s62010211219



اقترب موسم الانتخابات واشتد وطيس المعركة بين المرشحين، وتباروا بإغداق الهدايا على الناخبين لكسب ثقتهم وأصواتهم فى محاولة منهم للتسلل فى خلسة إلى قبة البرلمان، للفوز بمقعد ظل كثيراً يراود عقولهم ويداعب أفكارهم، من أجل الحصول على صاحبة الجلالة "الحصانة" ليطلق عليهم "افعل ما تشاء فإنك غير محاسب"، متناسياً لمدة خمس سنوات قوله تعالى "وقفوهم إنهم مسئولون" محاولاً جمع أكبر قدر من المال والعلاقات الشخصية لضمان استمراره بالمقعد واحتكاره، عازفاً عن كل الأخلاق والقيم الحميدة طوال الخمس سنوات.

فى المقابل تجد الناخب البسيط ينتظر موسم الانتخابات على أحر من الجمر، فهو يعلم جيداً أن المرشحين يترددون عليه كل ليلة وضحاها لضمان صوته، وفى المقابل ربما أعطوه كيلو من اللحمة التى لم يذق طعمها منذ عيد الأضحى وكاد أولاده أن ينسوا شكلها لولا رؤيتهم لها عند جارهم الجزار على أول الشارع أثناء ذهابهم إلى المدرسة، وربما كان المرشح ينتمى لإحدى الأحزاب ذات النفوذ فينهال على أبناء دائرته بكيلو من الفاكهة، الأمر الذى يصيب الناخب بحالة من السرور لتحقق حلمه بالحصول على الفاكهة التى كان يشاهدها أبناءه فى كتب العلوم، ويسألونه عن اسمها دون إجابة، فلم يذق طعمها بعد، ويكتفى بالرد، قائلاً "موعدنا معها فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر".

أما عن يوم الانتخاب فتتفاوت أسعار الناخبين طبقا لاختلاف الوقت، فمنهم من يبيع نفسه بخمسين جنيهاً، أعنى أنه يبيع صوته، الذى يمثل كيانه وشخصيته، ويكون ذلك أول النهار، بينما يرتفع سعر المواطن قبل إغلاق صناديق الانتخاب بدقائق، فيصل صوت الناخب إلى 500 جنيه، إلا أن البعض ينتهز الفرصة ويصر ألا يبيع نفسه بأقل من ألف جنيه، ويعود إلى منزله والابتسامة لا تفارق وجهه بعد حصوله على المبلغ، إلا أنه يعود حزينا عند يعلم أن جاره باع حماره فى السوق بـ1500 جنيه.