جاءتْ فجاءَ الطِّيبُ ينتشِرُ
من غَيْرِ عِطْر شَعْرُهَا عَطِرُ
تغدو فيغدو السِّحر ُوالخَفَرُ
تمضي فيمضي النُّورُ والقَمَرُ
ميَّاسةٌ في كفِّها عَبَقٌ
وَجْهُ المرايا جِيْدُهَا النَّضِرُ
وَرَدِيَّةُ الخدَّينِ ليسَ لها
خَالٌ ولا في ثغْرِهِا كَدَرُ
مَمْشًوقَةُ الْقَوَامِ مُرْهَفَةٌ
ما مسَّها كِبْرٌ ولا كِبَرُ
حوراءُ قد هامَ الفؤادُ بها
سلِّمْ عليها أيُّها النَّظَرُ
تغادرُ الصّفَ كأنَّ بها
جُرحاً جرى في ظلِّهِ الضَّجَرُ
يبدو على أجفانها قَلَقٌ
قد همَّها ما يسفِرُ القَدَرُ
أحْبَبتَها يا قلبُ سوف ترى
درباً حزيناً بَدْؤُهُ السَّهرُ
وسترى ما لم ترَ عِبَرَاً
من قبلُ يا قلبُ فَتَعْتَبِرُ
أبدتْ وكلُّ الجَدِّ يَعْتَذِرُ
لطفاً فجدَّ الوجدُ يستعِرُ
قد كنْتَ تشكو كلما فرغَتْ
من دَرْسِها أو ضَمَّهَا السَّفَرُ
غدَاً ستشقى وَهْيَ راحِلةٌ
إن كنتَ منها منكَ تعْتَذِرُ
كيف الوصالُ؟دلَّني فأنا
راضٍ وقد راقتْ ليَ الفكَرُ
علَّمتنِي كيفَ الهوى فلمَ؟
علَّمتنِي!ولسْتَ تصْطَبِرُ
ما مرَّ طيفُها الجميلُ بِنَا
إلا وراحَ الدَّمعُ يَنْهَمِرُ
فَاهْدَأْ-هداكَ الله-ليسَ لنا
عند المها وِدٌّ ولا خَبَرُ
لن تعْرفَ الهوى من غيرِ نوىً
أقسى الهوى لو رُحْتَ تَنْتَظِرُ
إن َّالهوى والشَّوقُ يتبعُهُ
نارٌ وكيفَ النَّارُ تستَتِرُ
فلتَعْلَمِي يا مَوْجَ ذاكِرَتِي
أنِّي أرى الأشواقَ تزدَهرُ
ولتعلمي يا عشقَ أوردتي
أنَّ الوِدَادَ ليس َيُبْتَكَرُ

منقول