bsm
المشكلة السنوية .. مع من نصوم ..بحث طيب فاصل وماذا لو سافر الى بلد تخالفه فى الصوم


السؤال:



ما حكم ترجيح اختلاف المطالع ورؤية الأهلة للشهور وتأييد هذا من المجمع الفقهي بالسعودية الذي قال: توحيد الأعياد مخالف للشرع والعقل؟



الجواب:
د ياسر برهامىالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،




فالذي أرجحه في هذه المسألة -مع إثبات أن الخلاف سائغ- أن لكل أهل بلد رؤيتهم؛ لحديث كريب عن ابن عباس، ولعلك أن تُطالع شرحه في شرحنا لصحيح مسلم في كتاب الصيام بالموقع، وهذا عمل السلف كما نقله الترمذي عن أهل العلم، إلا أن أهل البلاد المختلفة إذا علموا موقف الناس بعرفة لزمهم متابعتهم لأن عرفة يختص بكونه عيداً زمانياً ومكانياً، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وعرفة يوم تعرفون)رواه البيهقي في السنن الكبرى، وصححه الألباني، فلا يصح أن يتعدد أو يختلف.
حول رؤية الهلال ومخالفة أهل البلد
السؤال:
1- رجل رأى هلال رمضان ولم تقبل شهادته فصام، ثم أتم أهل البلد فلو أتم معهم فسيكون قد صام واحد وثلاثون يوما.
2- رجل آخر صام مع مصر ثم سافر إلى بلد عربي آخر فصاموا بعد مصر بيوم ثم أتموا فلو أتم معهم فسيكون قد صام واحد وثلاثين يوما؟
الجواب: دكتور ياسر برهامى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
1- فعلى هذه الرجل أن يصوم مع أهل بلده ويفطر معهم؛ لأن الهلال يسمى هلالا إذا استهل الناس برؤيته؛ أي: صاحوا وأعلنوا.
أما رؤيته مع رد شهادته فهي ليست رؤية معتبرة للهلال، والشهر من الشُهرة؛ فما لم يشتهر في البلد دخول الشهر فليس بشهر رمضان، والراجح من قولي أهل العلم: أن لأهل كل بلد رؤيتهم فعليه أن يصوم الحادي والثلاثين؛ لأنه أخطأ في صوم اليوم الأول، وحتى على القول الآخر بوجوب الصوم لليوم الأول فعليه أن يفطر مع أهل البلد ولا يفطر وحده كما في السؤال الثاني، وهذا مرده إلى حصول خطأ لا يجزم به فيلزم الاحتياط، وصوم الحادي والثلاثين معتبر في عدة مذاهب سبق بيانها ...
وقال
ولقد ثبت في صحيح مسلم حديث كريب: (أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله).
وهذا الحديث صريح في أن لأهل كل بلد رؤيتهم، وأن هذا عمل الصحابة -رضي الله عنهم- بلا خلاف معلوم بينهم؛ ...
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
"وأما الفريق الثاني فقوم من فقهاء البصريين ذهبواإلى أن قولهfrownفاقدروا له)تقدير حساب بمنازل القمر.
وقد روي عن محمد بنسيرين -رحمه الله- قال: خرجت في اليوم الذي شك فيه فلم أدخل على أحد يؤخذ عنه العلمإلا وجدته يأكل إلا رجلا كان يحسب ويأخذ بالحساب ولو لم يعلمه كان خيرا له. وقد قيل: إن الرجل مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو رجل جليل القدر إلاأن هذا إن صح عنه فهي من زلات العلماء. وقد حكي هذا القول عن أبي العباسبن سريج أيضا.
وحكاه بعض المالكية عن الشافعي أن من كان مذهبه الاستدلالبالنجوم ومنازل القمر ولم يتبين له من جهة النجوم أن الهلال الليلة وغمعليه جاز له أن يعتقد الصيام ويبيته ويجزئه. وهذا باطل عن الشافعي لا أصلله عنه، بل المحفوظ عنه خلاف ذلك كمذهب الجماعة، وإنما كان قد حكى ابنسريج وهو كان من أكابر أصحاب الشافعي نسبة ذلك إليه إذ كان هو القائم بنصرمذهبه.
واحتجاج هؤلاء بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في غاية الفساد، مع أن ابن عمر هوالراوي عن النبي -صلى الله عليهوسلم-frownإنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب(فكيف يكون موجب حديثه العمل بالحساب؟ وهؤلاء يحسبون مسيره في ذلك الشهرولياليه. وليس لأحد منهم طريقة منضبطة أصلا، بل أية طريقة سلكوها فإنالخطأ واقع فيها أيضا، فإن الله -سبحانه- لم يجعل لمطلع الهلال حسابا مستقيما،بل لا يمكن أن يكون إلى رؤيته طريق مطرد إلا الرؤية، وقد سلكوا طرقا كماسلك الأولون منهم من لم يضبطوا سيره إلا بالتعديل الذي يتفق الحساب علىأنه غير مطرد.
وإنما هو تقريب مثل أن يقال: إن رئي صبيحة ثمان وعشرينفهو تام وإن لم ير صبيحة ثمان فهو ناقص. وهذا بناء على أن الاستسرارلليلتين وليس بصحيح، بل قد يستسر ليلة تارة وثلاث ليال أخرى. وهذا الذيقالوه إنما هو بناء على أنه كل ليلة لا يمكث في المنزلة إلا ستة أسباعساعة لا أقل ولا أكثر، فيغيب ليلة السابع نصف الليل ويطلع ليلة أربعة عشرمن أول الليل إلى طلوع الشمس، وليلة الحادي والعشرين يطلع من نصف الليل،وليلة الثامن والعشرين إن استسر فيها نقص وإلا كمل وهذا غالب سيره وإلافقد يسرع ويبطئ.
وأما العقل: فاعلم أن المحققينمن أهل الحساب كلهم متفقون على أنه لا يمكن ضبط الرؤية بحساب بحيث يحكمبأنه يُرى لا محالة، أو لا يُرى البتة على وجه مطرد، وإنما قد يتفق ذلك أو لايمكن بعض الأوقات، ولهذا كان المعتنون بهذا الفن من الأمم: الروم والهندوالفرس والعرب وغيرهم مثل: بطليموس الذي هو مقدم هؤلاء، ومن بعدهم قبلالإسلام وبعده لم ينسبوا إليه في الرؤية حرفا واحدا، ولا حدوه كما حدوااجتماع القرصين، وإنما تكلم به قوم منهم في أبناء الإسلام: مثل كوشيارالديلمي، وعليه وعلى مثله يعتمد من تكلم في الرؤية منهم.
وقد أنكر ذلكعليه حذاقهم مثل: أبي علي المروذي القطان وغيره، وقالوا: إنه تشوق بذلك عندالمسلمين؛ وإلا فهذا لا يمكن ضبطه"...
باختصار
و



