حين نزلَ الله جل وعلا على رسوله إلى العالمين خاتمة رسالاته إلى البشر ليهتدوا إلى الخالق الواحد عز وجل وخرج بها نبينا الكريم إلى قريش فأذاقوه ومن اتبعه العذاب، وكان الله قادرا على حماية نبيه، وحماه فعلا بفضل منه ورحمة، وكان الحق جل وعلا قادرا أيضا على أن يحمى جموع المؤمنين المسلمين الذين اتبعوا رسول الحق لكن ماذا حدث؟

أراد الله العظيم أن يجاهد المؤمنون حتى تستقيم الدعوة وفقا للقانون.. للمنهج.. الإنسان هو قائد التطور، وهو المستخلف من قبل الرحمن الرحيم.

ماذا حدث قبل أكثر من 1400 سنة حين خرج أربعين رجلا بعد ثلاثة عشر سنة من الدعوة السرية يعلنون للعالم أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه خاتم الرسل، وأنه أتى بكتاب بين حق؟، بدأ المشركون فى اضطهاد المسلمين وتعذيبهم ومقاطعتهم وحصارهم حتى يرجعوا عن ما آمنوا به، لكنهم استمسكوا بالحق، واعتصموا بالله وقاوموا الظلم إلى أن رزقهم الله فتحا مبينا.

والمتتبع للسيرة النبوية العطرة يجد أن الرسول صلوات الله عليه وسلامه تعرض للاضطهاد والأذى، وعن البخارى ما رواه خباب رضى الله عنه قال "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد برده فى ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة شديدة فقلت يا رسول الله ألا تدعو الله فقعد وهو محمر وجهه فقال إن كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه".

لكن المدهش والغريب أننا فى زمان غير الزمان، وبين ناس غير الناس، وأولئك الذين يدعون الحرية واحترام الآخر، ويزعمون انتهاج سياسة الحوار يفعلون مع الرسول وهو فى الجنات العلا ما فعله المشركون فى صدر الدعوة، يحاولون إهانته، واضطهاده، والعبث بتاريخه، ويجاريهم فى ذلك البعض من مدعى الثقافة والمدنية والتحضر.

وما وجد هؤلاء منفذا للناس إلا وكالوا للرسول الكريم الإهانة تلو الأخرى، وليس بعيدا عنا ما يحدث وأنتم تتابعون هذه السطور، وعلى الفيس بوك الذى يتجاوز عدد أعضائه السبعين مليونا فى كل يوم تجد مجموعة جديدة كل همها إهانة رسولنا الكريم. وفى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، يمنعون المسلمين من التمسك بشعائرهم وقيمهم ومسلكهم ومظهرهم ويسمحون للمتشدقين بالحرية وجنود الشيطان بسب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، أينما حلوا.

وقد علمنا الرسول الكريم أننا الأعلى، وأن علينا واجبا تجاه ديننا وأمتنا ورسولنا بأن نرفع عنه الأذى، وحين طارده "سراقة" عندما بدأ رحلة الهجرة برفقة صاحبه الصديق أبو بكر قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرفيق دربه "لا تحزن إن الله معنا"، ونحن يا رسولنا الكريم لن نحزن لأننا نثق أن الله معنا.

أما أولئك الذين يسبونك ومن خلفهم طابور خامس يعيش بعضه بيننا فهم الخاسرون، لأننا ندرك أن الله استخلفنا فى هذه الأرض، وسنعلم أبناءنا كيف ينتصرون بقيمهم وحضارتهم التى أضاءت عصورا مظلمة وقارات لم تكن لها قائمة فما كان من أهلها بعد أن سرقوا علمنا وحضارتنا إلا الحرص على ألا تقوم لنا قائمة، ثم كانت موجات العنف والكراهية التى تسبب فيها منهج يقوم على الاستعلاء والعنصرية والاحتلال والسطو على الحضارات.