أنشودة المغنى القديم
يقولون سافرْ ...
وجرب ... وحاولْ
ففوق الرؤوس تدور المعاولْ
وفى الأفق غيمٌ .. صراخٌ .. عويلْ
وفى الأرض بركان سخط طويلْ
وفوق الزهور يموت الجمالْ
وتحت السفوح تئن الجبالْ
ويخبو مع القهر عزم الرجالْ
وما زلت تحمل سيفاً عتيقاً ...
تصارع بالحلم جيش الضلالْ
***
فمهما عشقت ...
نهاية عشقك حزن ثقيلْ
ستغدو عليها زمانا مشاعاً
فحلمك بالصبح وهم جميلْ
فكل السواقى التى أطربتك ...
تلاشى غناها
وكل الأمانى التى أرقتك ...
نسيت ضياها
ووجه الحياة القديم البرىء
تكسر منك .. مضى ... لن يجىء
***
يقولون سافرْ ...
فمهما تمادى بك العمر فيها
وحلقت بالناس بين الأملْ
ستصبح يوما نشيداً قديماً
ويطويك بالصمت كهف الأجلْ
زمانك ولى وأصبحت ضيفاً
ولن ينجب الزيف إلا الدجلْ
***
يقولون سافرْ ...
ولا يعلمونْ
بأنى أموت وهم يضحكونْ
فما زلت أسمع عنك الحكايا
وما أسوأ الموت بن الظنونْ
ويخفيك عنى ليل طويلٌ
أخبىْ وجهك بين العيونْ
وتعطين قلبك للعابثينَ ...
ويشقى بصدكِ من يخلصونْ
ويقصيك عنى زمان لقيط ٌ
ويهنأ بالوصل من يخدعونْ
وأنثر عمرىَ ذرات ضوءٍ
وأسكب دمى وهم يسكرونْ
وأحمل عينيك فى كل أرض ٍ
وأغرس حلمى وهم يسكرونْ
تساوت لديك دماء الشهيد ...
وعطر الغوانى ... وكأس المجونْ
ثلاثون عاماً وسبع عجافٌ
يبيعون فيك ... ولا يخجلونْ
فلا تتركى الفجر للسارقينَ
فعارٌ على النيل ما يفعلونْ
لأنك مهما تناءيت عنى ...
وهان على القلب ما لا يهونْ
وأصبحت فيك المغنى القديم
أطوف بلحنى ولا يسمعونْ
أموت عليكِ شهيداً بعشقى ...
وإن كان عشقىَ بعض الجنونْ
***
فكل البلاد التى أسكرتنى
أراها بقلبى ... تراتيل نيلْ
وكل الجمال الذى زار عينى
وأرق قلبى ... ظلال النخيلْ
وكل الأمانى التى راودتنى
وأدمت مع اليأس قلبى العليلْ
رأيتك فيها شباباً حزيناً
تسابيح شوق لعمر جميلْ
***
يقولون سافر ...
أموت عليك ِ وفبل الرحيلْ
سأكتب سطراً وحيدا بدمى
أحبك أنتِ ...
زماناً من الحلم والمستحيلْ
المفضلات