(1)
(
كُنّا أسياداً في الغابة.

قطعونا من جذورنا
.

قيّدونا بالحديد
. ثمّ أوقفونا خَدَماً على عتباتهم.

هذا هو حظّنا من التمدّن
.)

ليس في الدُّنيا مَن يفهم حُرقةَ العبيد
مِثلُ الأبواب
!

(2)
ليس ثرثاراً
.

أبجديتهُ المؤلّفة من حرفين فقط
تكفيه تماماً
للتعبير عن وجعه
:

(
طَقْ ) ‍!

(3)
وَحْدَهُ يعرفُ جميعَ الأبواب
هذا الشحّاذ
.

ربّما لأنـه مِثلُها
مقطوعٌ من شجرة
!

(4)
يَكشِطُ النجّار جِلدَه
..

فيتألم بصبر
.

يمسح وجهَهُ بالرَّمل
..

فلا يشكو
.

يضغط مفاصِلَه
..

فلا يُطلق حتى آهة
.

يطعنُهُ بالمسامير
..

فلا يصرُخ
.

مؤمنٌ جدّاً
لا يملكُ إلاّ التّسليمَ
بما يَصنعهُ
الخلاّق
!

(5)
(
إلعبوا أمامَ الباب )

يشعرُ بالزَّهو
.

السيّدةُ
تأتمنُهُ على صغارها
!

(6)
قبضَتُهُ الباردة
تُصافِحُ الزائرين
بحرارة
!

(7)
صدرُهُ المقرور بالشّتاء
يحسُدُ ظهرَهُ الدّافىء
.

صدرُهُ المُشتعِل بالصّيف
يحسدُ ظهرَهُ المُبترد
.

ظهرُهُ، الغافِلُ عن مسرّات الدّاخل،
يحسُدُ صدرَهُ
فقط
لأنّهُ مقيمٌ في الخارِج
!

(8)
يُزعجهم صريرُه
.

لا يحترمونَ مُطلقاً
..

أنينَ الشّيخوخة
!

(9)
ترقُصُ ،
وتُصفّق
.

عِندَها
حفلةُ هواء
!

(10)
مُشكلةُ باب الحديد
إنّهُ لا يملِكُ
شجرةَ عائلة
!

(11)
حَلقوا وجهَه
.

ضمَّخوا صدرَه بالدُّهن
.

زرّروا أكمامَهُ بالمسامير الفضّية
.

لم يتخيَّلْ،
بعدَ كُلِّ هذهِ الزّينة،
أنّهُ سيكون
سِروالاً لعورةِ منـزل
!

(12 )
طيلَةَ يوم الجُمعة
يشتاق إلى ضوضاء الأطفال
بابُ المدرسة
.

طيلةَ يوم الجُمعة
يشتاقُ إلى هدوء السّبت
بابُ البيت
!

(13)
كأنَّ الظلام لا يكفي
..

هاهُم يُغطُّونَ وجهَهُ بِستارة
.

(
لستُ نافِذةً يا ناس ..

ثُمّ إنني أُحبُّ أن أتفرّج
.)

لا أحد يسمعُ احتجاجَه
.

الكُلُّ مشغول
بِمتابعة المسرحيّة
!

(14)
أَهوَ في الدّاخل
أم في الخارج ؟
لا يعرف
.

كثرةُ الضّرب
أصابتهُ بالدُّوار
!

(15)
بابُ الكوخ
يتفرّجُ بكُلِّ راحة
.

مسكينٌ بابُ القصر
تحجُبُ المناظرَ عن عينيهِ، دائماً،
زحمةُ الحُرّاس
!

(16)
(
يعملُ عملَنا

ويحمِلُ اسمَنا
لكِنّهُ يبدو مُخنّثاً مثلَ نافِذة
.)

هكذا تتحدّثُ الأبوابُ الخشَبيّة
عن البابِ الزُّجاجي
!

(17)
لم تُنْسِهِ المدينةُ أصلَهُ
.

ظلَّ، مثلما كان في الغابة،
ينامُ واقفاً
!

(18)
المفتاحُ
النائمُ على قارعةِ الطّريق
..

عرفَ الآن،
الآن فقط،
نعمةَ أن يكونَ لهُ وطن،
حتّى لو كان
ثُقباً في باب
!

(19)
(-
مَن الطّارق ؟

-
أنا محمود .)

