يتساءل العديد من المرضى و حتى العاملين في الحقل الطبي عن الفرق بين الأدوية النوعية (Brand) و الأدوية الغير النوعية (Generic).
و لا أبالغ إذا قلت إن كل واحد منا لديه قصة أو أكثر عن دواء اشتراه و لم يكن فعالا فاشترى دواء مشابها تنتجه شركة أخرى و حظي بالفعالية التي طلبها.
في البداية دعوني أوضح و أعرف ما أقصده بالدواء النوعي و الدواء الغير نوعي.
الأدوية النوعية هي أدوية مسجلة باسم الشركة التي اكتشفت و أنتجت الدواء أو الشكل الدوائي و تمليك حقوق الملكية لهذا الدواء و مثال ذلك دواء فلاجيل أو دواء اموكسيل .
والدول الكبرى تمنح الشركات التي تكتشف و تصنع أدوية جديدة حقوق تسويق هذه الأدوية لفترة معينة حتى تشجع الشركات على الاكتشاف و التطوير و حتى تعطي هذه الشركات فرصة لجني الأرباح و تغطية كلفة الاختراع و الإنتاج التي قد تصل أحيانا إلى ما يقارب المليار دولار للدواء الواحد.
أما الأدوية الغير نوعية فهي أدوية مماثلة تماما للأدوية النوعية من ناحية المادة الفعالة و العيار و الشكل الدوائي.
فحال انتهاء حقوق الملكية للأدوية النوعية تتسارع شركات التصنيع للأدوية الغير النوعية لإنتاجها و طرحها في الأسواق. و بما أنها لم تدفع كلفة اكتشاف و تطوير الدواء و إنما تأخذه جاهزا و بما أن أكثر من شركة يمكن أن تنتج نفس الدواء فإن سعر بيعها لهذه المنتجات ينخفض و يصل أحيانا إلى جزء بسيط من ثمن الدواء النوعي.
في الدول المتطورة دوائيا هناك قوانين صارمة تحكم تصنيع الأدوية الغير نوعية لتضمن لمواطنيها أنها مطابقة تماما لمثيلاتها النوعية الأصلية .
إذ تجبر القوانين الشركات المقلدة أن تقوم بتجربة التماثل الحيوي (Bio*****alency ) التي تتيح للمراقبين الدوائيين المقارنة بين الخواص الحيوية الحركية لهذين الدواء ين و بالتالي الترخيص للدواء الغير نوعي على أنه مطابق حيويا للدواء الأصلي .
و أحيانا لتفادي إجراء هذه التجارب المكلفة نسبيا قد تلجأ بعض الشركات المقلدة لشراء ترخيص تصنيع الدواء الأصلي و بنفس التركيبة الأصلية في معاملها و في هذه الحالة تسوقه تحت اسمه الأصلي و ليس تحت اسم بديل و تقوم الهيئات الدوائية في كل بلد بالإشراف على تطبيق قوانين البلاد الدوائية مستفيدة من التجارب الناجحة في البلدان الأخرى.
و الآن قد يتساءل أحدكم : إذا كان الدواء مصنعا داخليا و حاصلا على الرخص المطلوبة فانا أثق به و لكن ماذا عن الأدوية المصنعة في الخارج ؟
و كيف أثق بها أو بمن يقوم باستيرادها؟
هنا لا بد أن أعترف أن هذا الأمر شائك و يحتاج لكثير من الجهد و المال من قبل الجهات العامة التي تسمح لمؤسسات خاصة باستيراد الأدوية.
ففي أمريكا المعروفة بصرامة قوانينها الدوائية يدخل البلد و بشكل نظامي (و إن لم تكن هي القاعدة ) أدوية غير مطابقة للمواصفات رغم كل الإمكانيات المادية و البشرية التي توفرها الدولة.
و هنا أحب أن أورد مثالين : منذ قرابة العامين هيئة الدواء الأمريكية أصدرت إنذارا حذرت فيه من استيراد حوالي ثلاثين عقارا تنتجهم شركة Ranbaxy الهندية لاكتشافهم أن الشركة حادت عن ممارسات التصنيع الجيدة و التي (حسب القانون ) يجب التقيد بها ليكون الدواء مرخصا و صالحا للاستعمال .
لحسن الحظ هذه الأخطاء (التي كلفت الشركة المصنعة خسائر مادية كبيرة ) لم تؤدي إلى أذية بشرية و لكن الحظ لم يكن حليف المرضى اللذين تم حقنهم بمميع الدم Heparin المنتج في الصين .
ففي نفس العام (2008) توفي على الأقل واحد و ثمانون مريضا في الولايات المتحدة بعض إعطائهم دواء الهيبارين .
و بعد الاستقصاء تبين أن المادة الفعالة في هذا الدواء كانت مغشوشة و غير صالحة للاستهلاك.
هذا طبعا لا يعني إن كل دواء منتج في الخارج هو دواء سيئ و لكن يجب أن يكون هناك وعي و معرفة ليتم تجنب مثل هذه الحوادث المؤلمة أو على الأقل اكتشافها قبل أن تلحق ضررا بأحد.
الخلاصة هنا هي أن الأدوية الغير نوعية هي أدوية مشابهة و مطابقة للأدوية الأصلية إذا تم تصنيعها و تركيبها وفق الأسس العلمية الصحيحة و علينا جميعا أن نرتقي بصناعتنا الدوائية المحلية لأننا و بكل بساطة يمكن أن نراقبها و نضبطها لنتأكد من جودتها و مواصفاتها .
الدكتور الصيدلي فرج الاتاسي
المفضلات