لعلنا بحال من الأحوال نشفق بحرارة على الشعب الليبى المسكين، وقد بدأ يتضح للكافة أنه كان يعيش فى وهم أو مسرحية عبثية إلى أبعد الحدود, تلك التى كان مخرجها العبثى السيكوباتى بلغة طب النفس معمر القذافى, ربما كان كل القادة والرؤساء الذين تعاملوا معه طيلة هذه الفترة الزمنية الطويلة (42 سنة!) يدركون هذه الحقيقة غير أنه بمفهوم الأعراف الدولية والدبلوماسية المتداولة لا يقولون شيئاً أو يبدون اعتراضاً على شىء لارتباط علاقتهم به ومصالحهم المؤكدة فى ليبيا, لربما الذى أدرك هذه الحقيقة عن هذا القائد المريض نفسيا هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث أعلن على الملأ يوما حين قال: إنى سوف أؤدب الولد المجنون اللى فى ليبيا!

لا أتصور فى الوقت الذى كاد يسيطر فيه المتظاهرون الليبيون على عدد من مناطق العاصمة الليبية طرابلس، إذ أكد شهود عيان أن المدينة تشهد انتفاضة عارمة، لا أتصور أبدا خطابه الأخير، حيث أصابه الهوس وقد دعا إلى فتح مخازن الأسلحة أمام القبائل كأنه يدفع الناس لقتال بعضهم البعض فى الوقت الذى اتبعه بقول أشد غرابة: هيا ارقصوا وافرحوا وامرحوا!

كيف إذن؟؟ وقد بات صوت طلقات الرصاص يحيط سماء المدينة المكلومة برئيسها!!! بينما أضحت قوات القذافى لا تحكم قبضتها إلا على مقر باب العزيزية والمنطقة المحيطة به. وقد شوهد مقتل سبعة أشخاص على الأقل فى إطلاق نار على متظاهرين فى طرابلس برصاص الكتائب الأمنية, كما قتل عدد آخر من المتظاهرين فى منطقة تاجوراء.

وأكد كل المحللين أن هذا الرجل مصاب بجنون العظمة، فلا زال يظن أنه الزعيم السياسى الوحيد المحبوب فى العالم، وأنه ملك ملوك أفريقيا، وقد أكد ذلك الدكتور أحمد عكاشة الطبيب النفسى المعروف فى حوار تليفزيونى أن القذافى يحتاج إلى دخول مصحة نفسية عاجلاً، فربما أن هذا هو الحل الوحيد الذى يحميه من التدخل الأجنبى فى بـلاده ومحاكمته كمجرم حرب.

فقد بات حصار المحتجين أو المناضلين لهذا المريض يقترب شيئاً فشيئاً من قلعته المحصنة من المنطقة الخضراء من العاصمة طرابلس سواء من الشرق أو من الغرب، وقد انسحب أغلب وزرائه ومقربيه، مؤيدين للمناضلين أمثال قذاف الدم ووزير الداخلية عبد الفتاح يونس، وشلقم مندوب ليبيا بالأمم المتحدة، وسفراء ليبيا فى دول عديدة، فالطوق يكاد يشتد عليه من حوله إلى أن يغدو مجرد صاحب عمارة يبسط سلطته فقط على عدد قليل من السكان الذين لا حول لهم ولا قوة، ثم يأمرهم وقد أخذته اللوثة ألا يغادروها إلا بإذنه! حتى يصرخ فيه هؤلاء المساكين فى قلق وطلب للنجدة:
"السكان يريدون إسقاط صاحب العمارة!!" مع الاعتذار للجماهير الوفية.