"لفتا" تلك القرية الوادعة، بوابة القدس الغربية والشمالية، قرية فلسطينية تم تدميرها عام 1948 مثلها مثل غيرها من القرى العربية الفلسطينية، لم يخطئ المؤرخون حين أطلقوا عليها اسم لفتا.
تقع لفتا إلى الشمال الغربى من القدس الشريف فوق رقعة مرتفعة من جبال القدس، وعلى السفح الغربى لجبل خلة الطرحة، وهى تشرف على أحد المجارى العليا لوادى الصرار، وهو وادى الشامى الذى يجرى فى طرفها الشمالى، وتخترق لفتا طريق القدس- يافا وكذلك طريق القدس- رام الله، وتصلها طرق معبدة وبعضها ممهدة تصلها بقرى دير ياسين وعين كارم والجورة وبيت إكسا وقالونيا والقسطل ومتوسط الارتفاع بالأمتار عن سطح البحر لقرية لفتا 675 مترًا.
وتقول الرواية الشفوية إن اسم (لفتا) بكسر اللام وتسكين الفاء، هو الاسم الموروث عن الآباء والأجداد. فى عهد أجدادنا الأوائل الكنعانيين عرفت باسم (نفتوح) بمعنى الفتح باللغة الكنعانية، أما فى الفترة الرومانية فقد عرفت باسم (مى نفتوح Mey Nephtoah(كما أطلق عليها اسم نفتو فى الحكم البيزنطى، وفى أيام الصليبيين عرفت القرية باسم كليبستا وفى عام 1596م كانت قرية لفتا من ناحية القدس.
ليس هناك من سبب واضح جلى لتسمية لفتا بهذا الاسم، ولا شك فى أن تغيرات كثيرة تمر على حروف الكلمة خلال الأزمنة المتطاولة، ونتيجة لتعاقب جيوش الدول والحضارات على البلدان، فكيف بأرض فلسطين المباركة المقدس، ولفتا من هذه الأرض المباركة، ربما اتخذت هذا الاسم مؤخرًا، حيث أخذت من مادة لفت يلفت التفاتًا، وربما جاء هذا الاسم نتيجة لإحاطتها بمدينة القدس الشريف، حيث يجول الواقف ببيت المقدس بناظريه، فيجد أرضًا لهذه القرية محيطة بالقدس، حيثما التفت.
قرية أحب أهلها التعليم، كان لديهم كتاتيب فى الثلاثينيات من القرن العشرين وما قبلها، ومن ينهى من أهلها الكتاب كان ينطلق ليكمل دراسته فى مدارس القدس ثم منها إلى الأزهر الشريف فى جمهورية مصر العربية.
أول مدرسة فى القرية تأسست عام 22 كان فيها ثلاث غرف صفية يدرس فيها للصف الثالث وعام 34 أصبحت المدرسة ابتدائية كاملة وكان عدد طلابها عام 1940 حوالى 300 طالب من لفتا والقرى المجاورة.
عدد سكانها عام 22 قدر حوالى 1451 وعام 45 حوالى 2550 نسمة، وعام 1948 قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بهدم بيوتها التى بلغت 450 بيتا ولم يبق منها إلا العشرات، شرد اهلها البالغ عددهم اليوم 42000 نسمة والذين يقيمون فى الثدس والضفة والدول العربية هذا وما يزال بعض سكانها يقيمون على التلة الفرنسية اللتى كانت يوما جزءا من لفتا.
على أراضيها أقيم الكثير من المؤسسات الإسرائيلية مثل البرلمان الإسرائيلى والكنيست ووزارة الخارجية والداخلية ومكتب رئاسة الوزراء والبنك المركزى الإسرائيلى، ومحطة الباصات ومبنى الجامعة العبرية وقسم من مستشقى هداسا وفنادق عديدة.
وكأن الذى حدث لا يشفى غل محتل حاقد إذ تأتى المخططات الحديثة لتكمل على ما تبقى من لفتا، حيث تخطط قوات الاحتلال إلى إقامة حى سكنى ومجمع تجارى وكنيس وفندق ومتحف على ما تبقى من أراضى لفتا وهذه المخططات ستكون على حساب المسجد والمقام والمقبرة وبالتالى سيتم هدم ما تبقى من آثار القرية التى ظلت صامدة منذ نكبة 1948 ولتعيد بلك ذكرى الهدم والتشريد من جديد.
وبتوجهك لآثار القرية الباقية لن يقتلك إلا مشهد المنزل الذى ظل صامدا فى وجه رياح الظلم والتهويد، غائط وبول وخمر ومحراب يغض النظر عن الفواحش التى يشهدها كل يوم على أرضه الطاهرة، ثم انهيارات وأصوات جرافات كبيرة وبلدوزرات تلتهم سفوح القرية كذئاب جائعة.
المفضلات