دائماً يعترفون
..

أولئكَ المُتّهمون بضربه
!

(20)
ليسَ لها بيوت
ولا أهل
.

كُلَّ يومٍ تُقيم
بين أشخاصٍ جُدد
..

أبوابُ الفنادق
!

(21)
لم يأتِ النّجارُ لتركيبه
.

كلاهُما، اليومَ،
عاطِلٌ عن العمل
!

(22)
-
أحياناً يخرجونَ ضاحكين،

وأحياناً
.. مُبلّلين بالدُّموع،

وأحياناً
.. مُتذمِّرين.

ماذا يفعلونَ بِهِم هناك ؟
!

تتساءلُ
أبوابُ السينما
.

(23)
(
طَقْ .. طَقْ .. طَقْ )

سدّدوا إلى وجهِهِ ثلاثَ لكمات
..

لكنّهم لم يخلعوا كَتِفه
.

شُرطةٌ طيّبون
!

(24)
على الرّغمَ من كونهِ صغيراً ونحيلاً،
اختارهُ الرّجلُ من دونِ جميعِ أصحابِه
.

حَمَلهُ على ظهرِهِ بكُلِّ حنانٍ وحذر
.

أركَبهُ سيّارة
.

(
مُنتهى العِزّ )..قالَ لنفسِه.

وأمامَ البيت
صاحَ الرّجُل
: افتحوا ..

جِئنا ببابٍ جديد
لدورةِ المياه
!

(25)
-
نحنُ لا نأتي بسهولة.

فلكي نُولدَ،
تخضعُ أُمّهاتُنا، دائماً،
للعمليّات القيصريّة
.

يقولُ البابُ الخشبي،
وفي عروقه تتصاعدُ رائِحةُ المنشار
.

-
رُفاتُ المئات من أسلافي ..

المئات
.

صُهِرتْ في الجحيم
..

في الجحيم
.

لكي أُولدَ أنا فقط
.

يقولُ البابُ الفولاذي
!

(26)
-
حسناً..

هوَ غاضِبٌ مِن زوجته
.

لماذا يصفِقُني أنـا ؟
!

(27)
لولا ساعي البريد
لماتَ من الجوع
.

كُلَّ صباح
يَمُدُّ يَدَهُ إلى فَمِـه
ويُطعِمُهُ رسائل
!

(28)
(
إنّها الجنَّـة ..

طعامٌ وافر،
وشراب،
وضياء ،
ومناخٌ أوروبـّي
.)

يشعُرُ بِمُنتهى الغِبطة
بابُ الثّلاجة
!

(29)
-
لا أمنعُ الهواء ولا النّور

ولا أحجبُ الأنظار
.

أنا مؤمنٌ بالديمقراطية
.

-
لكنّك تقمعُ الهَوام.

-
تلكَ هي الديمقراطية !

يقولُ بابُ الشّبك
.

(30)
هاهُم ينتقلون
.

كُلُّ متاعِهم في الشّاحِنة
.

ليسَ في المنـزل إلاّ الفراغ
.

لماذا أغلقوني إذن ؟
!

(31)
وسيطٌ دائمٌ للصُلح
بين جِدارين مُتباعِدَين
!

(32)
في ضوء المصباح
المُعلَّقِ فوقَ رأسهِ
يتسلّى طولَ الليل
بِقراءةِ
كتابِ الشّارع
!

(33)
(
ماذا يحسبُ نفسَه ؟

في النّهاية هوَ مثلُنا
لا يعملُ إلاّ فوقَ الأرض
.)

هكذا تُفكِّرُ أبواب المنازل
كُلّما لاحَ لها
بابُ طائرة
.

(34)
من حقِّهِ
أن يقفَ مزهوّاً بقيمته
.

قبضَ أصحابُهُ
من شركة التأمين
مائة ألفِ دينار،
فقط
..

لأنَّ اللصوصَ
خلعوا مفاصِلَه
!

(35)
مركزُ حُدود
بين دولة السِّر
ودولة العلَن
.

ثُقب المفتاح
!

(36)
-
محظوظٌ ذلكَ الواقفُ في المرآب.

أربعُ قفزاتٍ في اليوم
..

ذلكَ كُلُّ شُغلِه
.

-
بائسٌ ذلك الواقفُ في المرآب.

ليسَ لهُ أيُّ نصيب
من دفءِ العائلة
!

(37)
ركّبوا جَرَساً على ذراعِه
.

فَرِحَ كثيراً
.

مُنذُ الآن،
سيُعلنون عن حُضورِهم
دونَ الإضطرار إلى صفعِه
!

(38)
أكثرُ ما يُضايقهُ
أنّهُ محروم
من وضعِ قبضتهِ العالية
في يدِ طفل
!

(39)
هُم عيّنوهُ حارِساً
.

لماذا، إذن،
يمنعونَهُ من تأديةِ واجِبه ؟
ينظرُ بِحقد إلى لافتة المحَل
:

(
نفتَحُ ليلاً ونهاراً) !

(40)
-
أمّا أنا.. فلا أسمحُ لأحدٍ باغتصابي.

هكذا يُجمِّلُ غَيْرتَه
الحائطُ الواقف بينَ الباب والنافذة
.

لكنَّ الجُرذان تضحك
!

(41)
فَمُهُ الكسلان
ينفتحُ
وينغَلِق
.

يعبُّ الهواء وينفُثهُ
.

لا شُغلَ جديّاً لديه
..

ماذا يملِكُ غيرَ التثاؤب ؟
!

(42)
مُعاقٌ
يتحرّكُ بكرسيٍّ كهربائي
..

بابُ المصعد
!

(43)
هذا الرجُلُ لا يأتي، قَطُّ،
عندما يكونُ صاحِبُ البيتِ موجوداً
!

هذهِ المرأةُ لا تأتي، أبداً ،
عندما تكونُ رَبَّةُ البيتِ موجودة
!

يتعجّبُ بابُ الشّارع
.

بابُ غرفةِ النّوم وَحدَهُ
يعرِفُ السّبب
!

(44)
(
مُنتهى الإذلال.

لم يبقَ إلاّ أن تركبَ النّوافِذُ
فوقَ رؤوسنا
.)

تتذمّرُ
أبوابُ السّيارات
!

(45)
-
أنتَ رأيتَ اللصوصَ، أيُّها الباب،

لماذا لم تُعطِ أوصافَـهُم ؟
-
لم يسألني أحد !

(46)
تجهلُ تماماً
لذّةَ طعمِ الطّباشير
الذي في أيدي الأطفال،
تلكَ الأبوابُ المهووسةُ بالنّظافة
!

(47)
-
أأنتَ متأكدٌ أنهُ هوَ البيت ؟

-
أظُن ..

يتحسّرُ الباب
:

تظُنّ يا ناكِرَ الودّ ؟
أحقّاً لم تتعرّف على وجهي ؟
!

(48)
وضعوا سعفتينِ على كتفيه
.

-
لم أقُم بأي عملٍ بطولي.

كُلُّ ما في الأمر
أنَّ صاحبَ البيتِ عادَ من الحجّ
.

هل أستحِقُّ لهذا
أن يمنحَني هؤلاءِ الحمقى
رُتبةَ
( لواء ) ؟!

(49)
ليتسلّلْ الرّضيع
..

لتتوغّلْ العاصفة
..

لا مانعَ لديهِ إطلاقاً
.

مُنفتِح
!

(50)
الجَرسُ الذي ذادَ عنهُ اللّطمات
..

غزاهُ بالأرق
.

لا شيءَ بلا ثمن
!

(51)
يقفُ في استقبالِهم
.

يضعُ يدَهُ في أيديهم
.

يفتحُ صدرَهُ لهم
.

يتنحّى جانباً ليدخلوا
.

ومعَ ذلك،
فإنَّ أحداً منهُم
لم يقُلْ لهُ مرّةً
:

تعالَ اجلسْ معنا
!

(52)
في انتظار النُزلاء الجُدد
..

يقفُ مُرتعِداً
.

علّمتهُ التّجرُبة
أنهم لن يدخلوا
قبل أن يغسِلوا قدميهِ
بدماءِ ضحيّة
!

(53)
(
هذا بيتُنـا )

في خاصِرتي، في ذراعي،
في بطني، في رِجلي
.

دائماً ينخزُني هذا الولدُ
بخطِّهِ الرّكيك
.

يظُنّني لا أعرف
!

(54)
(
الولدُ المؤدَّب

لا يضرِبُ الآخرين
.)

