لا بد أنك ستتذكر أفلاطون، و تتذكر أرسطو، و تتبادر إلى دهنك تلك الصور التي نشاهدها على كتاب التاريخ في المدرسة الابتدائية، صور مدينة روما الإيطالية، وصور العاصمة اليونانية أثينا حين يجتمع ممثلو الشعب في البرلمان أو مجلس الجماهير ( الإكليسيا )كما كان يسمى حينها. كل هذه الصور ستتبادر إلى دهنك بمجرد أن تقف على أبواب مدينة " وليلي " (Volubilis )، هذه المدينة التي تقع وسط المغرب، ليست بالمدينة العادية، فقد شيدت في القرن الثالث قبل الميلاد على يد الرومانيين.
الرومانيون استقروا في هذه المدينة نظرا لموقعها الجغرافي المهم، فهي تقع قرب واديي الخمان و فرطاسة و اللذان شكلا موردا أساسيا للمياه، كما توفرت الصخور الصالحة لبناء المنازل الصغيرة و الكبيرة، وذلك على جبل زرهون، إضافة إلى إشراف المدينة على منطقة فلاحية خصبة.الجزيرة توك زارت الموقع في محاولة منها لرصد هذه المدينة عن قرب، و التعرف على أزقتها و منازلها، فقد بنى سكان المدينة منازلهم باستعمال أحجار جبل زرهون الواقع على مقربة من المدينة، و ذلك بعد أن قاموا بتحويل هذه الحجارة إلى أشكال مربعة أو مستطيلة حتى يسهل حملها و استعمالها في البناء، حيث تم تشييد المحكمة و الحمامات، و منازل الفسيفساء أو منزل "فينوس" كما كانت تلقب، إذ تزين قاعات الاستقبال بهذه المنازل بالفسيفساء، كما تم أيضا تشييد قوس النصر الذي شيدته بلدية "فوليبليس" على شرف الإمبراطور كاراكلا و أمه يوليا دومنا سنة 217 بعد الميلاد لمنحه المواطنة الرومانية لسكان وليلي و إعفائهم من الضرائب. و أيضا شيد الرومانيون مطاحن للزيتون و مطاحن للحبوب.
وتقع أغلب المنازل المزينة بالفسيفساء في الحي الشمالي الشرقي، ومن أبرز المنازل، منزل فينوس، منزل أعمال هرقل، قصر كورديان و غيرها.
خلال التجول داخل أنقاض مدينة وليلي يمكن ملاحظة مدى قوة و إصرار الرومان، حيث استطاعوا قبل آلاف السنين من الآن تشييد مبان عالية بواسطة صخور يتعدى وزنها 100 كيلوغرام، ومن المعلوم أنه حينها لم تكن توجد أي آلة من الآلات الحديثة التي توجد في عصرنا الحالي ... كما يمكن أيضا ملاحظة دقة الهندسة المعمارية خصوصا في الحمامات التي كان يوجد أعلاها على الحائط ممر يسمح بدخول الماء و آخر تحت الحمامات ليمر عبره الماء العكر، إضافة إلى تنوع أشكال هذه الحمامات بين مربع و مستطيل و دائري.
لكن من أغرب ما لاحظت خلال تجولي بين أطلال مدينة وليلي هو وجود شعار " الصليب المعقوف " منقوشا على الأرض و بجانب بعض الحمامات، ومن المعلوم أن هذا الشعار هو شعار النازية التي كان يتزعمها " أدلف هتلر "، ربما على المؤرخين أن يكشفوا لنا عن هذه العلاقة بين أدلف هتلر و سكان مدينة وليلي الرومانيين الذين عاشوا قبله بثلاثة آلاف عام !!
أيضا من أغرب ما شاهدته هو عندما صوبت عدسة الكاميرا نحو إحدى الزخارف الموجودة على الأرض لأفاجأ بظهور قدمي شخص ما مرتديا " حذاءا رومانيا قديما "، مباشرة بعد ذلك التقطت الصورة وعدت أدراجي، فلربما كان ذلك شبح امبراطور روماني !!.
المفضلات