كتبه م .عبد المنعم الشحات


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ،
مع من نصوم؟ سؤال يتكرر كل عام، وربما سأله البعض بصيغة: هل نصوم مع مصر؟ أم مع السعودية؟
مع أنه من الناحية الفقهية لا يتصور طرح السؤال بهذه الصورة، وإنما الصيغة الفقهية للسؤال: مع من نصوم مع بلدنا؟ أم مع أول بلد تعلن دخول الشهر؟ والإجابة لا تخرج عن إحدى إجابتين، إما مطلقًا أو بشروط، إما أن نصوم مع بلدنا. أو نصوم مع أول بلد يعلن دخول الشهر. وهل يختلف ذلك بالطريقة التي اعتمدتها بلدنا، أو البلد التي سبقتها بإعلان دخول الشهر -حال حدوث ذلك- أفي إعلان الشهر أم لا؟
كل هذه أسئلة يطرحها المسلمون، والإجابة تختلف بحسب مذهب المسئول، ونظرته للأدلة، شأنها شأن كل مسائل الخلاف الكثيرة في الفقه الإسلامي، إلا أن صعوبة هذه المسألة في أنها مسألة مركبة من عدة مسائل فقهية، ونحن نحاول في هذا العرض الموجز ذكر المسائل التي ينظر فيها الفقيه قبل إجابته على هذا السؤال، دون تفصيل للأدلة، وإنما مقصودنا وضع تصور واضح عن المسألة من الناحية الفقهية، وسوف نرتب المسائل على دورها في حسم الإجابة.
أولاً: مسألة من رأى الهلال وحده (ومثلها من خالف مذهب أهل بلده).
هذه المسألة هي أهم مسألة يجب النظر فيها للإجابة عن هذا السؤال، وهي بذلك مقدمة على مسألة اتحاد المطالع، واختلافها، ومسألة الحساب الفلكي.
والناظر في هذه المسألة سيترجح لديه أحد ثلاثة أقوال:
الأول: الالتزام بما أعلن في بلده مطلقًا، وهذا هو مذهب جمهور المعاصرين،الشيخ ابن باز، والشيخ بكر أبو زيد، عملاً بقوله- صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس).
الثاني: أنه يلتزم بمذهب نفسه. إلا أنه يسر بالفطر إذا أفطر وحده، وربما ذهب البعض إلى أنه يعمل بمذهب نفسه في الصوم دون الفطر.
الثالث: أنه يلتزم بما يعلن في بلده، إن كان يوافق مذهبًا سائغًا من المذاهب المتنوعة، وأما إذا لم يكن، كالعمل بالحساب الفلكي في دخول الشهر، رغم عدم رؤية الهلال فلا يعمل به.
والذي يرى الرأي الأول فإنه يفتي مباشرة بوجوب اتباع المعلن في بلده، ولا تؤثر في فتاواه اختياره في المسائل الأخرى كاتحاد المطالع والحساب الفلكي، لأنه مهما كان مذهبه فسوف يلتزم بمذهب بلده.
وهذا الذي يذهب إليه شيخنا ياسر برهامي المشرف على الموقع مع التحفظ على اعتبار الحساب كافياً في الإثبات لأنه مخالف لإجماع السلف. ومثله من يرى العمل بما أعلن عنه في بلده إذا وافق قولاً سائغاً، إلا إذا عمل أهل بلده بالحساب الفلكي لدخول الشهر، دون رؤية الهلال.
وأما من يختار في هذه المسألة، وجوب العمل بمذهب نفسه فسوف يحتاج إلى تحقيق مذهبه في المسألتين الأخيرتين.
المسألة الثانية: مدى اعتبار الحساب الفلكي في إثبات الشهر:
والناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
الأول: العمل بالحساب الفلكي مطلقا. وهو قول شاذ مخالف لإجماع السلف.
الثاني: رفض العمل بالحساب الفلكي مطلقا. وهو مذهب جمهور المعاصرين.