هكذا يُعلِّمونهُ دائماً
.

أنا لا أفهم
لماذا يَصِفونهُ بقلَّةِ الأدب
إذا هوَ دخلَ عليهم
دون أن يضربَني ؟‍
!

(55)
-
عبرَكِ يدخلُ اللّصوص.

أنتِ خائنةٌ أيتها النّافذة
.

-
لستُ خائنةً، أيها الباب،

بل ضعيفة
!

(56)
هذا الّذي مهنتُهُ صَدُّ الرّيح
..

بسهولةٍ يجتاحهُ
دبيبُ النّملة
!

(57)
(
إعبروا فوقَ جُثّتي.

إرزقوني الشّهادة
.)

بصمتٍ
تُنادي المُتظاهرين
بواّبةُ القصر
!

(58)
في الأفراح أو في المآتم
دائماً يُصابُ بالغَثيان
.

ما يبلَعهُ، أوّلَ المساء،
يستفرغُهُ، آخرَ السّهرة
!

(59)
اخترقَتهُ الرّصاصة
.

ظلَّ واقفاً بكبرياء
لم ينـزف قطرةَ دَمٍ واحدة
.

كُلُّ ما في الأمر أنّهُ مالَ قليلاً
لتخرُجَ جنازةُ صاحب البيت
!

(60)
قليلٌ من الزّيت بعدَ الشّتاء،
وشيءٌ من الدُّهن بعد الصّيف
.

حارسٌ بأرخصِ أجر
!

(61)
نحنُ ضِمادات
لهذه الجروح العميقة
في أجساد المنازل
!

(62)
لولاه
..

لفَقدتْ لذّتَها
مُداهماتُ الشُّرطة
!

(63)
هُم يعلمون أنهُ يُعاني من التسوّس،
لكنّ أحداً منهم
لم يُفكّر باصطحابِهِ إلى
طبيب الأسنان
!

(64)
-
هوَ الذي انهزَم.

حاولَ، جاهِداً، أن يفُضَّني
..

لكنّني تمنَّعْتُ
.

ليست لطخَةَ عارٍ،
بل وِسامُ شرَف على صدري
بصمَةُ حذائه
!

(65)
-
إسمع يا عزيزي ..

إلى أن يسكُنَ أحدٌ هذا البيت المهجور
إشغلْ أوقات فراغِكَ
بحراسة بيتي
.

هكذا تُواسيهِ العنكبوت
!

(66)
ما أن تلتقي بحرارة الأجساد
حتّى تنفتحَ تلقائيّاً
.

كم هي خليعةٌ
بوّاباتُ المطارات
!

(67)
-
أنا فخورٌ أيّتُها النافذة.

صاحبُ الدّار علّقَ اسمَهُ
على صدري
.

-
يا لكَ من مسكين !

أيُّ فخرٍ للأسير
في أن يحمِل اسمَ آسِرهِ ؟
!

(68)
فكّوا قيدَهُ للتّو
..

لذلكَ يبدو
مُنشرِحَ الصَّدر
!

(69)
تتذمّرُ الأبواب الخشبيّة
:

سَواءٌ أعمِلنا في حانةٍ
أم في مسجد،
فإنَّ مصيرَنا جميعاً
إلى النّار
!

(70)
في السّلسلةِ مفتاحٌ صغيرٌ يلمع
.

مغرورٌ لاختصاصهِ بحُجرةِ الزّينة
.

-
قليلاً من التواضُعِ يا وَلَد..

لولايَ لما ذُقتَ حتّى طعمَ الرّدهة
.

ينهرُهُ مفتاحُ البابِ الكبير‍
!

(71)
يُشبه الضميرَ العالمي
.

دائماً يتفرّج، ساكتاً، على ما يجري
بابُ المسلَخ
!

(72)
في دُكّان النجّار
تُفكّرُ بمصائرها
:

-
روضةُ أطفال ؟ ربّما.

-
مطبخ ؟ مُمكن.

-
مكتبة ؟ حبّذا.

المهمّ أنها لن تذهبَ إلى السّجن
.

الخشَبُ أكثرُ رقّة
من أن يقوم بمثلِ هذه المهمّة
!

(73)
الأبوابُ تعرِفُ الحكايةَ كُلَّها
من
( طَقْ طَقْ )

إلى
( السَّلامُ عليكم.)


