لماذا يَكثر الطلاق في بلاد الأحباب؟

هناك مفارقة حقيقية فيما يخص الزواج والطلاق بين المجتمعات الشرقية والغربية...
فالزواج في الغرب قرار شخصي وفعل اختياري ، ويعتمد على وجود الحب قبل الزواج...
أما في الشرق فهو قرار عائلي يختار فيه الأهل الطرف المناسب اعتمادا على معايير تقليدية مجردة
(لا تدخل ضمنها العواطف المسبقة)
والعجيب أن النوع الأول من الزواج يتمتع بنسبة طلاق أعلى رغم أنه قرار شخصي وخاضع لحب مسبق
في حين تقل نسبة الطلاق في النوع الثاني
(رغم انتفاء الخيار الشخصي وعدم وجود معرفة مسبقة بين الزوجين)
وهذه المفارقة المدهشة يمكن ملاحظتها حتى خارج المجتمعات الاسلامية حيث تقل نسبة الطلاق بين الزيجات المدبرة
في تايلند وسريلانكا والهند مقارنة بفرنسا وأمريكا وكندا حيث يقف الحب خلف 98% من الزيجات
... وأنا شخصيا لا أعتقد (وأرجو أن تعذروني في هذا القول) بأن الأهل أكثر حكمة وأدرى بمصلحة الولد أو البنت من نفسه.
وأرى في المقابل أن اختلاف مفهوم الزواج والهدف من الارتباط هو سبب التفاوت بين نسبة الطلاق في الشرق والغرب..
فدافع الزواج الأول في الغرب هو الحب والرومانسية والوقوع في العشق والغرام
في حين يأتي تكوين الأسرة وتربية الأطفال والحفاظ على إرث العائلة في المقام الثاني...
أما في المجتمعات الشرقية فالهدف الأول من الزواج هو تكوين الأسرة وتربية الأولاد والحفاظ على اسم العائلة
في حين يأتي الحب لاحقا نتيجة العشرة الجميلة بين الزوجين...
وهكذا حين يخفّ الحب بين الزوجين (في الحالة الأولى) يختفي الرابط الأساسي للزواج ولا يبقى أمام الطرفين غير الانفصال...
أما في الحالة الثانية؛ فالحب لم يكن موجودا في الأصل أو لنقل لم يكن الدافع الأساسي ومع هذا تستمر مؤسسة الزواج لتأدية رسالتها الأساسية
(تكوين الأسرة وتربية الأطفال والحفاظ على إرث العائلة)
... وبطبيعة الحال لا ينكر أحد أن الحب والغرام أمر جميل ورائع
ولكن لا أحد ينكر أيضاً أنه مرشح للخفوت والزوال في أي سنة من سنوات الزواج ..
وفي المقابل تضمن المودة والرحمة والاحترام المتبادل استمرار العشرة الزوجية إلى نهاية العمر حتى في حال فشلها في بلورة
(حب لاحق)
!!!!
.. أضف لكل هذا أن هامش الحرية الفردية في المجتمعات الغربية يتيح لكلا الطرفين الانفصال في أي وقت
ولأي سبب فور خفوت مشاعر الحب
(ولابد من خفوتها بمرور الأيام)..
ولهذا السبب بالذات نلاحظ أن الدول التي يغلب فيها عيش الزوجين دون رابط رسمي تتمتع بأعلى نسبة طلاق في العالم
(حيث ينفصل في كل عام 50 زوجاً من أصل 1000 في روسيا والدنمارك)
أما الجانب غير الرومانسي في الموضوع فهو أن الزوجين في المجتمعات الشرقية لا يتمتعان بهكذا حرية
وبالتالي قد تجد زوجة مظلومة ومقهورة ومضطرة لقبول الطبينة ومع هذا لا تطلب الطلاق خوفا على مصيرها ومصير أطفالها
وبالمثل قد تجد رجلا يتحمل نشوز ونكد زوجته لمجرد الحفاظ على تماسك المنزل وسمعة العائلة والخوف من كلام الناس في حال الانفصال
... كل هذه المقارنات تثبت أن الزواج بدافع الحب (فقط) مهدد بالتفكك والانفصال مقدماً
(وبنسبة 40% حسب الإحصائيات الأمريكية)..
أما الزواج بدافع الالتزام العائلي (بجانب الحب الذي قد يتبلور لاحقا نتيجة المودة والاحترام) فيتمتع بقدر أكبر من الاستقرار والاستمرار
كما هو ملاحظ في المجتمعات الشرقية المحافظة
!!!!!!!!!!!!!!!
.. ولاحظوا معي..
على عكس المودة والرحمة، لم يأت ذكر العشق والغرام في قوله تعالى
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)
************