الثالث: العمل بالحساب الفلكي في النفي، لا في الإثبات. يعني رد شهادة الشهود إذا ما شهد الشهود على رؤية الهلال بينما يجمع الحساب على استحالة وجود الهلال في السماء. فيعتبرونها من باب رد الشهادة الشهود إذا خالفت الحس. وهو مبدأ مقرر عند الفقهاء كافة، وإن لم يتفقوا على جعل هذه الصورة منه.
وأما إثبات دخول الشهر بمجرد الحساب من غير رؤية الهلال ولو في غيم فهو مجمع على بدعيته.
وهذه المسألة سوف يحتاجها من لا يرى الالتزام بأي إعلان دخول للشهر يكون قائماً على مذهب مبتدع. وكذلك من يرى الالتزام بما يعلن في بلده بشرط أن يكون أحد الأقوال المعتبرة في الفقه الإسلامي.
ومن كان هذا حاله فإنه سيعمل بإعلان بلده. إلا إذا قام على الحساب الفلكي، فإنه سوف ينتظر إعلان من أول بلد لا تعتمد على الحساب الفلكي.
المسألة الثالثة: اتحاد المطالع واختلافها:
وهذه المسألة الأكثر شهرة، بينما ترتيبها في تكوين الفتوى بالتزام بما أعلن عنه في بلد أم لا؟ هو هذا الترتيب، فإذا كان الباحث يرى أنه ملزم بما يعلن عنه في بلده. فالأمر عنده محسوم كما أسلفنا، وإلا فهو مضطر للبحث أولا مسألة أثر الحساب الفلكي في إعلان الشهر، ليحدد ما هو ضابط اعتبار رؤية ما صحيحة هل تكفي شهادة الشهود؟ أم يشترط عدم مخالفتها للحس كالحساب الفلكي إذا كان متفقاً عليه وبلغ الحساب مبلغ التواتر- وبعد هذا وبناء على منهجه في مسألة اتحاد المطالع واختلافها والتي اختلف العلماء فيها على مذهبين أساسيين:
الأول: متى ظهر الهلال في بلد وجب على جميع البلاد الصوم والفطر معها. وهو ما يعرف باتحاد المطالع.
الثاني: لا يلزم. وأنه يلزم أهل كل بلد رؤيتهم -وهو ما اشتهر باختلاف المطالع-، مع أن مسألة اختلاف المطالع أحد الأقوال في اعتبار اختلاف البلاد، ويتفرع على القول الثاني وضع حد للبلد على اختلاف واسع بين الفقهاء في ذلك.
وبناء على ذلك فمن يرى اتحاد المطالع يعمل بأول إعلان رؤية صحيحة -بناء على شروط ذلك عنده-، وأما من يرى اختلافها فيعمل برؤية بلده فقط. وعلى أية حال فالجميع يشدد على أن من خالف ما عليه عامة الناس فعليه أن يستسر بأي مظهر مخالف كالفطر في حالة الفطر، وصلاة القيام جماعة في حالة الصوم، وكذا التزام بالخروج لصلاة القيام جماعة في حالة الفطر قبل الناس مراعاة بأنهم ما زالوا يعملون ببقاء الشهر، ويَسَع الإمام أن يصلي معهم حتى ولو كان يعتقد أن تلك هي ليلة العيد، حيث لا يوجد ما يمنع من قيام ليلة العيد إذا كان ذلك لحاجة، وإنما المنع في القصد إلى ذلك.
مذهب دار الإفتاء المصرية
والذي استقر عليه العمل بدار الإفتاء المصرية هو:
الاعتماد على الرؤية البصرية للهلال في إثبات الشهر شريطة ألا يخالف الحساب -وهو مذهب معتبر-.
القول باتحاد المطالع.
وبناء علي ذلك فهم يعملون بأول رؤية تصدر عن بلد إسلامي، شريطة أن يقر الحُساب بإمكان ميلاد الهلال في هذه البلد في تلك الليلة. وبالتالي فإنه يعمل معهم من كان موافقاً لهم في المذهب. أو من كان يرى وجوب إتباع المعلن في بلده بغض النظر عن مذهبه. وأما من لهم مذهب مخالف ويرون وجوب إتباع مذهب أنفسهم فيعملون به وفق الضوابط السابق ذكرها.

تكملة البحث
قال الشيخ ياسرتعليقا على حديث بن عباس

وهذا هو فهم الصحابة والسلف كما نقله الترمذي عن أهل العلم دون تخصيص أو تقييد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) متفق عليه، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون) رواه الترمذي، وصححه الألباني، وفي رواية: (الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس).
فالخطاب عند الصحابة موجه لأهل كل محلة عملُهم واحد بقول حاكمٍ أو قاضٍ أو مفتٍ أو عالم؛ فطالما كان عملهم واحداً فيلزم العمل بعمل أهل المحلة، ولم يفهموا -أي: الصحابة رضي الله عنهم- منه أنه موجه للأمة بأسرها أو أن ألفاظ: (الناس) أو (يوم تفطرون) أو (يوم تصومون) مقصود بها المسلمون في أرجاء الأرض المختلفة، وقد نقل ابن عبد البر -رحمه الله- الإجماع على أن ما تباعد من الأقطار كالأندلس وخراسان لا تلزمهم رؤية بعضهم، فدل ذلك على إجماع العلماء على أن الخطاب في الحديث، ولفظ: (الناس) في الحديث الآخر ليس على عمومه لجميع المسلمين في العالم.ومع أن هذا هو الذي نرجحه في هذه المسألة؛ إلا أن الخلاف فيها ما يزال سائغا عند عامة أهل العلم، وإن كان عامتهم من السلف والخلف لا يرون للمخالف أن يخالف أهل بلده؛ لأن المسألة عندهم من النوع الذي يَرفعُ فيه حكمُ الحاكم الخلافَ في حق المعينين، وإن خالف أحد فلا يرون له إظهار خلافه لأهل بلده، فلا يظهر الفطر في آخر أيام رمضان، ولا يجمع الناس على صلاة القيام، أو يأمرهم بالصيام، أو يصرح بأن من أفطر لعدم ثبوت الرؤية في بلده وإن ثبت في بلدٍ آخر هو مفطر ليوم من رمضان، وكذا لا يجوز جمع الناس على صلاة العيد تبعا لبلد غير بلده -الذي يصوم الناس فيه هذا اليوم على أنه من رمضان-، وهذا الذي لابد أن يُنبه له الإخوة في جميع البلاد.
يبقى أمر آخر وهو مشروعية العمل بالحساب؛ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة ثلاثين ومرة تسعة وعشرين) متفق عليه.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) رواه البخاري.