دمعة على جثمان الحرية

رقم القصيدة
: 1641
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


أنا لا أ كتب الأشعار فالأشعار تكتبني ،
أريد الصمت كي أحيا، ولكن الذي ألقاه ينطقني ،
ولا ألقى سوى حزن، على حزن، على حزن ،
أأكتب أنني حي على كفني ؟
أأكتب أنني حر، وحتى الحرف يرسف بالعبودية ؟
لقد شيعت فاتنة، تسمى في بلاد العرب تخريبا ،
وإرهابا
وطعنا في القوانين الإلهية ،
ولكن اسمها والله
... ،

لكن اسمها في الأصل حرية

شعر الرقباء

رقم القصيدة
: 1636
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


فكرت بأن أكتب شعراً
لا يهدر وقت الرقباء
لا يتعب قلب الخلفاء
لا تخشى من أن تنشره
كل وكالات الأنباء
ويكون بلا أدنى خوف
في حوزة كل القراء
هيأت لذلك أقلامي
ووضعت الأوراق أمامي
وحشدت جميع الآراء
ثم
.. بكل رباطة جأش

أودعت الصفحة إمضائي
وتركت الصفحة بيضاء
!

راجعت النص بإمعان
فبدت لي عدة أخطاء
قمت بحك بياض الصفحة
..

واستغنيت عن الإمضاء
!


ما قبل البداية

رقم القصيدة
: 1647
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


ما قبل البدايـة
:

كُنتُ في
( الرّحـْمِ ( حزينـاً

دونَ أنْ أعرِفَ للأحـزانِ أدنى سَبَبِ
!

لم أكُـنْ أعرِفُ جنسيّـةَ أُمّـي
لـمْ أكُـنْ أعرِفُ ما ديـنُ أبـي
لمْ أكُـنْ أعرِفُ أنّـي عَرَبـي
!

آهِ
.. لو كُنتُ على عِلْـمٍ بأمـري

كُنتُ قَطَّعتُ بِنفسي
( حَبْـلَ سِـرّي )

كُنتُ نَفّسْتُ بِنفسي وبِأُمّـي غَضَـبي
خَـوفَ أنْ تَمخُضَ بي
خَوْفَ أنْ تقْذِفَ بي في الوَطَـنِ المُغتَرِبِ
خَوْفَ أنْ تـَحْـبـَل مِن بَعْـدي بِغَيْري
ثُـمّ يغـدو
- دونَ ذنبٍ

عَرَبيـّاً
.. في بِلادِ العَرَبِ !

الختـان
:

ألبَسـوني بُرْدَةً شَفّافـَةً
يَومَ الخِتانْ
.

ثُمّ كانْ
بَـدْءُ تاريـخِ الهَـوانْ
!

شَفّـتِ البُردةُ عَـنْ سِـرّي،
وفي بِضْـعِ ثَوانْ
ذَبَحـوا سِـرّي
وسـالَ الدّمُ في حِجْـري
فَقـامَ الصَّـوتُ مِـن كُلِّ مَكانْ
أَلفَ مَبروكٍ
..
وعُقبى لِلّسـانْ !



التكفير والثورة

رقم القصيدة
: 1716
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


كفرتُ بالأقـلامِ والدفاتِـرْ
.

كفرتُ بالفُصحـى التي
تحبـلُ وهـيَ عاقِـرْ
.

كَفَرتُ بالشِّعـرِ الذي
لا يُوقِفُ الظُّلمَ ولا يُحرِّكُ الضمائرْ
.

لَعَنتُ كُلَّ كِلْمَةٍ
لمْ تنطَلِـقْ من بعـدها مسيرهْ
ولـمْ يخُطِّ الشعبُ في آثارِها مَصـيرهْ
.

لعنتُ كُلَّ شاعِـرْ
ينامُ فوقَ الجُمَلِ النّديّـةِ الوثيرةْ
وَشعبُهُ ينـامُ في المَقابِرْ
.

لعنتُ كلّ شاعِـرْ
يستلهِمُ الدّمعـةَ خمـراً
والأسـى صَبابَـةً
والموتَ قُشْعَريـرةْ
.

لعنتُ كلّ شاعِـرْ
يُغازِلُ الشّفاهَ والأثداءَ والضفائِرْ
في زمَنِ الكلابِ والمخافِـرْ
ولا يرى فوهَـةَ بُندُقيّـةٍ
حينَ يرى الشِّفاهَ مُستَجِيرةْ
!

