    قال: انقطع ظهري.
    رضى الناس لا يكسب(37)
    روي أن لقمان الحكيم قال لولده في وصيته:
    لا تعلق قلبك برضى الناس ومدحهم وذمهم فإن ذلك لا يحصل ولو بالغ الإنسان في تحصيله بغاية قدرته.
    فقال له ولده: ما معناه؟ أحب أن أرى لذلك مثالاً أو فعالاً أو مقالاً.
    فقال له: أخرج أنا وأنت. فخرجا ومعهما بهيمة فركبه لقمان وترك ولده يمشي خلفه، فاجتازا على القوم.
    فقالوا: هذا شيخ قاسي القلب، قليل الرحمة، يركب هو الدابة وهو أقوى من هذا الصبي، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه، إن هذا بئس التدبير!
    فقال لولده: سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك؟
    فقال: نعم.
    فقال: اركب أنت يا ولدي حتى أمشي أنا، فركب ولده ومشى لقمان فاجتازا على جماعة أخرى.
    فقالوا: هذا بئس الوالد وهذا بئس الولد، أما أبوه فإنه ما أدب هذا الصبي حتى ركب الدابة وترك والده يمشي وراءه، والوالد أحق بالاحترام والركوب، وأما الولد فإنه قد عق والده بهذه الحال، فكلاهما أساء في الفعال!
    فقال لقمان لولده: سمعت؟
    فقال: نعم.
    فقال: نركب معاً الدابة: فركبا معاً فاجتازا على جماعة، فقالوا: ما في قلب هذين الراكبين رحمة، ولا عندهم من الله خير، يركبان معاً الدابة يقطعان ظهرها ويحملانها ما لا تطيق، لو كان قد ركب واحد ومشى واحد كان أصلح وأجود.
    فقال: سمعت؟
    قال: نعم.
    فقال: هات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان، فاجتازا على جماعة فقالوا: هذا عجيب من هذين الشخصين، يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان! وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ما كان.
    فقال لولده: ترى في تحصيل رضاهم حيلة لمحتال؟ فلا تلتفت إليهم، واشتغل برضى الله جل جلاله، ففيه شغل شاغل، وسعادة وإقبال في الدنيا ويوم الحساب والسؤال.
    جالس الصلحاء(38)
    يا بني صاحب العلماء، واقرب منهم، وجالسهم، وزرهم في بيوتهم فلعلك تشبههم، فتكون معهم، واجلس مع صلحائهم فربما أصابهم الله برحمة فتدخل فيها وإن كنت طالحاً، وابعد من الأشرار والسفهاء فربما أصابهم الله بعذاب فيصيبك معهم وإن كنت صالحاً، وقد أفصح الله سبحانه وتعالى بقوله:{فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}(39).
    وبقوله تعالى: (إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتّىَ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ )(40). يعني: في الإثم.
    وقال سبحانه: ( وَلاَ تَرْكَنُوَاْ إِلَى الّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسّكُمُ النّارُ )(41).
    أمتعة المسافر(42)
    وصايا
    التعامل مع الدنيا(43)

    يا بني لا تدخل في الدنيا دخولاً يضر بآخرتك ولا تتركها تركاً تكون كلاً على الناس.
    اترك الهوى(44)
    يا بني أحثك على ست خصال، ليس منها خصلة إلا وهي تقربك إلى رضوان الله عز وجل، وتباعدك من سخطه:
    الأولى: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً.
    والثانية: الرضا بقضاء الله فيما أحببت وكرهت.
    والثالثة: أن تحب في الله وتبغض في الله.
    والرابعة: تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك.
    والخامسة: تكظم الغيظ وتحسن إلى من أساء اليك.
    والسادسة: ترك الهوى ومخالفة الردى.
    حِكَم
    لا تطل في الجلوس(45)
    قيل أن مولاه دخل المخرج فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان:
    إن طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبد، ويورث منه الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فاجلس هونا، وقم هوناً.
    قال: فكتب حكمته على باب الحش.
    على من تعتب؟(46)
    قيل للقمان: ما أقبح وجهك قال:
    تعتب على النقش أو على فاعل النقش؟
    شر الناس(47)
    قيل للقمان: أي الناس شر؟ قال:
    الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً.
    الصمت حكمة(48)
    قيل أن لقمان دخل على داود (عليه السلام ) وهو يسرد الدرع وقد لين الله له الحديد كالطين، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتمها لبسها، وقال: نعم لبوس الحرب أنت فقال:
    الصمت حكمة وقليل فاعله، فقال له داود (عليه السلام ): بحق ما سميت حكيماً.
    ضرب الحكيم(49)
    لأن يضربك الحكيم فيؤذيك خير من أن يدهنك الجاهل بدهن طيب.
    أنقذك بشرط (50)
    أول ما ظهر من حكم لقمان أن تاجراً سكر وخاطر نديمه أن يشرب ماء البحر كله وإلا سلم إليه ماله وأهله، فلما أصبح وصحا ندم وجعل صاحبه يطالبه بذلك، فقال لقمان:
    أنا أخلصك بشرط أن لا تعود إلى مثله.
    قل: أشرب الماء الذي كان فيه وقتئذ فأتني به، أو أشرب ماءه الآن فسد أفواهه لأشربه، أو اشرب الماء الذي يأتي به فاصبر حتى يأتي. فأمسك صاحبه عنه.
    رضوان الله(51)
    يا بني من يرد رضوان الله يسخط نفسه كثيراً، ومن لا يسخط نفسه لا يرضى به، ومن لا يكظم غيظه يشمت عدوه.
    التزم الصمت(52)
    يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب



  2. #2
    من مؤسسي المنتدى
    الصورة الرمزية Raul

    الحالة
    غير متواجد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    مصرى اماراتى
    المشاركات
    13,983
    الشَكر (المُعطى)
    37650
    الشَكر (المُستلَم)
    44684
    الإعجاب (المُعطى)
    0
    الإعجاب (المُستلَم)
    2
    غير معجبون (المُعطى)
    0
    غير معجبون (المُستلَم)
    0
    تم تذكيره فى
    1 مشاركة
    تمت الاشارة اليه فى
    42 مواضيع
    معدل تقييم المستوى
    1325

    افتراضي رد: من اقوال لقمان (عليه السلام)


    جزاك الله خيرا
    اخى الفاضل

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •