smal120101515334

وُجدت قواميس اللغة؛ لتعتنى بمفرداتها، وتُنميها، وترتقى بها، وتُخلّدها، مثلما يفعل قاموس اكسفورد.. ولكن للمصرى قاموس لغوى خاص جداً كخصوصيته، يضم بين دفتييه كل ما يبكيك على لغتك التى تسلّمتها من الله، وأنت ترى نهايات تاريخ الكلمات والعبارات وقد انزلقت من على ألسنتنا ولامست طين الأرض، وتدنّست به !
فى هذا القاموس كلمات لوثنا سمعتها، مثل كلمة : "امرأة"، التى قال عنها آدم : "هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى، هذه تُدعى امرأة لانها من امرء أخذت"، فأطلقت أولاً على حواء، ثم على كل امرأة متزوجة، أما المصرى فقد جعلها إشارة إلى الإنسانة الخاطئة، فأصبحت سبّة موجعة!
وهناك كلمات فقدت معانيها فأصبحت بلا معنى، مثل كلمة: "العشرة"، التى كنا نتمسك بها ونقول: "بيننا عشرة سنين"، ففى غضبنا، نخسر صديق طفولة من أجل كلام لا معنى له، ونخسر أخا رائعا بسبب فتنة انتشرت بيننا، وندمّر أجمل أيام حياتنا مع من نحب بسبب أتفه الأشياء!
كما أن هناك كلمات لها مرادفات غير حقيقتها، مثل جملة: "كل سنة وأنت طيب".. يقولها البعض بداعٍ وغير داعٍ، يقولها المتسول وهو يحاول إيقافك فى الشارع، ويقولها الكنّاس الذى يقترب من سيارتك أثناء توقفها فى إشارة مرور، ويقولها عامل فى مصلحة حكومية عندما يقدم لك ما هو واجب عليه عمله، كلغة ابتزاز.
وكلمات تبدلت معانيها نهائياً، ككلمة: "الشرطة"، فلم تعد تعنى الحماية والاطمئنان، بل أصبحت تعنى: "التلفيق، والتعذيب، والموت".
وكلمة: "العطاء"، التى تبدلت من هدف إلى وسيلة.
و"الحب"، من روح إلى لعبة.
و"الصوم"، من عبادة ونشاط إلى عادة وكسل.
و"الشهادة الجامعية"، من مستقبل إلى لوحة على جدار.
أما كلمة: "شيخ"، فقد فقدت هيبتها، عندما اتسع مداها.. فلم تعد قاصرة على الكبير فى السن، أو رجل الدين، بل وكل من يطلق لحيته على هواها،...،...،...
اعذرونى لأنى لم أتمكن من سرد معانى كل الكلمات الواردة بالقاموس، فهو ضخم بضخامة كل هذه التلويثات، وكل هذه التبديلات، وكل هذه الانحدارات.