ولا يرى رُمّانـةً ناسِفـةً
حينَ يرى الأثـداءَ مُستديرَةْ
!

ولا يرى مِشنَقَةً
حينَ يرى الضّفـيرةْ
!

**
في زمَـنِ الآتينَ للحُكـمِ
على دبّابـةٍ أجـيرهْ
أو ناقَـةِ العشيرةْ
لعنتُ كلّ شاعِـرٍ
لا يقتـنى قنبلـةً
كي يكتُبَ القصيـدَةَ الأخيرةْ
!


هويّة
..



رقم القصيدة
: 1720
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


في مطـارٍ أجنبيْ
حَـدّقَ الشّرطيُّ بيْ
-
قبلَ أنْ يطلُبَ أوراقـي -

ولمّـا لم يجِـدْ عِنـدي لساناً أو شَفَـهْ
زمَّ عينَيــهِ وأبـدى أسَفَـهْ
قائلاً
: أهلاً وسهـلاً

..
يا صـديقي العَرَبـي !


حوار على باب المنفى

رقم القصيدة
: 1721
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


لماذا الشِّعْرُ يا مَطَـرُ ؟
أتسألُني
لِماذا يبزغُ القَمَـرُ ؟
لماذا يهطِلُ المَطَـرُ ؟
لِماذا العِطْـرُ ينتشِرُ ؟
أَتسأَلُني
: لماذا ينزِلُ القَـدَرُ ؟!

أنَـا نَبْتُ الطّبيعـةِ
طائـرٌ حُـرٌّ،
نسيمٌ بارِدٌ ،حَـرَرُ
محَـارٌ
.. دَمعُـهُ دُرَرُ !

أنا الشَجَـرُ
تمُـدُّ الجـَذْرَ من جـوعٍ
وفـوقَ جبينِها الثّمَـرُ
!

أنا الأزهـارُ
في وجناتِها عِطْـرٌ
وفي أجسادِها إِبَـرُ
!

أنا الأرضُ التي تُعطي كما تُعطَى
فإن أطعَمتها زهـراً
ستَزْدَهِـرُ
.

وإنْ أطعَمتها ناراً
سيأكُلُ ثوبَكَ الشّررُ
.

فليتَ
) ا للا ّت ( يعتَبِرُ

ويكسِـرُ قيـدَ أنفاسي
ويَطْلبُ عفـوَ إحسـاسي
ويعتَـذِرُ
!

*
لقد جاوزتَ حَـدَّ القـولِ يا مَطَـرُ

ألا تدري بأنّكَ شاعِـرٌ بَطِـرُ
تصوغُ الحرفَ سكّيناً
وبالسّكينِ تنتَحِــرُ ؟
!

أجَـلْ أدري
بأنّي في حِسـابِ الخانعينَ، اليـومَ،
مُنتَحِـرُ
ولكِـنْ
.. أيُّهُم حيٌّ

وهُـمْ في دوُرِهِـمْ قُبِـروا ؟
فلا كفُّ لهم تبدو
ولا قَـدَمٌ لهـمْ تعـدو
ولا صَـوتٌ، ولا سَمـعٌ، ولا بَصَـرُ
.

خِـرافٌ ربّهـمْ عَلَـفٌ
يُقـالُ بأنّهـمْ بَشَـرُ
!

شبابُكَ ضائـعٌ هَـدَراً
وجُهـدُكَ كُلّـهُ هَـدَرُ
.

بِرمـلِ الشّعْـرِ تبني قلْعَـةً
والمـدُّ مُنحسِـرُ
فإنْ وافَـتْ خيولُ الموجِ
لا تُبقـي ولا تَـذَرُ
!

هُـراءٌ
..

ذاكَ أنَّ الحـرفَ قبلَ الموتِ ينتَصِـرُ
وعِنـدَ الموتِ ينتَصِـرُ
وبعـدَ الموتِ ينتَصِـرُ
وانَّ السّيفَ مهمـا طالَ ينكَسِـرُ
وَيصْـدأُ
.. ثمّ يندَثِـرُ

ولولا الحرفُ لا يبقى لهُ ذِكْـرٌ
لـدى الدُّنيـا ولا خَـبَرُ
!