وقال
ونُقل الاتفاق على عدم مشروعية العمل بالحساب عن السلف -رضوان الله عليهم- ونحب أن نبين أولا أن للمسألة شقين كثيرا ما يقع الخلط بينهما:
1- الشق الأول: وهو العمل بالحساب في إثبات دخول الشهر ولو لم ير الهلال، وهذا القول مخالف لصريح الحديث في وجوب العمل بالرؤية، وهذا هو الذي عُدَّ فيه المخالف شاذا، وإن كان يوجد من عهد التابعين من يقول بهذه المسألة؛ إلا أنه لا يعتد بخلافه عند عامة أهل العلم ولا يكون اختلافا سائغا.
2- الشق الثاني: وهو عدم قبول شهادة الشهود المثبتين للرؤية إذا خالفوا الحساب، والبعض يظن أن هذا تقديم للعمل بالحساب على الرؤية مطلقا فيدخله في النوع الأول الذي يكون الخلاف فيه غير سائغ، والصحيح أن هذه المسألة لها حالان:
الحال الأول: أن يكون الحساب ظنيا لقلة عدد من يحسب، ولأن مقدماته ظنية ولوقوع الاختلاف بين الحساب في زاوية الرؤية ومقدار مكث الهلال بعد الغروب حتى تمكن رؤيته ونحو ذلك؛ فهذه الحالة ملحقة بالنوع الأول الذي لا يسوغ فيه تقديم العمل بالحساب على شهادة الشهود، وإن كان يستفاد من الحساب لزوم التأكد من الشهادة وعدالة الشهود وضبطهم ونحو ذلك.


وقال الشيخ ياسر برهامى
الحال الثاني: أن يكون الحساب قطعيا أو قريبا من القطعي مثل: لحظة ميلاد الهلال، وهي حالة ينكرها الكثيرون ممن لا يعلمون إمكانية ذلك، مع كونهم يشاهدون عيانا ما يخبر به الحساب من توقيت الشروق والغروب للشمس والقمر، وباقي أوقات الصلوات، وكذا الكسوف والخسوف بالدقيقة والثانية، مما أصبح مشاهدا متكررا لا ينكره إلا مكابر.
ويظن البعض أن الشرع حرم الحساب مع أن الحديث لا يدل على ذلك بوجه من الوجوه، بل تعلم الحساب والنظر فيه جائز، وقد سماه الله في كتابه علما، وامتن به على عباده، فقال: (وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)(الإسراء:112)، فمنه ما يكون علما ومنه ما يكون ظنا، وكما لم يدل الحديث على تحريم الكتابة والانتفاع بها فلا يدل على تحريم الحساب والانتفاع به، ولكن يدل على عدم حاجة الأمة في عبادتها له، بل يمكن لأي أحد من الأمة في أي مكان أن يؤدي عبادته كاملة دون حاجة إلى الحساب، وبعض الناس يظن من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إنكار هذا النوع القطعي من الحساب مع أن كلامه يدل على إثباته