وماذا مِن وراءِ الصّـدقِ تنتَظِـرُ ؟
سيأكُلُ عُمْـرَكَ المنفـى
وتَلقى القَهْـرَ والعَسْـفا
وترقُـبُ ساعـةَ الميلادِ يوميّاً
وفي الميلادِ تُحتضَـرُ
!

وما الضّـرَرُ ؟
فكُلُّ النّاسِ محكومـونَ بالإعـدامِ
إنْ سكَتـوا، وإنْ جَهَـروا
وإنْ صَبَـروا، وإن ثأَروا
وإن شَكـروا، وإن كَفَـروا
ولكنّي بِصـدْقي
أنتقي موتاً نقيّـاً
والذي بالكِذْبِ يحيا
ميّتٌ أيضَـاً
ولكِـنْ موتُـهُ قَـذِرُ
!

وماذا بعْـدُ يا مَطَـرُ ؟
إذا أودى بيَ الضّجَـرُ
ولـمْ أسمَعْ صـدى صـوتي
ولـمْ ألمَـح صـدى دمعـي
بِرَعْـدٍ أو بطوفـانِ
سأحشِـدُ كُلّ أحزانـي
وأحشِـدُ كلّ نيرانـي
وأحشِـدُ كُلّ قافيـةٍ
مِـنَ البارودِ
في أعمـاقِ وجـداني
وأصعَـدُ من أساسِ الظُلْمِ للأعلى
صعـودَ سحابـةٍ ثكْـلى
وأجعَـلُ كُلّ ما في القلبِ
يستَعِـرُ
وأحضُنُـهُ
.. وَأَنفَجِـرُ !



ضدّ التيار
..



رقم القصيدة
: 1724
نوع القصيدة
: فصحى
ملف صوتي
: لا يوجد


الحائِطُ رغـمَ توَجُّعِـهِ
يتحَمّـلُ طَعْـنَ المِسمـارْ
والغُصـنُ بِرَغـمِ طراوَتِـهِ
يحمِـلُ أعشاشَ الأطيـارْ
.

والقبْـرُ برغمِ قباحَتِـهِ
يرضـى بنمـوِّ الأزهـارْ
.

وأنـا مِسماري مِزمـارْ
وأنـا منفـايَ هوَ الدّارْ
وأنَـا أزهـاري أشعـارْ
فلِمـاذا الحائِطُ يطعَـنُني ؟
والغُصـنُ المُتَخَفّـفُ منّـي
.. يستـَثـقِلُني ؟

ولِماذا جَنّـةُ أزهـاري
يحمِلُها القبـرُ إلى النّـارْ ؟
أسألُ قلبي
:

ما هـوَ ذنبي ؟
ما ليَ وحـدي إذْ أنثُرُ بَذرَ الحُريّـةِ
لا أحظـى من بعـدِ بِذ ا ري
إلاّ بنمـوِّ الأسـوارْ ؟
!

يهتِفُ قلـبي
:

ذنبُكَ أنّكَ عُصفـورٌ يُرسِـلُ زقزَقَـةً
لتُقَـدَّمَ في حفلَـةِ زارْ
!

ذنبُكَ أنّكَ موسيقيٌّ
يكتُبُ ألحانـاً آسِـرةً
ليُغنيها عنـهُ
.. حِمـارْ !

ذنبُكَ أنّكَ ما أذْنَبتَ
..

وعارُكَ أنّكَ ضِـدَّ العـارْ
!

**
في طوفـانِ الشّرفِ العاهِـرِ
والمجـدِ العالـي المُنهـارْ
أحضُـنُ ذنـبي
بِيـَدَيْ قلـبي
وأُقبّـلُ عاري مُغتَبِطـاً
لوقوفـي ضِـدَّ التّيـارْ
.

أصـرُخُ
: يا تيّـارُ تقـدّمْ

لنْ أهتَـزَّ ،ولـنْ أنهـارْ
بلْ سَتُضارُ بيَ ألا وضـارْ
.

يا تيّـارُ تقـدّم ضِـدّي
لستُ لوَحـد ي
فأنا
.. عِنـدي !

أنَا قبلـي أقبلتُ بوعْـدي
وسأبقى أبعَـدَ مِنْ بعـدي
مادمـتُ جميـعَ الأحـرارْ
!